حزب «المصريين»: مؤتمر الوطنية خارطة طريق لانتخابات نزيهة وشفافة    المؤشر نيكي الياباني يتراجع بفعل هبوط أسهم التكنولوجيا    ترامب يلغي الرسوم الجمركية على منتجات غذائية برازيلية    غلق الطريق الصحراوي بالإسكندرية بسبب شبورة كثيفة تعيق الرؤية    محمد صبحي: اوعوا تفتكروا إني اتعالجت على نفقة الدولة ولم أفرح بترشيحي لجائزة الدولة التقديرية (فيديو)    رئيس هيئة الاستثمار يشارك في المؤتمر "المصري العُماني" لبحث فرص الاستثمار المشتركة بين البلدين    رئيس الوزراء: الإنتاج المحلي من اللحوم يغطي 60% من احتياجات مصر    خاص| عبد الله المغازي: تشدد تعليمات «الوطنية للانتخابات» يعزز الشفافية    عراقجي: مستعدون لهجوم إسرائيلي جديد أكثر مما في الحرب الأخيرة وصواريخنا في وضع أفضل    عراقجي يؤكد جاهزية إيران لهجوم إسرائيلي جديد بصواريخ مطوّرة    رئيس جامعة المنوفية يشهد ملتقى التعاون بين الجامعات المصرية والكورية    تأجيل محاكمة عاطلين بتهمة الاتجار في المواد المخدرة بروض الفرج    بسبب أعمال المونوريل.. غلق كلي لمحور 26 يوليو في اتجاه طريق الواحات    أسعار العملات أمام الجنيه المصري اليوم الجمعة 21 نوفمبر 2025    نجوم «صديق صامت» يتألقون على السجادة الحمراء بمهرجان القاهرة    «المهن التمثيلية» تحذر من انتحال اسم مسلسل «كلهم بيحبوا مودي»    فضل سورة الكهف يوم الجمعة وأثر قراءتها على المسلم    دعاء يوم الجمعة.. ردد الآن هذا الدعاء المبارك    ما الأفضل للمرأة في يوم الجمعة: الصلاة في المسجد أم في البيت؟    سرب من 8 مقاتلات إسرائيلية يخترق الأجواء السورية    ضربة لترامب، قرار قضائي بعدم قانونية نشر الحرس الوطني في واشنطن    محمد رمضان يغنى يا حبيبى وأحمد السقا يشاركه الاحتفال.. فيديو وصور    عازف البيانو العالمي لانج لانج: العزف أمام الأهرامات حلم حياتي    لأسباب إنتاجية وفنية.. محمد التاجي يعتذر عن مشاركته في موسم رمضان المقبل    بعد 28 عاما على وفاتها، الأميرة ديانا تعود إلى "متحف جريفين" في باريس ب"فستان التمرد" (صور)    إحالة المتهم بقتل مهندس كرموز ب7 رصاصات في الإسكندرية للمحاكمة الجنائية    إصابة 4 أشخاص في انقلاب توك توك بطريق تمي الأمديد في الدقهلية    التنسيقية: فتح باب التصويت للمصريين بالخارج في أستراليا بالمرحلة الثانية لانتخابات مجلس النواب    القرنفل.. طقس يومي صغير بفوائد كبيرة    كاسبرسكي تُسجّل نموًا بنسبة 10% في المبيعات وتكشف عن تصاعد التهديدات السيبرانية في منطقة الشرق الأوسط    البابا في احتفالية "نيقية.. إيمان حي": العروض كشفت جمال التاريخ ودورنا في حفظ الوديعة التي سلّمها القديسون عبر العصور    بنك مصر والمجلس القومي للمرأة يوقعان بروتوكول تعاون لتعزيز الشمول المالي وتمكين المرأة    الكويت تدين بشدة الهجمات الإسرائيلية على غزة وتدعو لتحرك دولى عاجل    حكام مباريات السبت في افتتاح الجولة الرابعة عشرة بالدوري المصري    تجديد حبس سيدتين بسبب خلاف على أولوية المرور بالسلام    تجديد حبس المتهمين بسرقة طالب بأسلوب افتعال مشاجرة بمدينة نصر    نائب رئيس الألومنيوم يعلن وفاة مدرب الحراس نور الزاكي ويكشف السبب    سبب غياب راشفورد عن تدريبات برشلونة    ستاد المحور: الاتحاد السكندري يقترب من استعارة يوسف أوباما من بيراميدز في