حمدى هويدى كثيرا ما يتردد فى ذهنى كالكثير من أبناء جيلى فكرة السفر وأن أترك هذه البلد بكل ما فيها وعلى رأى أصدقاء كثيرين ( أتبهدل فى أى حته وأجيب فلوس ولا أتبهدل هنا بملليم) ولأن لمن لا يعرف أن للشاب المصرى الحق فى أن يحب ويخطب من يحبها ويخرج معاها ويكون قادرا على مصاريف ذلك، ويستطيع تحمل نفقات الزواج وتكوين أسرة،ومصرنا الحبيبة بكل شركاتها ورجال الأعمال الموجودين فيها يرون العكس فنحن بالنسبة اليهم عمالة رخيصة يستطيعون أن يوظفونا بأقل الأسعار وإذا أعترضنا أوأبدينا الضيق على الظلم الواقع علينا نجد ملايين الإتهامات أمثال ( معندكومش صبر- مستعجلين- عايزين الفلوس تيجى بالساهل- لازم تتبهدل فى الاول عشان توصل) فى اّخر الأمر يجد الشاب نفسه بين نار بلده التى تعطيه 500 جنيه فى الشهر ونار السفر والبعد والعزلة والوحدة ولكن بمرتب 2000 جنيه (يمكن أكثر) وبالطبع الأختيار يقع على الأفضل وهى الفلوس بالطبع. وفى رحلة الإنتهاء من أورق السفر يجد الشاب روتين وبيروقراطية تؤكد له أن ما أقدم عليه هو الصح ، فالسفر من هذه البلد أرحم كثيرا من السكن فيها(فأنت فيها لا تعيش وأنما تسكن فقط) وبرغم أن بعض الناس يطلقون على هذا جحود أو تبرأ من البلد التى ربتك وأحضنتك ،ولكن على سلم الطائرة حين تنظر الى عيون هذا الشاب المصرى الأسمر المسافر الى بلاد المجهول تجد الحنين تجد الحسرة على ترك حبيبته ( مش مصر) تجد الحزن على ترك الأهل والأصدقاء تجد كل ما يفسر لك ويؤكد لك أنهم وطنين أكثر من أصحاب البدل والمعاطف الفخمة التى يتزينون بها فى مكاتبهم الفخمة،ومع أن مليارتهم تزداد كل يوم ولكن مع الأسف يعطون شبابنا فقط بقايا فتاتهم،هؤلاء يدعوا الوطنية فأنظر الى ذلك الشاب المسافر لتعرف من هو الوطنى وهم يدعون الإنتماء فأنظر الى ذلك الجالس على مقعد الطائرة وقد ربط الحزام وكأنها سلاسل تمنعه من أن يغادر مكانه الذى لو كان بيده لما ركب فى تلك الطائرة التى تمنعه عن كل ما يحبه . فى بلاد الغربة فى بلاد الغربة تجد هذا الشاب المصرى يعمل كادحا ويحاول أن يرضى حتى الأشخاص المارين بالشارع حتى يؤكد لهم أنى لست لصا أو نصابا أنا مصرى وجئت اليكم لست طامعا وأنما محاولا إيجاد فرصة أفضل للعيش ولكن نظرات الجمود والقسوة هى التى يجدها فى العيون. يخرج من عمله يعرف أنه سوف يجلس وحيدا يضربه الهواء البارد فينكمش حتى لو كان فى فصل الصيف يعود ليفتح أنيسه الوحيد الأنترنت الذى يكلم فيه حبيبته فلا هو يستطيع أن يوصل لها مشاعره ولا هى تستطيع أن تذكر له مدى إحتياجها له والأثنان يعيشان نوبة من الكذب فهو يقول لها "أنه مبسوط لأن ما يفعله سيقربهم الى ما يحلمون به"، وهى تقول له "أنا أشعر أنى معك "أما عندما يكلم أهله وبالأخص أمه تجد دموعه تنهمر منه رغما عنه ولأن جهاز الكمبيوتر ما هو الا وسيلة لنقل بيانات أو جمل لا يوجد بها مشاعر لا يصل شئ مما يشعر به. فى بلاد الغربة يشعر الشاب المصرى بأن ما قضاه فى تلك البلاد أكثر بكثير من خمسمائة مليون سنة وأن ما يفصله عن كل ما يحبه هو الحاجة والفلوس وأنه مذلول هناك يتحمل الأهانه والوحدة والغربة والسكون والصمت الذى يصل الى درجة الجنون ولا حيلة له الا التعامل مع جهاز عقيم لا يعرف أى شى عن الإحساس الا عندما يدخل شخص من أقصى الأرض ليتكلم معه محاولا تخفيف قسوة هذا الشعور وهذه الغربة. ويستلقى المصرى الغريب على سرير الغربة ويحاول النوم ويغلق عينه ليجد كل الوحدة والوحشة ولكن فجأة يتذكر حبيبته أهله وأصدقاءه يشعر بالأمان فينام ليستقيظ فى الصباح على يوم جديد بألم جديد . فى النهاية عندى ليكى رسالة يا مصر: (ولادك فى الغربة بيقولولك ياريت تعرفى أن الغربة تربة )