صرحت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلارى كلينتون " أن الحوار مع الإخوان المسلمين سيصب فى مصلح أمريكا " وهو التصريح الذى استغربه البعض ، فهل حدث حوار بين الإخوان والإدارة الأمريكية ؟ ، وهل يقبل الإخوان بالحوار مع الإدارة الأمريكية ؟ وما هى طبيعة الحوار ، وحول أى مواضيع يكون ؟ جماعة الإخوان المسلمين تعد هى القوة السياسية والدينية الأكبر بشهادة الجميع ، من حيث عدد الأعضاء ومن حيث قوة التأثير فى المجتمع ، وحادثة مثل نتيجة الاستفتاء على التعديلات الدستورية _ وإن عارض البعض هذا المنطق _ توضح مدى قوة الإخوان ومعها القوى الدينية التى أعلن كثير من قياداتها أنهم سيساندوا جماعة الإخوان وسيكونوا تحت قيادتها فى الأمور السياسية ، والإخوان تربطهم بالإدارة الأمريكية علاقة شبه عدائية فى المواقف وأعلن ذلك كثير من قياداتهم ذلك فى مواقف كثيرة من قبل مثل غزو العراق وافغانستان ، بل ومعارضتهم للسياسية الأمريكية التى تتمثل فى الهيمنة وفرض السيطرة على دول العالم العربى والإسلامى ، وحصارغزة وموقف أمريكا من ذلك باعتبارها أكبر مساند ومعاون وربما مخطط لإسرائيل ، وموقف الإخوان من ذلك وهى القوة التى تنبثق منها حركة حماس التى تقلق منها إسرائيل طوال الوقت وأقامت حربا على قطاع غزة بأكمله بسبب سيطرة حركة حماس وقاطعت الحكومة التى رأستها حماس ولم تعترف بها وتصفها دائما بالحركة الإرهابية ، بل أن الأكثر من ذلك هو إعلان أحد أعضاء مجلس الشورى العام ، أن الرئيس المخلوع حسنى مبارك تنحى فى اليوم التالى لإعلان الإخوان أنهم لن يترشحوا لانتخابات الرئاسة وهو _ من خلال تصريحاته _ الذى عجل برحيل مبارك عن الحكم ، حيث كانت تنتظر الإدارة الأمريكية أن يعلن الإخوان موقفهم فى فترة الفراغ التى تعقب حكم مبارك ، كل تلك المعطيات تبرهن على أن الحوار الذى تريد الإدارة الأمريكية اجراءه مع جماعة الإخوان ربما يكون غريبا فى شكله ومضمونه ، وربما يكون مريبا بعض القوى السياسية الأخرى ، حيث يأتى فى وقت فراغ فى سدة الحكم فى مصر ، وفى ظل فترة يغلب عليها اختلاف القوى الوطنية مع الإخوان فى مواقفهم فمن جانبه فقد صرح " مارك تونر " المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية إنه نظراً للطبيعة السياسية المتغيرة فى مصر الآن ، فإن التحاور مع كل الأحزاب السلمية الملتزمة بالديمقراطية والابتعاد عن العنف فى مصر يدخل ضمن مصالحنا الوطنية ، لذا فإننا سنواصل الاتصال بجماعة الإخوان المسلمين داخل هذا الإطار ومن جانبه قال مدير معهد «واشنطن لسياسات الشرق الأدنى» روبرت ساتلوف، إن إعلان هيلارى كلينتون يأتى فى ظل غياب استراتيجية أمريكية واضحة للمضى قدماً لتعزيز التوصل إلى نتيجة ناجحة للتغيرات الصاخبة فى مصر وتابع ساتلوف،أن الإدارة الأمريكية لابد لها بالقيام بعدة نقاط تقوى من بيئة التواصل بين امريكا والمجتمع المصرى ولضمان تطبيق الديمقراطية فى مصر وفى سياق موازٍ، صرحت وكالة «أسوشيتد برس» الأمريكية، إن مواصلة الإدارة الامريكية الحوار مع الإخوان يعد بمثابة اعتراف ضمنى منها بكون الاخوان قوة لايستهان بها فى مرحلة ما بعد مبارك وفى نفس الإطار صرح د. نبيل ميخائيل أستاذ العلوم السياسية بجامعة جورج واشنطن أنه يستغرب كل هذا الاهتمام من قبل الإعلام ومن قبل الإدارة الامريكية بالحوار مع الإخوان حيث يراه أمرا بسيطا لا يحتاج كل هذه الحفاوة والإهتمام ، وتابع : " ليس معنى حوار الإدارة الأمريكية مع الإخوان أن الإخوان سيستأثروا بحكم مصر وحدهم ، حيث أن الفترة القادمة ستشهد حراكا سياسيا وشراكة حقيقية من قبل القوى الوطنية وهذا ما ينبغى أن يكون عليه الوضع ". ومن جانبهم ، أوضح الدكتور محمود غزلان المتحدث الرسمى للإخوان المسلمين أنه لم يحدث من قبل أن اجتمع الإخوان فى طاولة حوار مع الإدارة الأمريكية ، ولم يحدث شيئ من قبل وما حدث كان اتصال بين بعض المسئولين في السفارة الأمريكية ومجموعة من البرلمانيين كان منهم الدكتور محمد سعد الكتاتني رئيس الكتلة بصفته البرلمانية آنذاك ، ولكن الإخوان المسلمين عندهم الحوار هو مبدأ ثابت طيلة تاريخهم مع كل القوى والاتجاهات ، ومن ثم فنحن مستعدون للحوار مع الإدارة الأمريكية . هكذا كان تصريح الإخوان المسلمين حول إمكانية الحوار مع الإدارة الأمريكية بأنهم لايعترضون ، وهذا مؤشر إيجابى بالنسبة لأمريكا طالبة الحوار ، ويبقى التسائل حول طبيعة الحوار بين الطرفين وحول أى المواضيع سيتحاوروا وما السبل المتاحة للتواصل بين الطرفين ، هذا ما ستكشفه لنا الفترة القادمة .