الميركاتو الشتوي    ستارمر يستعد لزيارة الصين ولندن تقترب من الموافقة على السفارة الجديدة بدعم استخباراتي    وزير الرياضة يطمئن على وفد مصر في البرازيل بعد حريق بمقر مؤتمر المناخ    وزير السياحة يتابع الاستعدادات النهائية لتشغيل منظومة التأشيرة بالمطارات    مستوطنون يشعلون النار فى مستودع للسيارات بحوارة جنوبى نابلس    دعما للمنتخبات الوطنية.. وزير الرياضة يلتقي هاني أبو ريدة في مقر اتحاد الكرة    أشرف زكى يشيد بحفاوة استقبال سفير مصر فى عمان خلال مشاركته بمهرجان الخليج    "عائدون إلى البيت".. قميص خاص لمباراة برشلونة الأولى على كامب نو    ضياء السيد ل dmc: الرياضة المصرية بحاجة لمتابعة دقيقة من الدولة    مصرع 4 أشخاص إثر حادث تصادم سيارتين بالبحيرة    ستاد المحور: جلسة مرتقبة في الزمالك لتجديد عقد عمر عبد العزيز    تطعيم 352 ألف طفل خلال الأسبوع الأول لحملة ضد الحصبة بأسوان    غلق باب الطعون الانتخابية بعدد 251 طعنا على المرحلة الأولى بانتخابات النواب    تطعيم 352 ألف طفل خلال الأسبوع الأول لحملة ضد الحصبة بأسوان    هل عدم زيارة المدينة المنورة يؤثر على صحة العمرة؟.. أمين الفتوى يوضح    احتفالية مستشفى الناس بحضور سفراء ونجوم المجتمع.. أول وأكبر مركز مجاني لزراعة الكبد بالشرق الأوسط "صور"    أطعمة تعيد التوازن لأمعائك وتحسن الهضم    رئيس الوزراء: مشروع الضبعة النووي يوفر 3 مليارات دولار سنوياً    محافظات المرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب وعدد المترشحين بها    دعاء الفجر| اللهم إن كان رزقي في السماء فأنزله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جنوب السودان وشماله..بين الجذب والشد ؟
نشر في مصر الجديدة يوم 16 - 07 - 2011

مع ميلاد جمهورية جنوب السودان رسمياً السبت 9 يوليو/تموز2011 ، تثار التساؤلات عن مسار ومصير العلاقات بين دولتى الشمال والجنوب ،وما اذا كانت عناصر التجاذب تفوق عوامل الفرقة والنزاع مع وجود قضايا عالقة مثل: تقسيم النفط وتقاسم الديون وترسيم الحدود ،ما يهدد بعودة الصراعات وعرقلة مسيرة الانجازات بعد ستة أشهر من اعلان شعب الجنوب كلمته الحاسمة فى استفتاء تقرير المصيريوم 9 يناير 2011بموجب اتفاق السلام الشامل"نيفاشا" بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية لتحرير السودان عام 2005.
موقع أخبار مصر إلتقى خبراء ومتخصصين فى الشئون الأفريقية والسودانية بحثاَعن نقاط ضوء تحتم مواصلة التعاون المثمر بين الشمال والجنوب رغم الانفصال الرسمى.
مصالح مشتركة
عطية عيسوى مدير تحرير الأهرام والخبير المتخصص فى الشئون الأفريقية، قال إن هناك عدة عناصر للتجاذب بين شمال وجنوب السودان حتى بعد انفصال الجنوب واستقلاله ، من أبرزها وجود نحو 9 ملايين سودانى ( 6 ملايين من الشمال نظير 3 ملايين من الجنوب ) يتحركون معا على جانبى الحدود لممارسة أعمالهم من رعى وتجارة ، وهؤلاء سيظلون دائما عامل ربط مشترك بين البلدين لأنه من الصعب جداً ايقاف عمل أى راع وتعريض ماشيته للموت وتجارته للبوار .
كما تقوم 22 قبيلة عربية برعاية أغنامها فى مناطق التماس الشمالية الجنوبية على مساحة 6 آلاف كيلو متر مربع طوال 8 أشهر فى السنة ، منها قبيلة المسيرية العربية الشمالية ، وبالتالى أى مساس بعملها قد يفجر صراعات حدودية قبلية .
