أكد البيان الحكومى الصادر - أمس الاثنين - عن مركز معلومات مجلس الوزراء، أن تطعيم الحجاج المصريين ضد مرض أنفلونزا الخنازير قبل سفرهم لأداء الفريضة سوف يكون إجباريا على جميع الحجاج، لأن السلطات السعودية اشترطت ضرورة التطعيم ضد هذه النوعية من الأنفلونزا إضافة إلى الأنفلونزا الموسمية، وذلك للسماح للحجاج بالدخول للأراضى السعودية. ولفت البيان الحكومى إلى أنه تعاطيا مع هذا المطلب السعودى سارعت وزارة الصحة إلى التعاقد مع شركة "جلاسكو سيمث كلاين" البريطانية لتوريد 5 ملايين جرعة من المصل المضاد لمرض أنفلونزا الجنازيرعلى أن تأتى هذه الجرعات على فترات زمنية مختلفة، حيث سيتم الحصول على 80 ألف جرعة فى شهر أكتوبر المقبل لتطعيم الحجاج قبل سفرهم. لكن الغريب فى الأمر هو اشتراط الشركة المنتجة لهذا اللقاح على الحكومة المصرية بضرورة توقيع كل حاج على إقرار تنفى عن الشركة المسئولية فى حال ظهور أية أعراض جانبية لهذا اللقاح، وهذا ما يتخوف منه ويرفضه الحجاج بشدة، رافضين مبدأ الإلزام فى هذا الأمر، متعللين بأن هذا اللقاح إلى الآن ليس آمنا والدليل على ذلك ما تطالب به الشركة المنتجة. وبدورها، اضطرت وزارة الصحة إلى التراجع عن التأكيدات، التى جاءت على لسان وزيرها د. حاتم الجبلي، التى شدد فيها على ضرورة توقيع الحجاج على إقرارات بموافقتهم على تناول هذا اللقاح؛ ليتحملوا المسئولية الشخصية عن الآثار الجانبية المحتملة للقاح، مستندة فى تراجعها على الموافقة الصريحة التى صدرت عن هيئة الدواء الأوروبية على هذا اللقاح، وبالتالى فإن تناوله أمر لا ينطوى على أية مخاطر. لكن خبير الصحة الألمانى ولفجانج ودراج حذر فى بحث علمى نشره فى احدى المجلات العلمية الألمانية حديث له من احتمالات بالإصابة بالسرطان جراء استخدام هذا اللقاح، موضحا أن هذا المصل له العديد من الأعراض الجانبية التى متوقعا لها أن تكون أسوأ بكثير من الأعراض، التى يسببها فيروس أنفلونزا الخنازير نفسه. وبدوره، قال د. عبد الهادى مصباح -استشارى المناعة والتحاليل الطبية – إنه من الأفضل عدم تناول أى لقاح مضاد للفيروسات بمجرد طرحه فى السوق، لما ينطوى عليه هذا التسرع من مخاطر جمة، بعيدا عن هذا اللقاح تحديدا، خاصة أن الجميع يتذكرون جيدا ما حدث فى أمريكا عام 1976, عندما أقبلت أعداد غفيرة على تناول لقاح قد تم إنتاجه فى هذا الوقت قبل تجريبه بشكل دقيق مما ترتب عليه مخاطر جمة. وأضاف مصباح أن تحمل إمكانية حدوث مخاطر لتناول مثل هذه اللقاحات لابد أن تكون فى حالة إذا ما حدث تحور للتكوين الجينى للفيروس بحيث يصبح أكثر خطورة، وبالتالى ارتفعت نسبة وفياته، وهنا يكون من الممكن تناول اللقاح رغم إمكانية حدوث مخاطر ويكون تناوله للضرورة، مؤكدا أن وضع الفيروس الحالى لا يتطلب سوى إتباع أساليب الوقاية وهى كافية لمكافحته, ولأن تناول اللقاح قد يحمل أثارا جانبيه غير معلومة فيكون ذلك تصرفا متعجلا, بالقياس لما حدث من قبل. أما فكرى محمد مصطفى المحامى بالنقض والدستورية العليا فأكد عدم قانونية هذا الإجراء، فلا يحق لأحد أبدا أن يلزم إنسان بالقيام بتناول علاج قهرا بدون رغبته، بل ينطوى هذا السلوك على إجرام لو كان هناك احتمالية ترتب أثار جانبية ضارة على تناوله، موضحا انه لا يليق أبدا أن تتفق بعض الدول على إرغام هؤلاء الراغبين فى الحج على القيام بفعل غير قانونى مستغلين فى ذلك رغبته الجامحة فى حج بيت الله. وأشار فكرى إلى أن التوقيع على التقرير فى هذا الشأن إن كان يعفى الشركة فى حال حدوث آثار جانبية سلبية لهذا اللقاح لا يعفى أبدا الحكومات التى فرطت فى صحة مواطنيها وألزمتهم على القيام بتجريب هذا اللقاح على أنفسهم وبالتالى حولتهم إلى فئران تجارب، وهذه مسئولية سوف يحاسبهم التاريخ عليها.