«حياة كريمة» بقنا تطلق مبادرة «تقدر في 10 أيام» لمراجعات الثانوية العامة.. اعرف الأماكن والمواعيد    «إسكان النواب»: زيارة الرئيس للصين تستهدف جذب الاستثمارات لمصر في كل المجالات    رانيا المشاط: تبنى القطاع الخاص بأفريقيا لمعايير الاستدامة يدعم جذب الاستثمارات    مصرع شخص وإصابة 7 أشخاص فى انفجار بنك بولاية أوهايو الأمريكية.. فيديو    مصر والصين تطلقان عام الشراكة.. دعم المصالح الحيوية ومواجهة التحديات الدولية    الصين تصدر تقريرا يدين تزايد انتهاكات حقوق الإنسان فى الولايات المتحدة    هانز فليك: فلسفة برشلونة تتناسب معي.. وأتمنى مواصلة طريق الألقاب مثل بايرن    توزيع منهج اللغة الانجليزية للصف الثالث الثانوي 2024.. مكون من 12 وحدة    وفاة عقيد شرطة وطالبين وإصابة مجندين في حادث تصادم مروع بالهرم    الحكم على متهم بتزوير محررات رسمية فى عابدين 28 أغسطس المقبل    نيويورك تايمز ترصد تاريخ المسجد العمرى بعد تدميره على يد إسرائيل    هيئة الدواء: توفير أدوية الأمراض المزمنة على رأس أولوياتنا    كلوب: سلوت لا يحتاج لنصائحي.. وملاك ليفربول يريدون كسب الأموال    هوميلز يفاضل بين 3 خيارات قبل نهائي دوري أبطال أوروبا    رئيس الحكومة: إلغاء الدولة للدعم ليس صحيحا على الإطلاق    الأردن يسيّر قافلة مساعدات إنسانية إلى قطاع غزة تضم 40 شاحنة    مساعد وزيرة الهجرة يستعرض جهود الوزارة في ملف دعم المصريين بالخارج    التضامن تعلن انطلاق أولى رحلات حجاج الجمعيات الأهلية اليوم (فيديو)    بالموافقة على اتفاقيات محلية ودولية.. مجلس جامعة بنها يعقد اجتماعه اليوم (تفاصيل)    فيلم فاصل من اللحظات السعيدة يحقق إيرادات 57 مليون جنيه بدور العرض    كولر يطلب ضم 4 لاعبين لتدعيم لصفوف الأهلي في الانتقالات الصيفية    مواعيد وأماكن لجان قبول اعتذارات الثانوية العامة 2024 في المنوفية    حج 2024| الأزهر للفتوى يوضح أنواع الإحرام    حمزة نمرة يدعم أهل فلسطين: «ارفع البلاء يارب»    صندوق النقد الدولي يرفع توقعاته لنمو اقتصاد الصين العام الجاري إلى 5%    محافظ كفرالشيخ يترأس المجلس التنفيذي للمحافظة لمناقشة عدد موضوعات وقرارات خدمية وتنموية    محافظ قنا يتابع الموقف التنفيذى لمشروع السوق الحضارية بمجمع المواقف بقنا    مهدد بالإيقاف 4 سنوات.. محامي رمضان صبحي يكشف مفاجأة    دياب: نحتاج 4 مواسم لضبط مواعيد الدوري المصري مع العالم    رئيس جامعة سوهاج يهنئ الدكتور محمد هندي لحصوله على جائزة الدولة التشجيعية    حماس تحمل واشنطن مسئولية المجازر المروعة برفح وتدعوها إلى وقف شراكتها في قتل الفلسطينيين    228 طالبا ب"صيدلة الإسماعيلية الأهلية" يؤدون اختبار "مدخل إلى علم الجودة" إلكترونيا (صور)    مزايا تأمينية وحوافز شهرية.. جهاز تشغيل الشباب بالجيزة يعلن فرص عمل جديدة    إخماد حريق داخل منزل فى العياط دون إصابات    للمرافعة.. تأجيل محاكمة 4 متهمين بالتزوير في محررات رسمية للغد    لصرف معاشات شهر يونيو| بنك ناصر الاجتماعي يفتح أبوابه "استثنائيًا" السبت المقبل    بغداد بونجاح ينضم لصفوف الأهلي.. شوبير يكشف الحقيقة    خبيرة فلك تبشر مواليد برج الدلو في 2024    قصف