وأضاف عيسوى أنه لا مفر من استمرار التعاون الاقتصادى لأن خطوط أنابيب تصدير البترول الجنوبى موجودة فى أراضى الشمال ،ولا توجد أى ممرات بديلة لتصديره خام أوحتى تكريره بمصافى التنقية إلا فى الشمال ، و الاتجاه الى مد خطوط الى كينيا يحتاج أموالا طائلة ، ويترتب عليه خسارة مالية للشمال توازى قيمة عائد التصدير مشيراً الى أن انتاج نفط الجنوب يصل 400 ألف برميل فى اليوم مقابل 100 ألف للشمال أى الربع .
وأشار عيسوى الى أن هناك 10 آلاف تاجر بالشمال قد يخسرون مصادر رزقهم وأدوات تجارتهم اذا اتجهوا الى الجنوب الى جانب مليونى جنوبى يعملون فى الشمال اذا عادوا الى الجنوب سينضمون الى طابور العاطلين .
و الأهم -فى رأى خبير الشئون الأفريقية -أن نحو 80% من احتياجات الجنوبيين المعيشية اليومية يحصلون عليها من منتجات الشمال والدول المجاورة مثل أوغندا وكينيا واثيوبيا .. بل إن عدد المؤسسات الخدمية الكبرى من مستشفيات ومدارس وجامعات قليل جدا بالجنوب مقارنة بالشمال مما يحتم استمرار احتياج سكانه الى مرافق الدولة الأم .
أما حصة مياه النيل ، فيؤكد عطية عيسوى أنها ستظل شريان حياة يصل الدولتين ،وان كانت لن تمثل مشكلة بعد الاستقلال لأن 15 % فقط من المياه تصل من الجنوب للشمال ، وجنوب السودان لن يفكر فى اقامة سدود تحجز المياه لأنه غير محتاج ولديه وفرة من مياه الأمطار وفائض مائى هائل يهدر بالمستنقعات .
ثم استطرد عطية عيسوى ، قائلا : مصر تلعب دور الوسيط لتحقيق الوفاق حيث يمكنها المشاركة فى تسوية القضايا العالقة وعمل مشروعات مشتركة لتوليد الكهرباء على الحدود.. منوها عن كثرة مشروعات التعاون المصرية مع الجنوب والشمال فى مجالات تنموية وتعليمية واجتماعية مختلفة كالمياه واقامة سد على أحد المستنقعات والطرق وغيرها مثل تجارة الحدود والاستثمارات المشتركة ، وهناك فرع لجامعتى القاهرة واسكندرية ، فمصر تتعامل مع شقيقين من دولة واحدة وتحاول احتواء الموقف و اقامة علاقات جيدة مع الجانبين.
وتساءل عيسوى : لماذا لايعقد الجانبان اتفاقية مماثلة لاتفاقيات الحريات الأربع بين السودان ومصر (الاقامة –التنقل – العمل –التملك ) لتيسير الحركة بين البلدين بدون تأشيرات ورسوم ؟.
مفاوضات وتنازلات
د. حورية مجاهد أستاذ العلوم السياسية فى كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة ، قالت إن الاستقلال سيدعم موقف الجنوب فى التفاوض على الجنسية و اقتسام الثروات والحدود مما يتطلب المزيد من التنازلات من جانب الشمال حرصا على الوفاق وهذا متوقف على حكمة القيادات التى عليها ان تتسامح وتحقق الوئام بعد سنوات من الصراع أثناء الوحدة.
ورجحت د. حورية مجاهد الاتحاد الكونفيدرالى وتفويض هيئة لادارة شئونهما وتنسيق السياسات بينهما بشكل يحقق التكامل منوهة عن وجود علاقات تجارة ونسب بين القبائل على الحدود ما يقوى عوامل الوحدة والاخوة بعد الانقسام.
ونبهت د. حورية لوجود ملفات عالقة ربما تعطل مسيرة السودان نحو الاستقرار وتجعل الانفصال هدفا لحركات التمرد في المناطق المهمشة‏‏‏،فقضية دارفور الإقليم المضطرب غربا مازالت تبحث عن حل منذ اندلاعها فى منتصف 2002 ،ومنطقة ابيي المتنازع عليها بين الشمال والجنوب، أيضًا الشمال يواجه احتقانات وخاصة فى منطقتى جنوب كردفان، والنيل الازرق..مايتطلب رؤية مصرية سودانية قادرة علي تأمين مصالح البلدين الاستراتيجية‏ ‏.‏
وتؤكد أستاذ العلوم السياسية أن دور مصر مهم فى توطيد علاقات الشمال والجنوب وتدعيم مسيرة التنمية فى الجنوب وحسم عمليات التفاوض على القضايا العالقة مشيرة الى أن مصر الآن تستهدف توطيد الصلات مع الدولة الوليدة حتى تتمكن من مواصلة علاقتها مع السودان الشقيق ،وكى تجنب الجنوب الانسياق الى دول اخرى مجاورة فى افريقيا أو اسرائيل.
