حذر نقاد ومتابعون للساحة الفنية من تراجع هامش الحرية في الدراما العربية ، مؤكدين على أن هناك حرصًا شديدًا من جانب الأنظمة السياسية على سير الدراما في إطار سياساتها الخارجية ، حيث تحاول دائما أن تجبر صُنّاعها على السير في أُطر محدودة والاقتراب بحذر شديد من القضايا السياسية. وقالوا إن هناك مصادرة لأفكار المبدعين العرب من خلال حذف انتقادات لجهات معينة ضمن الأعمال الدرامية العربية. مستنكرين رفض أكثر من فضائية عربية عرض مسلسل "الاجتياح" للمخرج شوقي الماجري، فيما قامت بعرضه قناة "L.B.C" اللبنانية، بالرغم من فوزه في مسابقة بجائزة إيمي العالمية ، والتي لا تقل عن جائزة "الأوسكار". والمسلسل من بطولة الفنان منذر الرياحنة الذي جسد فيه دور "مصطفى" أحد رجالات المقاومة الفلسطينية والذي ينقذ ورفاقه فتاتين من حادث سيارة ، وهما "مريم" فتاة عربية و"يائيل" اليهودية ، التي تنشأ بينها وبين مصطفي قصة حب ، فيما يقوم الملازم بالجيش الإسرائيلي ، وهو شقيق "يائيل" بإعدام مصطفى أمام منزل عائلته الذين هجروه عام 1948م. ومسلسل "الاجتياح" يرصد الظروف العامة والخاصة لحالة الحرب التي تقترب من معاناة الشعب الفلسطيني، ويكشف بكل جرأة وحرية حقيقة العدو الإسرائيلي الغاصب. ويري نقاد أن رفض عرضه يرجع لكونه يعكس واقعاً كامناً في صدور الشعوب العربية التي يملؤها الغيظ والكراهية تجاه العدو الذي اغتصب الأرض والعرض وسمح بشلالات الدم تجري على كل شبر من الأرض العربية. وكان التليفزيون المصري قد رفض عرض مسلسل "متخافوش" بطولة نور الشريف وإخراج يوسف شرف الدين بسبب هجومه المباشر على الكيان الصهيوني ، وتدور أحداثه حول الفرق بين اليهودية كديانة والصهيونية كحركة استعمارية هدامة. وعلى الرغم من شراء قطاع الإنتاج التابع للدولة مسلسل "متخافوش" بمبلغ قدره 13 مليون جنيه إلا أنه تم رفعه من خريطة العرض وطاله مقص الرقيب ، في الوقت الذي قامت فضائيات عربية أخرى بعرضه بشكل صريح ودون أي محذوفات. أما مسلسل "هدوء نسبي" فلم يعرض إلا على عدد محدود من الفضائيات العربية حيث يتعرض بشكل مباشر لحال العراقيين بعد سقوط بغداد في يد العدو الأمريكي وتدور أحداثه من خلال المراسلين الصحفيين الذين دفعهم الواجب لتغطية أحداث الغزو وتقديمها للعالم، ونجح العمل بشهادة النقاد في التعبير عن أوجاع العراقيين ورصد المأساة بكامل تفاصيلها. وأكد النقاد أنه إذا كانت الدراما مرآة للواقع ، فهي لن تعكس هذا الواقع إلا إذا كانت الحرية متاحة وسقف الإبداع عالياً ليسمح بمرور الحقيقة كاملة إلى المشاهد.