الشيخ إمام عيسى ، الذى شدا بألحانه فقامت المظاهرات فى أنحاء مصر صوته المتعتش إلى الحرية من داخل زنازين السجون ، صوته المليئ بتأملات المواطن المكدوح وآمالهم والآمهم الذى هو واحد منهم ، ارتبط دائما وأبدا بالحق والمطالبة به والحرية والسخرية من الحاكم ومن النظام بأكمله ، ولد الشيخ إمام محمد أحمد عيسى ، فى قرية أبو النمرس بمحافظة الجيزة لأسرة فقيرة ، فى الثانى من يوليو عام 1918 وأصيب بفقد البصر فى سن صغير ، عاش طفولة قاسية وكان أبوه شديد القسوة عليه فلم يجد بغيته إلا فى حضن أمه التى كانت شديدة الحنان والعطف عليه وفى منتصف الثلاثينيات تعرف الشيخ إمام على الشيخ زكريا أحمد ، فلزمه واستعان به الشيخ زكريا في حفظ الألحان الجديدة واكتشاف نقط الضعف بها، حيث كان زكريا أحمد ملولا، لا يحب الحفظ فاستمر معه إمام طويلا، وحفظه ألحانه لأم كلثوم قبل أن تغنيها، فكان إمام يفاخر بهذا ، حتى أن ألحان زكريا أحمد لأم كلثوم بدأت تتسرب للناس قبل أن تغنيها أم كلثوم، مثل "أهل الهوى" و"أنا في انتظارك" و"آه من لقاك في أول يوم" و"الأولة في الغرام"، فقررالشيخ زكريا أحمد الاستغناء عن الشيخ إمام . وفى عام 1962 حدث اللقاء التاريخى الذى جمع الشيخ إمام بأحمد فؤاد نجم وتعرفا على بعضهما وعرض عليه أحمد فؤاد نجم تلحين أشعاره فوافق ومن هنا بدأت المسيرة التى استمرث حوالى الثلاثين عاما واخرجت كل هذا الإبداع الذى نستمع إليه ونفخر به اليوم . ومن العجيب أن النظام فى وقت الرئيس السابق أنور السادات اعتقل الإثنان بتهمة تعاطى الحشيش فبرأتهما المحاكم المدنية ، فقام باعتقالهما ليخرجا من السجن بعد رحيل الرئيس السادات وليصبح الشيخ إمام أول سجين بسبب الغناء فى العالم العربى وربما فى العالم بأكمله . واستمر النضال لم يحده حد ولم يمنعه سجن حتى وافته المنية فى غرفته المتداعية الفقيرة فى حى الغورية اليوم السابع من شهر يوليو عام 1995 ، وهكذا كان العطاء الفنى الذى يقود المجتمع ويدافع عن الحقوق ، وتشكلت على يديه وأمام ناظريه قصة الثورة والحرية حتى النصر فكان من (الورد اللى فتح فى جناين مصر ) .