كوندى كوندوليزا رايس: المخلوع رفض دعوتى له بإجراء انتخابات ديمقراطية
حاولت كوندوليزا رايس - وزيرة خارجية أمريكا السابقة - التماهى مع أحداث الربيع العربى، والثورات التى قلبت موازين القوى فى منطقة الشرق الأوسط، فى غير صالح الولايات المتحدة،عندما زعمت في مذكراتها، أن الإدارة الأميريكية حاولت إقناع الرئيس المخلوع "حسنى مبارك"، بانتهاج مسار أكثر ديمقراطية مع شعبه، دون جدوى. وذكرت "كوندى" - كما اشتهرت - فى مذكراتها أنه أثناء انتخابات البرلمان المصرى عام 2005، ألح المسئولون الأميريكيون على القيادة السياسية للنظام البائد من أجل إعطاء الفرصة للمصريين
فى الحصول على انتخابات نزيهة، إلا أن مبارك واصل إصراره بدوره على الاستمرار فى تزوير الانتخابات بهدف ضمان بقاء جميع مقاليد الحكم تحت سيطرته، وقالت "كوندى" أنها انفردت بالرئيس مبارك فى جلسة خاصة بشرم الشيخ، محاولة إقناعه بمزيد من الحريات لشعبه، إلا أنه رد عليها بأن هذا الشعب لا يستجيب إلا إلى حكم القوة، وزعم المخلوع بدوره أن المصريين يرفضون التدخل الأجنبى فى شئون البلاد.
ويبدو أن العانس الأميريكية الأشهر، إن لم تكن تكذب، فهى تحاول – عبثا – أن تتجمل، أو ربما بدأت تعانى من مظاهر الخرف، حيث لا خلاف بين المتابعين عن كثب لمسار العلاقات المصرية - الأميريكية عبر سنوات العهد البائد، على أن هذا النظام الفاسد والمرفوض من شعبه المقهور لعقود طويلة، لم يكن ليمارس سلطاته الاستبدادية بدون موافقة أميريكية ضمنية وعلنية، وهو ما يتبدى فى زيارات الحج السياسى التى كان يقوم بها الرئيس المخلوع – سنويا - ثم ابنه جمال من بعده، وهى اللقاءات التى لم تكن تسفر إلا عن مزيد من (الاستقرار) للنظام الحاكم على قلب شعبه بالحديد والنار. ومن ينسى أن الوريث المحبوس حاليا كان على اتصال وثيق بالإدارة الأميريكية من أجل ضمان مساندتها له ليخلف والده على سدة الحكم، بمشاركة رفاق النهب المنظم لثروات مصر، وعلى رأسهم أحمد عز ويوسف بطرس غالى وغيرهم. وبالطبع كانت الديكتاتورية المحمية بعمليات التزوي المنظمة التى شهدتها الانتخابات فى كل دوراتها خلال الثلاثين عام الماضية، هى الركيزة الأولى لتكريس بقاء النظام البائد، وكذلك للحفاظ على مصالح الكيان الصهيو - أميريكي بالمنطقة، حيث كانت مصر - مبارك، هى الحليف الأهم والأول لهذا الحلف الاستعماري، الذى فقد الكثير من أصابعه ومخالبه فى الشرق الأوسط بسقوط الأنظمة الاستبدادية فى كل مصر وتونس وليبيا، وهو ما يجبر كوندوليزا ورفاقها من شياطين الإدارة الأميريكية على الحديث الناعم مع شعوب هذه الدول بأقاويل مهترئة عن مساندتها لثوراتها التحررية، على الرغم من أن أمريكا لم تساند هذه الثورات إلا عندما فوجئت بأنظمتها الحليفة تتساقط الواحد تلو الآخر.. وثورة 25 يناير تشهد بأن الرئيس الأميركيى " أوباما" لم يعلن تأييده لحق الشعب المصرى فى خلع الديكتاتور مبارك، إلا فى اللحظات الأخيرة من الثورة، وحينئذ فقط، تنحى مبارك. جدير بالذكر أن التواصل بين الولاياتالمتحدة وبين المجلس الأعلى للقوات المسلحة مستمر على مدار الساعة، وعلى كل المستويات السياسية والعسكرية والاستخباراتية، حيث تسربت تقارير مؤخرا تشير إلى أن هناك اتفاق بين الجانبين على تقليم أظافر الثورة المصرية، وتحويلها لمجرد (انتقاضة) أو (حركة إصلاحية) .. من خلال الإبقاء على الأذرع الأميريكية السياسية والاقتصادية فى مصر، بعيدة عن المساءلة عن جرائم الفساد التى ارتكبوها ضد الشعب، بل ومحاولة مساعدتهم على استعادة نفوذهم الضائع بشرعنة أوضاعهم عبر صناديق الانتخاب، فى ظل اتهامات مستمرة ضد "العسكرى" بأنه إذا كان قد حمى الثورة منذ بدايتها، فإنه الآن يحمى الثورة المضادة، بمقصلة الأحكام العسكرية التى نصبها ل12 ألف من شباب الثورة، ورفضه إصدار قانون الغدر لإتاحة الفرصة أمام كبار مزوري الانتخابات من رموز الحزب الوطنى المنحل، لدخول البرلمان القادم، باستخدام سلاح المال ضد شعب غالبيته من الفقراء والأميين سياسيا.