وصف تقرير صدر مؤخرا عن مؤسسة "ماعت" الحقوقية موقف الحكومة المصرية والمحسوبين عليها من قضية النقاب بأنه وقوف دائم فى المكان الخطأ، وذلك لكون الحكومة تحرص دائما على اتخاذ القرارات، التى تدهس مبادئ الحرية وتتصادم مع معايير حقوق الإنسان، وهذا ما وضح جليا من انحياز الحكومة كعادتها لوأد الحرية الشخصية، التى كفلها الدستور ونادت بها الصكوك الدولية، طالما لا تتعارض، وتعتدى على حرية الآخرين. وأكد التقرير أن قرار وزير التعليم العالى الأخير بمنع الطالبات المنقبات من الالتحاق بالمدينة الجامعية هذا العام، وكذلك قرار المجلس الأعلى للأزهر بمنع الطالبات المنتقبات من دخول المعاهد الأزهرية مخالفة للمادة الثالثة من الإعلان العالمى لحقوق الإنسان، التى تنص على أنه " لكل فرد حق فى الحياة والحرية وفى الأمان على شخصه ". وألمح تقرير "ماعت" إلى أن هذه القرارات "غير المدروسة" تتعارض مع نصوص الدستور المصري، وتحديدا مع المادة (41 )، التى تنص على أن "الحرية الشخصية حق طبيعى وهى مصونة لا تمس" ، علاوة على تضادها مع ما تذهب إليه المادة (57)، التى تنص على أنه " كل اعتداء على الحرية الشخصية أو حرمة الحياة الخاصة للمواطنين وغيرها من الحقوق والحريات العامة التى يكفلها الدستور والقانون جريمة لا تسقط الدعوى الجنائية ولا المدنية الناشئة عنها بالتقادم". ورفضت "ماعت" فكرة فرض زى على المواطنين طالما يلتزمون بالحد الأدنى اللازم لأداء العمل الموكلين به، وما دام النقاب لا يمنع الطالبة من أداء عملها، وإن منعها من ارتدائه لا يعتبر ذو مبرر، لافتا إلى أنه بالنسبة للهاجس الأمني، وما تردد عن تخفى البعض فى زى المنقبات لارتكاب جرائم، فإنه مبرر مردود عليه، لأنه لا تخلو مؤسسة تعليمية من موظفات أمن، يمكن ترك مهمة التعرف على المنقبة لهن داخل غرفة مخصصة لذلك. ونبه التقرير إلى أنه لا يدعو لنشر النقاب، كما لا يدعو لمنعه، ولكنه يدعو فقط لاحترام حق المواطنات فى ارتداء ما يرونه مناسبا فى سياق احترام الحريات الأساسية للمواطنين فى إطار ما يقره الدستور والقانون، وتؤكد عليه المواثيق والعهود الدولية، داعيا وزارة التعليم العالى والمجلس الأعلى للأزهر إلى الترفع عن صغائر الأمور والتوقف عن شغل الرأى العام واستهلاك الطاقات فى أمور بعيدة تماما عن جوهر العملية التعليمية المتردية. وطالب تقرير "ماعت" هذه المؤسسات التعليمية بالسعى لبذل الجهد لتحسين العملية التعليمية وتطوير المناهج، وتوفير المناخ التعليمى الملائم لتخريج أجيال متمكنة من الفهم الصحيح لتعاليم الدين وأوامره ونواهيه وبعيدة عن التطرف والمغالاة والعنف، وقادرة على إدراك جوهر الدين وروحه ولا تكتفى بمجرد الوقوف عند مظاهره.