أظهر استطلاع للرأي أجراه مركز الدراسات العربي - الأوروبي ومقرّه باريس ان مستقبل العلاقة بين دمشق وأنقرة مضطرب ومفتوح على كل الاحتمالات على ضوء ما يجري في سورية من احداث . وتوقعوا 50.4 في المئة من الذين شملهم الاستطلاع انه لن تكون هناك علاقة لتركيا مع النظام السوري كما كانت سابقا . ولم يستبعدوا تدخل تركيا عسكريا في سورية تحت مظلة حماية السنة في سورية . في حين 25.6 في المئة يرون ان العلاقات التركية السورية قوية وراسخة ولا تتأثر بالاحداث الطارئة. وبرأيهم ان انقرة ستحاول بكل جهودها ان تجعل دمشق تعود الى رشدها فيما يتعلق بالتعامل مع الثورة الشعبية السورية . في حين 21.3 في المئة رأوا ان مستقبل العلاقات بين انقرةودمشق مرهون بجدية تطبيق الاصلاحات السياسية من قبل النظام السوري . وخلص المركز الى نتيجة مفادها : قبل بداية الأحداث التي تشهدها سورية الأن كانت العلاقات بين دمشق وأنقرة تمر بأحسن الظروف وسط مناخات توحي بإحتمال التوصل الى رابط إستراتيجي بين البلدين يكون مقدمة لضم دول أخرى مثل ايران والعراق والأردن ولبنان . ولكن ما ان اندلعت الثورة الشعبية في سورية حتى كانت القيادة التركية في طليعة من يوجه الدروس والعبر للنظام السوري وتطالبه بتنفيذ اجندة مع ما استدعى ذلك من تنسيق المواقف التركية مع مواقف دول غربية . وكان القادة السوريون يعتبرون ان التبدل في الموقف التركي يعود الى اسباب انتخابية حيث كان حزب التنمية والعدالة الذي يقوده رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان يتحضر لخوض الإنتخابات التشريعية ويمني النفس بالحصول على الأكثرية الساحقة للمقاعد النيابية . ولكن ما ان انتهت الإنتخابات حتى عادت انقرة الى اطلاق نفس المواقف الأمر الذي دفع بمسؤولين سوريين الى توجيه كلاماً قاسياً الى تركيا اقله ان دمشق ليست بحاجة لدروس او لنصائح من احد . ويبدو ان تركيا اسوة بدول غربية وببعض الدول العربية كانت تراهن على سقوط سريع للنظام وعلى ولادة لنظام جديد في سورية تكون انقرة من خلاله أحد رعاته وحاضنيه ، ولكن تطورات الأحداث بينت عدم صحة هذه المراهنة الأمر الذي حدا بأنقرة الى اعادة النظر بتصريحاتها وبمواقفها والى إرسال وزير خارجية تركيا الى دمشق في محاولة لإعادة ترميم العلاقات . إضافة الى ذلك فقد اضطرت تركيا الى ترطيب مواقفها بعد ان تلقت تهديدات من ايران تحذرها من أن اي تدخل عسكري تركي ضد سورية معتبرة انه سيكون بمثابة اعلان حرب ضد ايران . وهناك عامل أخر دفع الى تراجع المسؤولين الأتراك عن مواقفهم الحادة وهي لمسهم ان الرئيس السوري بشار الأسد جاد في طروحاته الأصلاحية ولكنه لا يريد ان ينفذ ما وعد به تحت ضغط الشارع خاصة وأن هناك مجموعات في سورية تلجأ الى استخدام السلاح ليس رغبة منها بتحقيق اصلاح او بإزالة النظام بل بإحداث فتنة مذهبية تكون منطلقاً لفتنة اكبر تعم المنطقة بأكملها .