«التضامن الاجتماعي» تشارك في احتفالية «جهود الدولة في تمكين الأشخاص ذوي الإعاقة» بالنيابة الإدارية    الرئيس السيسى: الدولة تبذل جهود ضخمة لتحويل الأراضى الصحراوية إلى زراعية    متحدث الإسكان يكشف شروط وتفاصيل طرح 15 ألف وحدة سكنية    إي اف چي القابضة تحقق أداء تشغيليا قويا بدعم النمو المستمر لكافة قطاعات الأعمال    إيران تدرس المشاركة في جولة مفاوضات جديدة: مطالب أمريكا غير منطقية    استشهاد 8 فلسطينيين وإصابة آخرين إثر قصف الاحتلال في مدينة غزة    مقتل 6 في انفجار حافلة مدرسية ب باكستان.. وإسلام آباد تحمل الهند المسؤولية    وزير الخارجية التركي: لدينا فرصة تاريخية لضمان الاستقرار في سوريا    الكرملين: بوتين زار محطة كورسك للطاقة النووية    بوتين في كورسك.. رمزية استعادة الأرض ودور كوريا الشمالية    «ماردش جميل الزمالك عليه».. نجم الأهلي السابق ينتقد عبدالله السعيد    جلسة مرتقبة من مسؤولي الأهلي للتعاقد مع ثنائي البنك.. إعلامي يكشف    «بنسبة 100%».. شوبير يكشف مفاوضات الأهلي مع مدافع سوبر    أجواء ربيعية.. تفاصيل حالة الطقس وأعلى درجات حرارة متوقعة    ضبط 35 قضية أمن عام خلال 24 ساعة    بقيمة 6 ملايين جنيه.. الأموال العامة تضبط قضايا اتجار في العملات الأجنبية    قوات الحماية المدنية بالفيوم تنجح فى إنقاذ "قطتين" محتجزتين بأحد العقارات    ميدفست مصر يمدد موعد التقديم للمسابقة الرسمية للأفلام القصيرة حتى 30 مايو    «30 مليار جنيه في السنة».. السيسي يتحدث عن «الفرص الضائعة» في مجال الزراعة    لمواليد برج الحمل.. اعرف حظك في الأسبوع الأخير من مايو 2025    فيلم فار ب7 أرواح يحقق 5 آلاف جنيه أمس في شباك التذاكر    رئيس "التأمين الصحي" يعقد اجتماعًا موسعًا لبحث الاستعدادات لعيد الأضحى    «حبة الكرز».. كيف علق جوارديولا على إهدار دي بروين لأسيست مرموش أمام بورنموث؟    صحيفة برازيلية: الأهلي ريال مدريد أفريقيا    محافظ بني سويف يستقبل رئيسة القومي للمرأة لافتتاح وحدة تكافؤ الفرص بالجامعة التكنولوجية    "هندسة بني سويف الأهلية" تنظم زيارة لمركز تدريب محطة إنتاج الكهرباء بالكريمات    تراجع سعر الجنيه الاسترلينى بمنتصف تعاملات اليوم الأربعاء 21-5-2025    أسعار الحديد والأسمنت في السوق المصرية اليوم الأربعاء 21 مايو 2025    مقتل 3 عناصر شديدة الخطورة في تبادل إطلاق النيران مع الشرطة بالدقهلية وقنا    خلال 24 ساعة.. ضبط 49941 مخالفة مرورية متنوعة    قبل أيام من حلوله.. تعرف على أبرز استعدادات السكة الحديد ل عيد الأضحى 2025    شراكة بين "بي تك" و"WE" لتقديم تجربة تسوق ذكية ومتكاملة    رئيس الطائفة الإنجيلية يشارك في الاحتفال السنوي لمدارس السلام ببنها    لقاء موسع ب«القومى للمرأة» حول استراتيجية تمكين المرأة 2030    دوري