مدفعي إسرائيلي يستهدف حاووز مياه في منطقة مصبح شمالي مدينة رفح    بالأسماء.. ننشر نتيجة الشهادة الإعدادية 2024 بمحافظة الوادي الجديد    ورش تدريب على ضوابط ترخيص البيوت الصغيرة لرعاية الأطفال في الدقهلية    فرقة aespa ترد على رسائل شركة HYPE للتخلص منها    السبت | «متحف الحضارة» يحتفي برحلة العائلة المقدسة    مصطفى كامل يهنئ الدكتور رضا بدير لحصوله على جائزة الدولة التقديرية    وزير الإسكان يبحث وضع خطة عاجلة لتعظيم دور الهيئة العامة للتنمية السياحية    القوات الروسية تدمر أحد أكبر مخازن استلام الأسلحة الغربية فى أوكرانيا    لجنة القيد تحت التمرين.. بداية مشوار النجومية في عالم الصحافة    «السبكي» يستقبل رئيس «صحة النواب» في زيارة تفقدية لمستشفى شرم الشيخ الدولي    الصحة تناقش مع وزير الصحة السعودى الموقف التنفيذى لمشروعات التعاون المشترك    جامعة القاهرة: قرار بتعيين وكيل جديد لطب القاهرة والتأكيد على ضرورة زيادة القوافل الطبية    وزارة الصحة تكشف المضاعفات الخطرة للولادات القيصرية غير المبررة.. انفوجراف    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 29-5-2024    صلاة الفجر من مسجد الكبير المتعال فى بورسعيد.. فيديو وصور    حج 2024| ما الفرق بين نيابة الرجل ونيابة المرأة في الحج؟    نصف شهر.. تعرف على الأجازات الرسمية خلال يونيو المقبل    فيديو ترويجي لشخصية إياد نصار في مسلسل مفترق طرق    واشنطن: هجوم رفح لن يؤثر في دعمنا العسكري لإسرائيل    المدير التنفيذي للأهلي: الخطيب لم ينفذ البرنامج الطبي الخاصة به بسبب نهائي إفريقيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحوار في كل من سوريا والبحرين : رؤية مقارنة
نشر في مصر الجديدة يوم 13 - 07 - 2011


خبير فى الشئون العربية
ليست مبالغة القول أن الحوار أداة محورية وآلية أساسية ترتكن إليها الرغبات الانسانية والارادات الجماعية فى ايجاد حلول للمشكلات والازمات المجتمعية، وصولا الى حلول ترضى جميع الاطراف ذات المصالح المتعارضة او الاراء المتباينة او التوجهات المختلفة. لان الحوار لا يكون الا بين مختلفين، أما بين المتفقين فهو نوع من التسامر.
ومن هذا المنطلق، جاءت دعوات الحوار التى انطلقت فى البلدان العربية منذ بداية العقد الاول من هذا القرن لتضع تصورات جديدة وترسم خطوات المجتمع للتواصل بين ارث الماضى وسياسات الحاضر ورؤى المستقبل، اخذا فى الحسبان تباين هذه الدعوات سواء من حيث منطلقاتها ودوافعها او اهدافها ومراميها او من حيث المشاركين فيها والرؤى والنتائج التى يرجى الوصول اليها. ويتجلى هذا التباين اذا ما عقدنا مقارنة سريعة بين الحوار الذى تشهده مملكة البحرين، وذاك الذى تعقده الجمهورية السورية. فلا شك ان ثمة نقاط اتفاق واخرى للتباين بينهما، بما يجعل من اليسير القول انه اذا كان صحيحا ان ضمان نجاح الحوار كوسيلة للتوافق المجتمعى يتطلب توافر مجموعة من الضوابط والقواعد الحاكمة لمساره والوصول به الى بر الامان، إلا انه فى كثير من الحالات لا يسير على قضبان متوازية تضمن عدم خروجه عن مساره الصحيح، فكثير ما ينعرج به الطريق وتنحرف به عجلة القيادة تحت تأثيرات داخلية واملاءات خارجية.
