أثبتت النتائج الأولية للانتخابات البرلمانية فى مصر صحة توقعات المراقبين، بشأن ميل الكفة لصالح الأحزاب الدينية وعلى رأسها حزبى "الحرية والعدالة" و"النور" .. فى تكرار واضح لما جرى فى فعاليات الانتخابات البرلمانية التى جرت مؤخرا فى المغرب ومن قبلها تونس. وفيما كانت النزاهة - أو قدر كبير وغير مسبوق منها - هى العامل المشترك الرئيسي فى كل من العملية الانتخابية التى جرت فى هذه الدول، التى تنسمت اثنتان منها عبير الحرية، وأثارتا رياح الربيع العربي، وهما ومصر وتونس، وتلتهما المغرب التى حاول نظامها اللحاق بركب الحرية، فإن وجه الغرابة فى هذا الأمر قد تمثل فى تلك المخاوف الزاعقة فى الإعلام الغربى والمحلى من صعود نجم القوى الإسلامية على الصعيد السياسي، وهو ما بدى جليا فى كم المواد المقروءة والمذاعة فضائيا والتى ساهمت جميعها فى خلق ما اصطلح على تسميتها بالفزاعة الإسلامية.. على الرغم من المحاولات المستمرة من جانب قيادات الأحزاب الإسلامية سواء فى مصر أو غيرها، من أجل تهدئة المخاوف فى الداخل والخارج، خاصة فى ظل سيادة مفاهيم مغلوطة عن نوايا هذه الأحزاب بشأن تطبيق الشريعة الإسلامية بحذافيرها وبدرجة من التشدد، فى بلاد إما يسكنها أقليات قبطية - كما هو الحال فى مصر - أو خضعت طويلا لنظم حكم علمانية كما هو الحال فى تونس والمغرب وغيرهما. إلا أنه وفيما يتعلق بمصر على وجه التحديد، فإن الزيارات المتكررة التى قام بها قيادات جماعة "الإخوان المسلمون" إلى الولاياتالمتحدة خلال الأسابيع القليلة الماضية، إلى جانب لقاءات أخرى جرت هنا فى القاهرة بين مسئولين رسميين رفيعي المستوى من الجانب الأميريكي وبين نظراء لهم من الإخوان، قد أثار جدلا كبيرا حول الأسباب التى تدعو الجماعة إلى السير حذو قيادات النظام البائد، من حيث عدم اتخاذ أى قرار سياسي داخلى إلا بعد الحصول على "البركة" من البيت الأبيض - كما أكد محللون كثر على مدى الأيام القليلة الماضية. وهو ما يعطى الفرصة للكثيرين لإثارة شكوك حول نوايا الإخوان الحقيقية، فى ظل تصاعد حدة الغضب الشعبى من أمريكا، التى تساند ألد أعداء الأمة وهو الكيان الصهيونى على حساب الحقوق العربية فى الأراض المحتلة وهو الغضب الذى بلغ مداه أثناء الهبة الشعبية الكبرى التى على إثرها تم إحراق السفارة الصهيونية، فيما طال واشنطن الكثير من شرر هذا الغضب، التى وجد متنفسه أخيرا بعد قيام ثورة يناير التى أزاحت القيود التى وضعها النظام البائد ضد الهجوم على الولاياتالمتحدة المتهمة دائما بمحاولة الهيمنة على مواقع صنع القرار فى جميع دول المنطقة. السؤال الذى يفرض نفسه إذن، هل ستستمر جماعة "الإخوان المسلمون" فى تبنيها لقضايا الأمة (الإسلامية) وعلى رأسها القضية الفلسطينية وهو ما سوف يضعها عاجلا أم آجلا فى مواجهة شرسة ضد الكيان الصهيو - أميريكي، أم سوف نشهد تنازلا إخوانيا تلو الآخر من أجل ضمان المزيد من الصعود السياسي - الماكيافيللى - كما يتهمها البعض؟؟ الأيام القليلة القادمة قد تكشف الكثير وربما المثير من الإجابات.