أبطال إفريقيا.. بعثة بيراميدز تطير إلى جوهانسبرج لمواجهة صن داونز    بعد زواج 26 عاماً.. أحمد السقا يعلن انفصاله عن مها الصغير    وزير الثقافة يستقبل ولي عهد الفجيرة لبحث آليات التعاون الثقافي وصون التراث ويصطحبه في جولة بدار الكتب بباب الخلق    رئيس إذاعة القرآن الكريم الأسبق: أيام الحج فرصة عظيمة لتجديد أرواح المسلمين.. فيديو    فتاوى الحج.. دليلك في حالة المرض    «خناقة» فى الأهلى؟!    اليوم العالمي للشاي.. قصة اكتشافه وأساطير متعلقة به في الثقافة الصينية    استخراج جسم معدني خطير من جمجمة طفل دون مضاعفات بمستشفى الفيوم الجامعي    محافظ أسيوط يتفقد مدرسة النيل الإعدادية ويكرم المتفوقين رياضيًا – صور    بالصور- محافظ أسيوط ينقل مريضة بسيارته الخاصة لاستكمال علاجها    سعر الفراخ البيضاء يواصل انخفاضه.. أسعار الدواجن اليوم الأربعاء 21-5-2025 للمستهلك صباحًا    هل يجوز سفر المرأة للحج بدون مَحْرَم؟..الأزهر للفتوى يجيب    تقرير: إسرائيل في أدنى مكانة دولية.. وتسونامي اقتصادي خطير    محمود الخطيب يرد على تساؤلات من أين يأتي الأهلي بأمواله؟    البيدوفيليا؟!    وزير الخارجية الأمريكي: لم نناقش ترحيل الفلسطينيين إلى ليبيا    موعد وقفة عرفات وأول أيام عيد الأضحى المبارك 2025    المستشار محمود فوزي: قانون الإجراءات الجنائية اجتهاد وليس كتابا مقدسا.. لا شيء في العالم عليه إجماع    الإيجار القديم.. محمود فوزي: الملاك استردوا استثماراتهم.. الشقة كانت تُباع بألف وتُؤجر ب15 جنيهًا    ملحن آخر أغنيات السندريلا يفجّر مفاجأة عن زواج سعاد حسني وعبدالحليم حافظ سرا    ننشر أسماء المصابين في حادث تصادم سيارتين بطريق فايد بالإسماعيلية    محافظ الغربية يُجري حركة تغييرات محدودة في قيادات المحليات    رئيس الجامعة الفرنسية ل"مصراوي": نقدم منحا دراسية للطلاب المصريين تصل إلى 100% (حوار)    تفسير حلم أكل اللحم مع شخص أعرفه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من أجل الأردن وفلسطين

كتب الأستاذ صخر أبو فخر مقالا في جريدة السفير عن حياة المناضل والمؤرخ العربي الكبير محمد عزة دروزة يشيد فيها بتاريخ دروزة ونشاطاته السياسية والثقافية في خدمة القضايا العربية، ويشير إلى مشاركة دروزة في نضال الشعوب العربية ضد الاستعمار الغربي بشقيه البريطاني والفرنسي. وفي سياق استعراض السيرة الذاتية للأستاذ دروزة، يأتي الكاتب على إسهامات المناضل في مجال الكتابة الصحفية وتأليف الكتب والروايات، ويعدد مؤلفاته السياسية والتاريخية: "مختصر تاريخ العرب والإسلام"، "تركيا الحديثة"، "القرآن واليهود"، "تاريخ بني إسرائيل من أسفارهم"، "جهاد الفلسطينيين"، "مأساة فلسطين" "تاريخ الجنس العربي"، و"العدوان الإسرائيلي القديم والصهيوني الحديث على فلسطين وما جاورها".
