لا يبالغ المهتمون بقضايا الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال حين يشتكون من ضعف تفاعل الجمهور الفلسطيني مع مناسبة يوم الأسير في السابع عشر من نيسان، ومن اقتصار الفعاليات على نشاطات وكلمات مكررة في مثل هذا اليوم من كل عام، بل ومن تناقص الاهتمام بهذه القضية ليصبح مقتصراً على ذوي الأسرى أنفسهم. ولكن من جهة أخرى، علينا أن نتوقع مثل هذه اللامبالاة تجاه قضية الأسرى، حين يكون مخصصاً لها يوم كل عام، وحين لا يتم الالتفات إلى معاناة الأسرى أو تكريم ذويهم إلا في يوم واحد، إذ ليس من السهل شحن النفوس ودفعها إلى الاهتمام بقضية بوزن الأسرى في مناسبات موسمية تتحول مع الوقت إلى عادات تقليدية تنجز بدافع رفع العتب.
الجمهور الفلسطيني وفصائله غير مطالبين بما يفوق إمكاناتهم، ولسنا هنا بصدد طرح مطالب خيالية ندرك أنها غير قابلة للتنفيذ، لكن أضعف الإيمان يعني دون شك الخروج من نمطية يوم الأسير ومراسيمه التقليدية، والدفع باتجاه تحويل قضية الأسرى إلى شأن وهمّ فلسطيني يومي عبر فعاليات وآليات تضامن متعددة الأوجه، تبقي القضية متحركة وفاعلة، وتعرّف الأجيال الناشئة بشكل خاص على معالم الحركة الأسيرة وصنيع رموزها البطولي الذي كاد يطوى في ملفات النسيان والتجاهل، إذ لو قارنّا مثلا بين حجم الاهتمام الشعبي بأخبار عمليات المقاومة لحظة وقوعها وبين الاهتمام بمتابعة شؤون أبطالها حين يحكمون بالمؤبدات وتحتويهم الزنازين لوجدنا البون شاسعا!
في يوم الأسير الفلسطيني أول أمس لفت نظري في فعالية الخليل رفع صور أسرى المؤبدات على مستوى الضفة وغزة، وأقرّ أن بعضهم كان منسياً بالنسبة لنا، لولا أن عبارة (الأسير القسامي فلان المحكوم بكذا مؤبد) كانت تنعش ذاكرتنا وتحملها على العودة إلى مواقع الأسرى للبحث عن بطولاتهم والتعرف إلى صنيعهم، فوجود عدد كبير جداً من أسرى المؤبدات يعني بالضرورة أن لدينا إرثاً مقاوماً غنياً وممتدا، وأنه سيتحول إلى ذكرى منسية إن بقيت فعاليات نصرة الأسرى تدور في فلك العموميات والهوامش!
وفي يوم الأسير كانت الفعالية الأهم في تقديري الاعتصام الذي نظمه ناشطون مع عدد من أهالي الأسرى أمام سجن عوفر قرب رام الله، ليس فقط لخروجها عن أنماط التضامن المألوفة، بل أيضاً لجرأة المشاركين فيها وإصرارهم على التحدي، وعلى الاقتراب من جرح الأسر أكبر قدر ممكن، وسعيهم لملامسة همّ الاعتقال بشكل عملي ومباشر، ففعاليات من هذا النوع تبقى الأقدر على إيصال رسالة الغضب للمحتل وتذكيره بأننا شعب حيّ لا ينسى أسراه.
فمتى سنشهد فعاليات تحاكي هذه الوقفة؟ ومتى سنخرج ما مراكز المدن الفلسطينية باتجاه نقاط التماس المباشر مع المحتل لإيصال رسائل احتجاجنا وغضبنا في المناسبات الوطنية العامة؟ والسؤال الأهم هل سننتظر حتى 17 نيسان من العام القادم حتى نفكر بفعاليات من هذا النوع أو غيره، أم سيكون للأسرى في كل يوم من أيامنا حيّز ومكان وفسحة للتضامن ولو بالذكرى؟