مازالت أصداء إكتساح الإسلاميين للإنتخابات البرلمانية المصرية تدوى فى إنحاء العالم ما بين متخوف من المستقبل الذى ستكون عليه مصر من حكم الإسلاميين وما بين من يحاول التعامل مع الامر الواقع الجديد الذى فرض نفسه فى مصر. ولأن مصر بلد إستراتيجى وقلب الشرق الأوسط وما يحدث فى مصر يصبح مسار حديث كل العالم ،أعلن رئيس الوزراء الكندي ستيفن هاربر أن كندا تخشى أن يكون النظام الجديد في مصر أسوأ من نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك. وفي مقابلة ستبثها، مساء اليوم الاثنين، محطة التلفزيون الكندية «سي تي في»، أشار هاربر إلى أن «هناك بوضوح قوى تريد الديموقراطية وتغييرات تقدمية، لكن من الواضح أن هناك قوى أخرى تريد أمراً قد يكون على الأرجح أسوأ مما كنا عليه»، مضيفاً، «كنا دائماً مترددين بعض الشيء بخصوص مصر». ويبدي بعض المصريين الليبراليين، وبعض الغربيين، قلقاً حيال النفوذ المتزايد للمجموعات التي تدعو الى تطبيق متطرف للشريعة الإسلامية، والتي من الممكن أن تكون لها سلطة كبيرة في البرلمان. من جهته، قال وزير التعليم الإسرائيلي جدعون ساعر، خلال مقابلة مع الإذاعة العامة الإسرائيلية، إن إسرائيل ستطوَّق بقواعد إرهابية من كل اتجاه بعد صعود الإسلاميين المتطرفين لحكم مصر، على حد تعبيره، لافتاً «أنه يجب النظر إلى الواقع كما هو، وأنه يخطئ المصابون بالعمى الراغبون فى مواصلة الانسحاب من الأراضي التي استولت عليها إسرائيل، وجعل إسرائيل مطوقة كلياً، ومحاطة بقواعد إرهابية إسلامية متطرفة». وقد أعرب زميله، وزير المالية يوفال شتاينتس، عن قلقه الشديد من الأوضاع التي تمر بها مصر، في أعقاب الثورة والانتخابات الأخيرة، التي أظهرت مدى قوة جماعة الإخوان المسلمين في الشارع المصري، مشيراً، خلال مقابلة مع إذاعة الجيش الإسرائيلي، إلى «أن ما صرحت به الحركة السلفية في مصر عن نيتها احترام اتفاقية السلام مع إسرائيل، مع تغييرها بعض البنود الواردة في الاتفاق، فاجأني، وأعتقد أنه يجب علينا الانتظار إلى ما بعد الانتخابات للنظر إلى ما ستؤول إليه الأمور». ويأتى هذا التخوف من الأجواء السياسية في مصر التى تشهد تصاعداً للسجال بين جماعة الاخوان المسلمين والعديد من القوى العلمانية. وقدم احد كوادر الجماعة بلاغا الى النائب العام المصري ، يتهم فيه عددا من نشطاء الحركة الاشتراكية بالتحريض على قلب نظام الحكم وافتعال الفوضى والعنف في البلاد، امر قوبل بالرفض من قبل الاشتراكيين . وقال احمد عزت القيادي في حركة الاشتراكيين : مانشيت الصفحة الاولى لصحيفة الحرية والعدالة حمل عنوانا يتهم الاشتراكيين بانهم وراء العنف ، وبعدها يتقدم جمال تاج الدين ببلاغ للنائب العام ضد ثلاثة وصفهم بانهم اعضاء في حركة الاشتراكيين ويحرضون على اسقاط الدولة. واكد ان هذا ليس اتهاما بل هو شرف ، فالحركة فعلا تريد اسقاط دولة الاستبداد وحكم العسكر ، وبناء دولة العدل والحرية والمساواة ما بين جميع المواطنين. وفى الوقت الذي تسعى فيه الاحزاب والقوى السياسية الى اخراج مصر من تبعات النظام السابق, خرج حزب النور السلفي ليعلن وفي وسائل اعلامية صهيوينة احترامه لمعاهدة كامب ديفيد مع الكيان الاسرائيلي، موقف اثار العديد من التساؤلات . وقال علي عبد العال الباحث في شؤون الجماعات الاسلامية: هم تحدثوا عن اعتبار الاتفاقية امر واقع وان كان قد تم التوقيع عليها في ظل نظام استبدادي ولم يكن الشعب المصري موافقا