ومما لفت انتباهي في سيرة هذا المناضل أن محمد عزة دروزة ينحدر من عشيرة الفريحات التي تقطن في لواء عجلون في الأردن، وأن عائلته رحلت في عام 1887 إلى نابلس التي كانت في حينه تُلقب "دمشق الصغرى"، وهناك وُلد دروزة وبدأ حياته، وانطلق بعد الدراسة للمشاركة في نضال الأمة العربية. وخلال ترحاله أقام دروزة في أكثر من قطر عربي، وسجن في أكثر من بلد، وانتهى به الحال في دمشق حيث نضج فكره وكتب أهم كتبه وتوفي ودفن.
لقد عرفت دروزة من خلال كتاباته وأحاديث الأساتذة الذين تعلمت على أيديهم عنه، وخرجت بانطباع بأنه فلسطيني. لكن أبو فخر يقول بأن عائلة دروزة تنقسم إلى ثلاثة أقسام تقيم في الأردن وفلسطين وسورية. فهل كان محمد عزة دروزة فلسطيني أم أردني أم سوري؟ إن من حق كل فلسطيني وأردني وسوري أن يتبنى دروزة لأن الرجل كان كل هذا وأكثر بكثير.. كان عربيا مخلصا لأمته، ومناضلا في سبيل الحرية وتحرير الإنسان في كل مكان، ومكافحا بالفكر والقلم ضد الظلم والاستعمار والتبعية، وفوق ذلك، كان دروزة عالما سخر الكثير من وقته وملكاته العقلية في البحث عن الحقيقة. وإذا كان دروزة تبعا لأصله أردنيا، ولنضاله فلسطينيا، ولفكره سوريا، فإن مئات العائلات الفلسطينية والسورية والحجازية والأردنية واللبنانية والمصرية هاجرت من وإلى الأردن وفلسطين خلال القرون الأخيرة، من بينها عشائر المجالي والمبيضيين والحوامدة التي جاءت للأردن من منطقة الخليل.
في مقابل هذه الصورة الناصعة للمناضل المفكر محمد عزة دروزة الذي انتمى لوطن ولم ينتمِ لعشيرة أو لنعرة عنصرية بغيضة، نلاحظ وجود أشخاص موتورين في كل قطر عربي يروجون لفكرة الإقليمية ولديهم الاستعداد لتزييف الماضي لتبرير مواقفهم العنصرية. إن مثل هؤلاء الأشخاص يعانون من جهل وعقدة نقص، ولا ينتمون في واقع الحال لوطن ولا حتى لقطر، وإنما لمصالح وهمية قاصرة يقومون من خلالها بالتجني على الإنسان والوطن والمستقبل في آن واحد. إن من يقرأ مقال الكاتب صخر لا بد وأن يشعر بالاعتزاز والثقة بالمستقبل، وذلك لأن المقال يرفع معنويات كل إنسان ينتمي لوطنه العربي ويقدر تضحيات من ناضل بفكره وعمله دفاعا عن حرية أمته. أما من يرفع شعارات إقليمية وعنصرية فليس سوى إنسانا حاقدا وفاشلا يحاول إيجاد مبررات لفشله.. إنه إنسان متآمر على وطنة وتاريخه وأبناء شعبه واستقرار بلده ومستقبل أطفاله.
