دحتي الأحكام القضائية تصدر لها حيثيات تشرح بالتفصيل الأسباب والملابسات.. فلماذا تتركنا هيئة الاستثمار نضرب أخماسا في اسداس محاولين عبثا معرفة أسباب قرارها الثلاثاء الماضي. ووقف بث قنوات الناس وخليجية والحافظ والصحة والجمال وانذار قناتي أون تي في والفراعين. مخالفة شروط الترخيص.. هكذا بررت الهيئة الموقرة, في بيان من عدة سطور, قرارها دون أن تشرح لنا ماذا تعني هذه العبارة الغامضة التي تتكرر من حين لآخر دون ان يدرك الناس ما الفرق بين مخالفة شروط الترخيص لبناء عمارة مثلا ومخالفة الترخيص لقناة فضائية؟ الغموض البيروقراطي غير البناء الذي غلفت به الهيئة قرارها جعل الخبراء أو من يصفون انفسهم بهذا المسمي لا يستطيعون تقديم تفسير أو تحليل مقنع فلجأ معظمهم إما إلي تسييس القضية والقول بأن هناك تراجعا في الهامش الديمقراطي, وان الأمر مرتبط بقرب الانتخابات, أو إلي الدفاع عن القرار ونفي أي دوافع سياسية وراءه, وفي الحالتين لم تكن هناك معلومات بل آراء ووجهات نظر يمكن ان يقولها اي شخص دون ان يحمل صفة خبير أو محلل سياسي. نسيت الهيئة ان المشاهد الذي يتابع مثل هذه القنوات يستحق ان يعرف تفصيلا: ماهي الاخطاء التي وقعت فيها القنوات؟ وفي اي برامج بالضبط؟ ومتي؟ ولماذا لم يتم الزام تلك القنوات باذاعة بيان بالاخطاء التي ارتكبتها كما يحدث في كل قنوات العالم؟. وليس في الامر بدعة, فالقنوات المخالفة تذيع علي الملأ وبرامجها ليست سرية, ولذلك من الضروري ان تكون هناك شفافية كاملة يقتنع من خلالها المشاهدون بأن هناك أخطاء جري ارتكابها فعلا تبرر قرار الوقف أو حتي الاغلاق. يمكن للهيئة ان تتعلل بأنها جهة فنية لاتتدخل تفصيلا في المضمون لكن البيان الذي صدر عن رئيسها تحدث عن شكاوي جري التحقيق فيها وعن ضرورة الالتزام بأخلاقيات العمل المهني وميثاق الشرف الاعلامي, أي أن هناك حديثا عن المضمون, والأهم أن هناك مشاكل في هذا المضمون, فلماذا يتم اختزال ذلك كله في مخالفة شروط الترخيص وكأنه عبارة سحرية كفيلة بإقناع الجميع بصحة القرار. قد يكون للقرار ابعاد سياسية وقد لايكون, لكن طريقة تعامل هيئة الاستثمار معه ومع تداعياته, أعطت اصحاب هذا التوجه السياسي ذخيرة معتبرة يدافعون بها عن آرائهم, الأمر الذي يؤكد أن مثل هذه القضايا لايجب تركها في ايدي الفنيين فقط.