لا أظن أن أحدا يسري في عروقه الدم اليمني-سلطة ومعارضة- قد فرح بالمؤامرة الدنيئة التي انتهكت كل القيم الإنسانية باستهداف حياة فخامة الرئيس في بيت من بيوت الله وهو مع رفاقه في حضرة الله، وكيفما كان شكل الجريمة وجنسية من وراءها، فإننا ننتظر اليوم الذي نعرف فيه المنفذين ونشاهدهم ينالون جزاءهم القانوني قبل الرباني. لا شك أن معظم أفراد الشعب اليمني لا يزالون يضعون أيديهم على قلوبهم خوفا على حياة فخامة الرئيس وبخاصة في ظل التخبط الإعلامي الذي زادنا مرضا فوق مرض الانتظار المر، ولا نزال كمن ينتظر حالة ولادة متعسرة؛ نترقب بخوف فرصة الحصول على أخبار حقيقية تبرد قلوبنا وتهدئ نفوسنا وتمنحنا الأمل في أن قادم الأيام لن يكون أسوأ من هذه الأيام السوداء.. جميعنا –نحن التواقين للسلام- لا نملك إلا الدعاء بالفرج ، وأن يعجل الله باليوم الذي نشاهد فيه فخامة الرئيس صحيحا معافى، أو نستمع حتى إلى صوته عبر وسائل الإعلام، وليذهب كرسي الحكم والسلطة التعيسة إلى الجحيم، المهم أن يشفى الرئيس، ويعود إلى بلاده ليهدأ محبوه. نشتاق لعودة رئيسنا لأننا شعب اعتاد استخدام السلاح لحد الإدمان هذه الأيام، وصار معظمنا يستخدمه بمناسبة وبغير مناسبة رغم أنف جميع المرعوبين من النساء والأطفال والمرضى، وربما حينما يعود فخامته نطمئن إلى أن جميع الأسلحة سوف تعود إلى أغمادها ونعيش نهارا هادئا وليلا حالما بعيدا عن الرصاص الطائش والمطيش. في بلاد الله المختلفة يعبر الناس عن أفراحهم بالصلاة والدعاء، أو بالرقص والغناء، أو بالدعم والثناء، إلا عندنا فقد عبرنا بكل الوسائل السابقة، وانفردنا عن العالم بالتعبير عن فرحتنا بنجاة فخامة الرئيس بالسلاح الناري؛ ولأننا متميزون في (القرَّاح) فقد سقفنا مدننا وقرانا بالنيران من كل أنواع الأسلحة ليلة سماع خبر نجاح عمليته، ولم نأبه بأهداف النيران المرتدة إن كانت من البشر أو الشجر أو الحجر أوممتلكات الناس، ولم يفكر أحد منا أن فينا من يمكن أن يكون هدفا للقذائف المرتدة في الشوارع وعلى سطوح المنازل، وبخاصة أن انطفاء الكهرباء وتوقف التلفونات من شدة ازدحام الخطوط قد منع التواصل ومعرفة أن الحرب كانت للتعبير عن الفرح وليست تعبيرا عن الغضب وتوزيع الموت. ومع أننا جميعا لا نزال نشعر أننا في حالة حرب، ويسيطر على الجميع الرعب كلما سمعنا طلقة بندقية، إلا أننا نتحدى أعصابنا المنهارة بمزيد من النيران على طريقة (وداوني بالتي كانت هي الداء)، ولا نزال نطلق النيران كلما تذكرنا أن معنا سلاح في البيوت يمكن أن نجربه أو نجرب قدرتنا على التصويب إذا لزم الأمر، ولا عجب إن صار حديث النساء النواعم عن تجاربهن في إطلاق الرصاص من نوافذ منازلهن تعبيرا عن الفرح واستعدادا للترح ليلتها، فلماذا لا نفرح مثل خلق الله؟!! هذه هي اليمن؛ أصبحت لا تعرف إلا النيران، نيران تصنع الموت ونيران تعلن الفرح، ولا سبيل إلى السلام إلا بإخماد النيران وإشعال العقول النيرة..وإلى أن نسلم قيادنا للعقل قبل العضلات قولوا جميعا: (اللهم إنا نسألك فجأة الخير ونعوذ بك من فجأة الشر)..