عليها. هي إذا حالة من الحراك السياسي في مصر يرى المراقبون أنه لن ينتهي الا بكتابة دستور جديد للبلاد يلقى قبولا عاما من الجميع. وفى نفس السياق أكدت مجلة "أتلانتك" الأمريكية أن الحالة المسيطرة على مصر الآن تبرهن على حالة من اليأس التي تملكت الجميع، فالسياسيون بكم فاشلون والنشطاء ترعاهم واشنطن، والأهم من كل ذلك هو وضع المجلس العسكرى الميئوس منه. وأضافت المجلة أن المراقبين للمشهد المصري، يجزمون بحالة مثيرة للغضب واليأس، وخاصة بعد العنف المشين الذي شهدته أحداث مجلس الوزراء، مما يزيد الموقف تعقيدا، في ظل حالة من الُبكم تملكت الجميع وعلى رأسهم السياسيون الجدد". وأشارت المجلة إلى أن العنف المندلع في مصر والمشابه لقمع الشرطة الذي مارسه النظام السابق، ولكن السؤال الآن وفقا للمجلة: "ما الذي ستسفر عنه هذه الحالة من الغضب والغليان؟". واستنكرت المجلة بشدة مشهد الجندي المصري الذي يجرد بكل حماس فتاة من ثيابها ويركلها عارية، مؤكدة ان الغضب الشعبي رد فعل طبيعي لهذا المشهد، فضلا عن مشهد الجنود المرتدين ملابس مدنية وهم يرمون الحجارة والقنابل الحارقة من فوق سطح الطابق الخامس لمبنى مجلس الوزراء، في الوقت الذي قضى فيه المعتصمون أسابيع سلمية يشهد عليها العالم. واتهمت المجلة السلطة المصرية المتمثلة في المجلس العسكري وحكومته بارتكاب جرائم القتل والضرب التي اندلعت بقصر العيني مؤكدة أن الدولة المسئول عن تلك الجرائم. كما وصفت المجلة اللواء عادل عمارة بالغطرسة في لقائه بالصحفيين المصريين عقب تلك الأحداث، متهما وسائل الإعلام بعدم الدقة أو الحيادية، بالضبط كما فعل الجنرالات الامريكيون في السنوات الأولى لاحتلال العراق، عندما علقوا أخطاءهم على وسائل الإعلام. كما اتهمت كمال الجنزوري رئيس الوزراء الجديد بأنه أحد أعضاء "الثورة المضادة"، مستنكرة: "لماذا العنف ضد المتظاهرين، وضد المرأة، وضد الأجانب؟"، هل يريد العسكري تخويف الناس وإخضاعهم؟" ، وخاصة في الوقت الذي لا تزال فيه كل السلطات في يد المؤسسة العسكرية؟. على صعيد آخر، سعت أحزاب إسلامية، اليوم، إلى دعم البورصة المصرية، من خلال التأكيد أن التعامل في البورصة ليس حراماً شرعاً، وذلك وسط أجواء القلق والترقب في السوق، عقب الفوز الكاسح للإسلاميين في المرحلتين الأولى والثانية من الانتخابات البرلمانية. وبينما كانت عدسات نحو 15 قناة فضائية تنقل كلمات ممثلي الأحزاب عن البورصة، والاستثمار فيها، وأهمية تشجيع المستثمرين على ضخ أموالهم فيها، كانت الأسهم المصرية تهبط وسط ضعف شديد في قيم التداول. وقال الأمين العام المساعد في حزب الحرية والعدالة عادل حامد، خلال مؤتمر صحفي عُقد في مقر البورصة المصرية في القاهرة، «نحن لا نحرّم التعامل في البورصة، كل سوق فيه ما هو حرام وما هو حلال، مؤسسات الدولة هي التي تحدد الحرام والحلال، لا الأحزاب». بدوره، لفت ممثل حزب النور السلفي أنه «مستثمر في البورصة منذ عام 1996، وهناك فتوى صدرت من محمود سعيد نائب رئيس الدعوة السلفية عام 2006 تقر بمشروعية المتاجرة في الأسهم». وخسر المؤشر المصري الرئيسي نحو 50 بالمئة منذ بداية 2011، وفقدت أسهمه حوالى 193 مليار جنيه (32.1 مليار دولار) من قيمتها السوقية وسط الاضطرابات السياسية والاقتصادية التي صاحبت ثورة 25 يناير. وأخيرا ومهما كانت التخوفات من حكم الإسلاميين فهم لن يكونوا أسوأ مما كانت عليه مصر فى عهد مبارك ونتنمى الخير لمصر.