هل يدرك دعاة الإقليمية مثلا أن الأردن وفلسطين وسورية ولبنان كانت تسمى سورية الكبرى قبل قيام الاستعمار البريطاني والفرنسي بتجزئتها إلى دويلات واستعمارها، وأن كل من هاجر من هذه المنطقة قبل سقوط الإمبراطورية العثمانية إلى أمريكا كان يعتبر نفسه سوريا؟ وما هو موقف هؤلاء مثلا من جورج نايفة الأردني الأصل الذي ولد في أمريكا وكان بطلا أُطلق اسمه على بارجة أمريكية وقضى سنوات تقاعده يدافع عن قضايا العرب عامة وفلسطين خاصة. إن خليل جبران وميخائيل نعيمة وأمين الريحاني وكل أبناء جيلهم أعتبروا أنفسم سوريين وليس لبنانيين أو أردنيين، وذلك لأن لبنان والأردن لم تكن في تلك الأيام قد أصبحت بحكم قرار استعماري دولا مستقلة. هل يعلم أصحاب النعرة الإقليمية أن العربي، وحتى عام 1939 كان يسافر من موريتانيا في أقصى الغرب إلى عُمان في أقصى الشرق دون جواز سفر ودون تأشيرة دخول، وأنه كان يشعر بحقه في الإقامة في أية مدينة أو قرية عربية تروق له، وكان يجد دوما من يرحب به ويشجعه على ذلك؟ إن الهجرات المتلاحقة بين سوريا ولبنان والعراق ومصر، وبالأخص بين فلسطين والأردن تجعل كل أردني فلسطيني، وكل فلسطيني أردني، وكل من يرفض هذه الحقيقة يتنكر لشهداء الجيش الأردني وأبناء العشائر الأردنية الذين سقطوا على أرض فلسطين دفاعا عن القدس وغيرها من مدن فلسطينية. إن جدتي التي ولدت في فلسطين وتوفيت في السعودية ودفنت فيها تبنت فتاة من عشيرة العدوان وخاواها والدي وعمي وتوفيتْ وأنا أناديها عمتي حليمة.
إن اللهجة التي يتحدث بها الإقليميون في الأردن وفي بعض دول خليج تدعو إلى القلق وتنبئ بكوارث إذا لم يسارع الحكام العرب بإجراء إصلاحات جذرية تتجاوز الإقليمية والعشائرية وتقوم على المساواة الكاملة بين أبناء الوطن الواحد. إن السماح بتفشي روح التفرقة بين أردني وفلسطيني مثلا قد يقود في لحظة غضب إلى إنفلات زمام الأمور وإشعال نار حرب أهلية قد تُحول الأردن إلى ساحة صراع لا ينتهي. فكل الدول المحيطة بالأردن ستتدخل لحماية مصالحها، وفي مقدمتها إسرئيل التي ستحاول تحقيق حلمها في التخلص من الفلسطينيين، وستجد إيران والقاعدة فرصتها للتدخل أيضا، بينما ستقف أمريكا مكتوفة الأيدي، قلبها على الأردن وإرادتها مكبلة، وإمكانياتها مسخرة لخدمة إسرائيل والصهيونية التي استعمرت عقول الأمريكيين واشترت ضمائر قادتهم. إن العنصرية الإقليمية هي عنصرية لا تقوم على جنس أو دين أو تاريخ، بل على مصالح شخصية ضيقة تنطلق من نظرة قاصرة وفهم خاطئ للواقع والمستقبل وما يجري في العالم من تطورات اقتصادية وتحولات اجتماعية وثقافية. إن العولمة تتجاوز اليوم التكامل الاقتصادي إلى التلاقح الثقافي، وتقوم في الحالتين بتقويض أسس الإقليمية من خلال إضعاف الدولة القطرية، والغاء استقلالية الاقتصاد، وتفتيت خصوصية الثقافة والهوية السياسية.
إنني أكتب من بيتى في المهجر، بعيدا جدا عن الأردن وفلسطين، لكن حبي ووفائي وإنتمائي للأردن وفلسطين كلؤلؤتين من لآلئ الوطن العربي الكبير دفعني لكتابة هذا المقال.. وأعتذر لمن يختلفون معي في الرأي، فأنا أؤمن بأن كل الأقطار العربية وكل العرب "وطن واحد وشعب واحد".. التاريخ مشترك، والمصير مشترك، والواقع المؤلم مشترك، والأمل الذي فجرته ثورة شباب الأمة العربية مشترك أيضا. كما وأن الحب والعشق لا وطن ولا دين ولا عشيرة له على الإطلاق، فحبي لفلسطين والأردن، وعشقي لمصر والمغرب، وحنيني للكويت ولبنان وألمانيا لا يمكن لأحد أن يصادره ولا أن يسرق بريقه من عيني ما دُمت حيا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.