صدر عن سلسلة ثقافية شهرية والتى تصدر عن دار المعارف رواية العقاد " سارة" إذا كنت ممن يخافون القراءة للعقاد خوفا من أسلوبه الذي يستصعب عليك فهمه .. فإليك "سارة" وهى الرواية الوحيدة التى كتبها العقاد ،تشعر من قراءة الفصل الأول " أهو أنت " بأنك أنت فعلا من يمر بأحداث الرواية حيث يحدث حالة من التوحد بينك وبين بطل القصة فأسلوب العقاد ووصفه لكل ما يمر به البطل من أفكار وخيالات وأحاسيس يبدأ العقاد بوصفه للبطلين والذي لم يذكر لهما أسما في بداية القصة وهما يذهبان بشكل مستمر الى دار الرسوم المتحركة كما أسماها العقاد وهى السينما ويعيشان مع الأفلام سويا ويتناقشان حولها ويقول فى ذلك" وهكذا كانت دار الرسوم المتحركة عندهما شيئا أكثر من ملهى فراغ وموعد اللقاء : كانت محور حياتهما الغرامية........" الى أن وقعت الجفوة بين الحبيبين ومضت عليهما أشهر لا يتقابلا خلالها . إلا أن جاء اليوم وسمع صوتها مرة أخرى قائلة له : "أهو أنت؟ ". ويصف العقاد التضارب بين أفكار البطل في تلك اللحظة هل هى الفرح أم الغضب وينتقل بنا العقاد الى جزء آخر من القصة وهو الشك فهو لايزال فى شك من أن تكون البطلة على علاقة بشخص آخر غيره وهنا يحدث الصراع حيث يتملكه الشك ويقول " كانت شكوكه مرة لا تغسل مرارتها كل أنهار الأرض ........" فلا هو قادر على فراقها مرة أخرى أو الإرتباط بها في ظل الشك علاج الشك بالرقابة وهنا يخطر على باله فكرة حيث سيستعين بالرقابة عليها فهو همام وهى سارة كما أسماهما العقاد في منتصف الرواية ويطلب من صديقة " أمين " أن يتكفل برقابة سارة لمعرفة أماكن ذهابها وهنا تحدث أحداث طريفة من أمين أثناء مراقبته لسارة. ولكن على الرغم من عدم تمكن همام من أن يأخذ أي شئ على سارة فانه فضل القطيعة وهو يعلم أنها ستكون متعبة له من هي سارة ؟ أن سارة هي أرملة في الخامسة والعشرون من العمر لديها طفل إلا أنها أرملة لعوب لا تعبئ باهى عادات وتقاليد أو قيود وهنا وصفها العقاد " وهى وثنية فى مقاييس الأخلاق كما هي وثنية في التدين , لا تؤمن بالعصمة الإنسانية في أحد ولا في صفة وشديدة الإيمان بضعف الإنسان مع أضعف المغريات " ثم يسرد همام كيف تعرف على سارة وكيف أنه كانت له حبيبة أسمها هند وهى بعيدة كل البعد عن صفات سارة " ولقد كانت سارة وهند على مثالين من الأنوثة متناقضين كلتاهما أنثى حقا لا تخرج عن نطاق جنسها غير أنهما من التباين والتنافر بحيث لا تنتمي أحداهما أن تحل محل الثانية وتوشك أن تزدريها " ويذكر أن هند هي التي تركته بعد أن علمت بوجود سارة فى حياته عودة الشك..........! عاد من جديد شك همام بسارة حيث كانا فى نزهة بأحد الحدائق حيث جاء إليها أبنها الصغير وبدء يقول كلام لا يقوله إلا عاشقان فدب الشك مرة أخرى بداخله ولكن تلك المرة تحولت الى يقين وأتخذ قراره بأن يترك سارة وهنا يقول " وخير له أن يفارقها بغير جريرة قادرا على الأم فراقها صائما عن مسراتها." وبالرغم من أن القصة قد تبدو لك عادية خالية من أي عقد وصراعات إلا أنها تتحدث عن أهم صراع داخل الإنسان وهى القلب والعقل والغلبة للأقوى لم يبدأ العقاد قصته بسرد أبطال الرواية بل بدء بالصراع الداخلى لبطل الرواية لكى يجذب الإنتباه ويضع يده على حقيقة مغزى القصة وهو كما ذكرنا القلب بمشاعره أم العقل بالأدلة والبراهين. نبذة عن العقاد مفكر و شاعر وناقد مصري ولد بمدينة أسوان في 28/6/1889، وتخرج من المدرسة الإبتدائية سنة 1903. أسس بالتعاون مع إبراهيم المازنيوعبد الرحمن شكريمدرسة الديوان، وكانت هذه المدرسة من أنصار التجديد في الشعر والخروج به عن القالب التقليدي العتيق. وعمل العقاد بمصنع للحرير في مدينة دمياط وعمل بالسكك الحديدية؛ لأنه لم ينل من التعليم حظا وافرا؛ حيث حصل على الشهادة الإبتدائية فقط، لكنه في الوقت نفسه كان مولعا بالقراءة في مختلف المجالات، وقد أنفق معظم نقوده على شراء الكتب، والتحق بعمل كتابي بمحافظة قنا، ثم نقل إلى محافظة الشرقية. مل العقاد العمل الروتيني، فعمل بمصلحة البرق، ولكنه لم يعمر فيها كسابقتها، فأتجه إلى العمل بالصحافة مستعينا بثقافته وسعة إطلاعه، فأشترك مع "محمد فريد وجدي" في إصدار صحيفة الدستور، وكان إصدار هذه الصحيفة فرصة لكي يتعرف العقاد بسعد زغلول ويؤمن بمبادئه، وتوقفت الصحيفة بعد فترة، وهو ما جعل العقاد يبحث عن عمل يقتات منه، فأضطر إلى إعطاء بعض الدروس ليحصل على قوت يومه. ولم يتوقف إنتاجه الأدبي أبدا، رغم ما مر به من ظروف قاسية؛ حيث كان يكتب المقالات ويرسلها إلى مجلة فصول، كما كان يترجم لها بعض الموضوعات. أما عن أعماله الفكرية الأدبية فهي كثيرة للغاية ويصعب حصرها، لكن بداية ظهوره قي الإنتاج الأدبي كان في سنة 1916، مع ديوانه الشعري الأول، وصدر له بعد ذلك مجموعات شعرية، مثل: هداية الكروان، وأعاصير المغرب، وحي الأربعين، وعابر سبيل