مازال تولي امرأة حكم البلاد أمراً غريباً. مع ان مصر عرفته أيام حتشبسوت وكليوباترا وشجرة الدر. كما عرفته دول آسيا. باكستان والهند وبنجلاديش والفلبين واندونيسيا وسيرلانكا. في السنوات الأخيرة.. ولم تعرفه أوروبا كثيرا فيما عدا انجلترا وفنلندا وايرلندا وألمانيا.. وحتي افريقيا عرفت رئيسة جمهورية في ليبيريا ورئيسة وزراء في افريقيا الوسطي.. وكادت هيلاري كلينتون أن تحكم أمريكا في انتخابات الرئاسة الأخيرة. هذا الأسبوع فازت امرأة برئاسة البرازيل لأول مرة. ولكنها ليست الأولي في أمريكا اللاتينية فقد سبقتها الأرجنتين ونيكاراجوا وشيلي وكوستاريكا. حصلت "ديلما روسيف" التي تخطت الستين من عمرها علي ستة وخمسين في المائة من أصوات الناخبين في جولة الاعادة. وكان يدعمها رجل هو الذي رشحها - الرئيس البرازيلي السابق لولا دا سيلفا - الذي حظي بحب الشعب لانجازاته الرائعة إذ انخفض عدد المتعطلين وارتفع مستوي المعيشة في الوقت الذي انتعش فيه الاقتصاد. ساعد علي ذلك اكتشاف كميات ضخمة من البترول. مما أهل البرازيل لاستضافة دورة الألعاب الأوليمبية 2016 وكأس العالم ..2014 وقد عمل في بداية حياته ماسحا للأحذية ولكنه قضي دورتين رئيسا للجمهورية لا يسمح له بعدها بالترشيح مرة ثالثة ولم يوافق علي محاولات أنصاره لتعديل الدستور. تنوي الرئيسة الجديدة أن تسير علي نفس الطريق. يصفونها بأنها أم البلاد بما تمثله من رعاية واهتمام وقوة.. وكان رفاقها في الماضي يسمونها "جان دارك" الثائرة الفرنسية. فقد حاربت بالسلاح الديكتاتورية التي استولت علي الحكم في ستينيات القرن الماضي. واعتنقت الشيوعية وقضت في السجن ثلاث سنوات تعرضت خلالها للتعذيب والصعق بالكهرباء. قبل أن تعود الديمقراطية للبلاد وتواصل عملها السياسي لتصبح وزيرة للطاقة. رفعت شعار "أوباما" أثناء حملته الانتخابية "نعم نستطيع" بعد أن جعلته "نعم المرأة تستطيع".. وأصبحت الفتاة الثائرة ذات الشعر القصير والعدسات السميكة أول امرأة ترأس جمهورية البرازيل.. وعدت بألا يهدأ لها بال.. طالما هناك برازيليون يعانون الجوع في بلد يقترب تعداد سكانه من المائتي مليونا.. تنوي فتح خزائن الدولة لصالح الناس. وهي التي حاربت الفساد. وشاركت أثناء كفاحها المسلح في سرقة مليونين ونصف المليون دولار من خزينة حاكم مدينة "ساو باولو". لأنها رأتها من حق الشعب والثورة. كذلك تبقي السياسة الخارجية كما هي. وأساس الدفاع عن الديمقراطية وحقوق الانسان. ولو ان الغرب يأخذ علي الرئيس السابق صمته ازاء ما يجري في جارتيه فنزويلا وكوبا وتعاونه مع إيران. إذ قام بزيارة العاصمة الكوبية "هافانا" بعد وقت قصير من وفاة معارضة اضربت عن الطعام في سجنها وعندما سئل قال ان السيدة مسئولة عن موتها.. وأغمض العين عن قبضة "هوجو شيفاز" رئيس فنزويلا الثقيلة علي خصومه والصحافة ونقابات العمال والطلبة.. واستقبل الرئيس الايراني "أحمدي نجاد" بحفاوة دون اعتبار لأحداث العنف والقمع التي أعقبت فوزه رئيساً لايران. يتوقعون أن تواصل الرئيسة الجديدة نفس السياسة الخارجية.. ويقولون ان تلك السيدة الشيوعية السابقة ربما تكون أسوأ!