وأشارت د. حورية الى أن مسألة الاسم ترتبط بالهوية والتاريخ وتغيير اسم الدولة ليس سابقة جديدة ،فالكثير من الدول في عصرنا الحديث غيرت أسماءها لتلائم ظروفها وعصرها.. ساحل العاج مثلا تحولت إلى كوت ديفوارو سيلان تحولت إلى سريلانكا.. لافتة الى ان الاسم الجديد لن يكلف الدولة الجديدة كثيراً من الأموال.. لأن تغيير جواز السفر والبطاقة وبعض المطبوعات الرسمية والعملة..مسالة بسيطة تتم بصورة تدريجية خلال فترة معقولة وفي كل الأحوال هذه الوثائق والعملة أصلاً لها عمر افتراضي وتحتاج إلى التجديد.
حصن أمان
أما يحيى غانم الخبير بالشئون الأفريقية ، فيرى أن اختياراسم جنوب السودان يعزز التقارب الثقافى والمعنوى على اعتبار أن الخطاب الأساسى للحركة الشعبية ينطلق من قناعة بسودانية الجنوب، وأن ترك اسم السودان يعنى التخلى عن أحد الأهداف التى ناضل من أجلها قائد الحركة جون جارانج، فإسم السودان صار جزءا من المكون الحضارى للدولة والشعب على مدى مئات السنين، رغم دعوة شخصيات سودانية شمالية إلى تغييره بعد الانفصال بحجة أنه عنصري .
ويقول يحيى غانم : التوقعات محسوبة وليست متفاءلة جدا ، ومنها أن العلاقات بين الشمال والجنوب لن تكون هادئة ومستقرة بالشكل المأمول ،وكان من الخطأ اجراء استفتاء المصير قبل حسم القضايا شديدة الاشتعال .. فكيف يعلن ميلاد دولة جديدة دون تحديد حدودها وخريطتها الكاملة ؟.
ويؤكد غانم صعوبة حدوث الانفصال التام بسبب وجود مليون جنوبي في الشمال ونصف مليون شمالي في الجنوب.. متوقعاً عدة سيناريوهات لما بعد الاستقلال : الأول هو الانفصال السلمى الذى يؤدي إلى فقدان الشمال للبترول الجنوبى ، مصدر العملات الصعبة للبلاد وفقدان جزء كبير من الثروة الحيوانية والمائية، أما الثاني ف "انفصال عنيف ينذر بعودة الحرب الأهلية بين الاثنيات المتصارعة خاصة الدينكا والنوير ،و بين الخرطوم وجوبا على خلفية القضايا العالقة وربما تطور الأمر إلى نشوب حرب.
أما السيناريو الثالث ، فيتمثل فى الوحدة الكونفدرالية ويعتمد على قدرة شريكى الحكم على تحقيق تسويات للقضايا الخلافية بعد الاستقلال فى ادارة شئون الجنوب بالكامل خلال مهلة 9 شهور مثل ترسيم الحدود التى لايزال الجانبان مختلفين على ثلثها ومنطقة ابيى المتنازع عليها واقتسام الاصول خاصة المنشآت البترولية والديون والجنسية ،ما قد يجنب البلاد حالة الفوضى والعنف.
ويتوجس خبير الشئون السودانية من عدم ترحيب الجنوب بالاتحاد الكونفيدرالى رغم كونه أفضل التصورات ‏ لأن الوحدة الكونفيدرالية تحصن السودان من أخطار التفتت‏‏ وتحفظ لمصر عمقها الاستراتيجي الإفريقي‏‏ ، والجنوب ينتظر من الشمال مساعدته فى انجاز مشروعات التنمية واستكمال مقومات الدولة مثل الموسسات المستحدثة كالبرلمان والخدمات المدنية بأجهزة الأمن والمرافق والخدمات، ما يغري جنوب السودان بالمحافظة علي روابطه مع الوطن الأم، ويهيىء فرص الحوار بين الجانبين في مناخ صحي يعزز مصالحهما المشتركة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.