وعلى هذا، يمكن تسجيل عدة ملاحظات تبين اوجه الاتفاق ونقاط الاختلاف بين الدعوة الى الحوار فى كل من البحرين وسوريا على النحو التالى:
أولا- إدارة الحوار :
صحيح ان الدعوة الى اجراء الحوار انطلقت من جانب القيادة السياسية فى كلا البلدين، ففى الوقت الذى وجه فيه العاهل البحرينى الملك حمد بن عيسى آل خليفة الدعوة لجميع القوى السياسية والمجتمعية للمشاركة بفعالية وحرية فى جلسات حوار تنظم فى البرلمان البحرينى تحت رئاسة رئيس مجلس النواب البحرينى "خليفة الظهرانى" المنتخب من الشعب البحرينى، إلا انه من الصحيح ايضا ان الدعوة من جانب الرئيس السورى للقوى السياسية للمشاركة فى جلسات للحوار تنظمها الحكومة السورية تحت رئاسة نائب الرئيس السورى. ليتضح الفارق الجوهرى بين الدعوتين على مستوى المسئول عن ادارة جلسات الحوار، ففى البحرين يدير الحوار شخصية سياسية جاءت الى منصبها بالانتخاب الحر المباشر من الشعب، فى حين يتولى ادارة الحوار السورى قيادة سياسية تم اختيارها بل تعيينها من جانب الرئيس السورى وتحظى بثقته الكاملة كونه نائبه. وهو ما يفسر حرص جميع القوى السياسية البحرينية على المشاركة فى جلسات الحوار ايمانا منها بانه حوار حقيقى يضمن حرية الاراء والمناقشة ويضمن الخروج بتوصيات غير موجهة او متحيزة، وذلك على العكس من الوضع فى سوريا، حيث ادركت كثير من القوى السياسية خاصة التيارات الاسلامية التى عانت من ممارسات النظام السابق ان الدعوة الى الحوار ما هى الا ذرا للرماد فى العيون، وان جلساته لن تخرج عن كونها "مكلمة " يتبادل فيها الحضور الاراء والتصورات بضوابط محددة يتحكم فى وضعها النظام السورى، وان مشاركتهم فى هذه الجلسات نوعا من الاستهلاك الاعلامى للداخل والخارج على السواء، وهو ما جعلها تحجم عن المشاركة.
ثانيا- حدود الحوار :
فى الوقت الذى اكدت فيه القيادة السياسية البحرينية على ان الحوار شامل بلا سقف أو حدود لكافة القضايا والمشكلات التى يرى المشاركون وضعها على طاولة النقاش سواء فى المجالات السياسية او الاقتصادية او الاجتماعية او الثقافية او الدينية ...الخ، بما يعطى انطباعا لدى المشارك بانه لا توجد احكام مسبقة او قيود محددة او اراء سوف تُفرض او توجهات سوف تُملى على المشاركين، بما جعلهم يحرصون على المشاركة بفعالية وبرغبة حقيقة فى التوصل الى تفاهمات جماعية تصل الى حلول واقعية وتصورات منطقية قابلة للتطبيق تراعى متطلبات المجتمع البحرينى وثقافته.
على الجانب الاخر، نجد ان الدعوة للحوار فى سوريا اقتصرت على مجال ادخال الاصلاحات، وهو نهج يعنى تحديدا ان ثمة حدود للتصورات وسقف للمطالب وقيود على الرؤى التى يطرحها المشاركون، حيث تقتصر اجتهاداتهم ومناقشاتهم على مجرد المطالبة باصلاحات تتعلق بالتعددية السياسية فحسب، وهو ما جعل نتائج الحوار محسومة مسبقا.
ثالثا- بيئة الحوار :
من المفارقات الغريبة فى عالم السياسة ان يدعو احد الاطراف الى حوار مع الطرف الاخر وهو ما زال يوجه اليه الضربات والاعتداءات، فليس هذا بحوار وإنما هى حالة من فرض شروطا واملاءات، فما يحدث فى سوريا لا يمكن ان نطلق عليه حوارا بل حالة خاصة اقرب الى تمثيلية سياسية تمارسها القيادة السورية لايهام الراى العام الداخلى والخارجى بحقائق غير موجودة، فكيف يمكن للمعارضة السورية ان تشارك فى حوار مع سلطة ما زالت ترتكب مزيد من الانتهاكات والتجاوزات بل وتوجه فوهات المدافع والدبابات الى صدور الشعب السورى وقياداته المعارضة.
