صدرت مؤخرًا عن المركز القومي للترجمة، الطبعة العربية من كتاب " الحب في فكر سورن كيركجور"، والكتاب من إعداد شانتال آن، وترجمة محمد رفعت عواد، ومراجعة إبراهيم فتحي. وسورن كيركجور أبو الوجودية، المولود في كوبنهاجن بالدانمارك، في العام 1813م، والمتوفى في العام1855، يعتبره النقاد الرائد الأول للوجودية، مؤمنة وملحدة على حد سواء، لكنه يعتبر مؤسس الوجودية المؤمنة، فهو واحد من أهم الفلاسفة واللاهوتين في عصرنا الحاضر، كما تصدى للمحاولات التي تهدف إلى خلق مذاهب ميتافيزيقية تجريدية، فهو أيضًا مفكر ديني ذو اهتمامات فلسفية، وهو مصطلح بروتستانتي من طراز لوثر، كما أراد أن يثبت عدم جدوى الحياة بدون إيمان. وقد عاش وحيدًا، ومات وحيدًا، وأراد أن يظل بعد وفاته، مثلما كان في حياته، لغزًا يستعصي على الفهم. وهو صاحب مجموعة من المؤلفات التي صدرت بأسماء مستعارة، وهي المؤلفات التي أطلق عليها " المؤلفات الجمالية "، ثم " المؤلفات الفلسفية "، وتقع وسطًا بين المجموعة الجمالية و" المجموعة الدينية"، التي صدرت باسم كيركجور الصريح؛ خلافًا للمجموعتين الأوليين. ركزت المؤلفة في هذا المبحث على موضوع " الحب في أفكار كيركجور، الذي عبر عنه من وجة نظر أخلاقية، وبأسلوب يتميز بالاتزان والهدوء. فقد بذل قصارى جهده في أن يستوفي الموضوع، فالحب يظهر كاصطلاح عادي، يشغل حيزًا مركزيًا بين أشياء أخرى، بصورة متكررة، وملحوظة، ومفهرسة، مع اختيار اصطلاحات مميزة توجد في العمل الفني في مجموعه، وهناك كذلك نقاط التقاء خاصة في جميع المؤلفات التي تحمل أسماء مستعارة، وتلك التي بتوقيع كيركجور. في تخيل كيركجور ذي الطابع الشخصي، يزعم أن " ليس لدى الرب سوى عاطفة واحدة، أن يكون محبوبًا". وقد أعجبه ذلك، وارتضاه أن يتدبر بصورة وجودية مع البشر الأنماط المختلفة التي يمكن عن طريقها معايشة الحب والتمعن في دراسة ما يمكن حبه. إن "الأمر الجاد تمامًا هو أن المشيئة الحقيقية للرب هي الحب، وإرادة أن يكون لا متناهيًا". في الدراسة التي قام بها " ميشيل كورنو" عن "كيركجور واتصال الحاة" يعالج فيها موضوع الحب بشكل أوسع، ويدخله في موضوع الاتصال، فيما تقوم الفرضية هنا على اعتبار الحب هو الموضوع الأساسي، وتدخل بقية الموضوعات ضمنه. ويتم توزيع الحب على ثلاثة أنواع رئيسة، حسب حدوثتها، وظهورها في المؤلفات مختلفة، منها مؤلفات أو أجزاء يشكل فيها الحب الموضوع الرئيس، وهي ربع إنتاج المطبوعات التي ظهرت في حياة المؤلف، ونحو ثلث أو نصف الإنتاج الذي ظهر بأسماء مستعارة. وقد أخذت المؤلفة بعض مقتطفات غير كاملة من هذا التراث، الذي لم يطبع في حياة كيركجور، وحصلت فقط على " جدلية الاتصال الاخلاقي الديني"، حيث أتيحت لها الفرصة لإدخال تلك المصطلحات الدانماركية، التي يقابلها باللغة الفرنسية كلمة الحب بكل غموضها وازداوجيتها وتعدد معانيها. في مؤلفات كيركجور لا وجود لأي وله جنسي، أو تركيز على الشهوة الجنسية أو اهتمام زائد بموضوع الرغبة، وإنما نجد مناظرة فكرية فلسفية تتلاقى مع المفاهيم الرئيسة لتشكل الجو العام لأراءه. وهي أن الحب عنده ليس فكرة ثابتة، وإنه لا يعني شيئًا بدون الفرد الذي يقوم به.