فى حين نرى على الجانب الاخر، الموقف المشرف الذى انتهجته القيادة السياسية فى البحرين، حيث جاءت دعوتها الى الحوار بعدما تحقق الهدوء على الارض وعادت الامور الى مجراها الطبيعى، وانسجبت جميع القوات العسكرية من شوارع المملكة وميادينها، وهو ما يضمن حرية وامان جميع المشاركين فى جلسات الحوار بطرح رؤاهم وتصوراتهم بكل استقلالية وحياد وموضوعية بعيدا عن اية املاءات او توجهات مشروطة، وهو ما يأتى بنتائج تتسق والواقع العملى وتعبر عن توجهات الشارع البحرينى.
رابعا- ضمانات نجاح الحوار :
فى ضوء ما سبق، ليس مصادفة أن تلقى دعوة الحوار التى وجهها العاهل البحرينى سرعة استجابة من جانب كافة القوى السياسية البحرينية للمشاركة فى جلساته، وذلك فى ضوء عاملين مهمين: الاول، الخبرة التاريخية التى تكشف عن حسن النوايا وصدق القول فى دعوات العاهل البحرينى منذ توليه مقاليد الحكم واستجابته الفعلية للمطالب الشعبية باطلاق مشروعه الاصلاحى الرامى الى ارساء حكم ديمقراطى حقيقى فتح المجال واسعا امام حريات المواطن وحقوقه السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتى نص عليها ميثاق العمل الوطنى الذى حظى بتوافق مجتمعى بنسبة 98%، وبوضع دستور ديمقراطى ارسي اسس دولة القانون والسيادة للشعب.
اما العامل الثانى، يتمثل فى الضمانات التى اطلقها العاهل البحرينى ووولى عهده وحكومته بقيادة الامير خليفة بن سلمان آل خليفة، بتقديم كافة التسهيلات والتيسيرات لجلسات الحوار وللمشاركين فيه للخروج بتوافقات تحقق طموحات المواطن البحرينى وتطلعاته نحو غد اكثر اشراقا. وجدير بالاشارة فى هذا الخصوص صدور الامر الملكى بتشكيل لجنة دولية من خبراء دوليين في مجال حقوق الإنسان والقانون الدولي، للتحقيق في الأحداث التي وقعت في شهري فبراير ومارس الماضيين ، وهو ما يمثل بدوره ضمانة حقيقية لوضع أسس دولة حداثة معاصرة للمرحلة القادمة.
على الجانب الآخر، يمثل رفض العديد من القوى السياسية السورية المشاركة فى جلسات الحوار نتيجة طبيعية لما تشهده البلاد، فكيف تكون هناك استجابة لحوار مطروح مضرجًا بالدماء والقتلى والجرحى، وبانتشار آلاف المشردين على الحدود السورية التركية، والسورية اللبنانية.
نخلص مما سبق الى القول انه اذا كانت دعوة الحوار فى سوريا دعوة حق اُريد بها باطل، نظرا لتوقيتها غير المناسب وسط أحداث مؤسفة، وقلاقل ومظاهرات صاخبة، وصدامات مسلحة، بما يجعلها دعوة فارغة المضمون وخبيثة المقصد، إلا انه على الجانب الآخر، تمثل الدعوة الى الحوار فى مملكة البحرين خطوة جديدة تستكمل بها القيادة السياسية مشروعها الاصلاحى الشامل الهادف الى اقامة الدولة العصرية المتميزة وصولا بها الى مصاف الدول المتقدمة، وهو ما يلقى بمسئولية وطنية تتحملها القوى السياسية ومكونات المجتمع البحرينى التى ساهمت في توفير أجواء السلام الأهلي، والاستجابة للحوار الوطني من دون شروط، فى عدم الخروج من الحوار دون التوصل الى تفاهمات وتوافقات ولو على نسبة تجاوز الخمسين فى المائة من المرئيات السياسية الوطنية، لان العودة الى أعمال العنف والمظاهرات والتخريب، واثارة الفتنة الطائفية بين أبناء الشعب البحريني، تُدخل البلاد فى نفق مظلم وكارثة مأسوية واتون حروب اهلية تهدد ما حققته المملكة من منجزات حضارية ومكتسبات حقيقية ارست دعائم الاستقرار والتقدم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.