كانت بداية الطفل الصغير محمود أحمد سلامة ابن الصف الخامس الإبتدائي مع القرآن وهو في الرابعة من عمره، حيث كان يفتح المصحف ويقرأ من أي صفحة بشكل سليم يدهش من حوله دون مساعدة من أحد. سلامة (11 عاما) بدأ يحفظ القرآن الكريم بتشجيع من والده، وبعد يومين فقط من إلتزامه بجلسة تحفيظ القرآن في مسجد الرحمة بحي الأمل غرب مدينة خان يونس، قبض الله روح والده، وبقي اليتيم يعاني مرارة فقدان الأب فترة طويلة، انقطع خلالها عن الحفظ، حتى عادت همته من جديد بمساندة من أحد أقرانه في الصف الثالث الابتدائي. وتنحدر أصول الشبل الحافظ من قرية الخيمة في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 48، وعمل والده في سلك التعليم إلى حين وفاته أواخر العام 2005، أما والدته المعلمة "أم محمد" فهي الأخرى تعمل في سلك التعليم، ورعت المسيرة القرآنية لولدها محمود بعد وفاة والده بكل جدارة وأمانة. ويقول محمود :"كان جدي يدفعني للقرآن، ووالدي ووالدتي كانوا يشجعاني، وكنت أذهب مع والدي كل جمعة للصلاة في مسجد الرحمة وعشقت القرآن الكريم منذ كنت صغيرا والفضل لله". وعن بداية الحفظ، قال: "بدأت أحفظ بالتدريج، بدأت بالسور القصار ثم تدرجت، في البداية كان الأمر سهلا، ثم وجدت عدة صعوبات عند السور الطوال، ثم تعودت على الحفظ وأصبح الأمر سهلا". ويشير إلى أنه كان يقرأ الصفحة التي يريد أن يحفظها عدة مرات قبل أن يسمعها لنفسه ويتتبع مواطن الخطأ والخلل" أما في رمضان الذي انقضى قبل أيام.. فيلفت إلى أنه كان يراجع جزءا من القرآن بعد كل صلاة. ومنذ اللحظات الأولى التي توجه فيها لحفظ القرآن، تعلق قلب محمود بمشرفه الشيخ بلال الغرابلي، والذي تقول "أم محمد" إنه كان له الدور الأكبر بعد الله عز وجل في حفظ محمود للقرآن الكريم. ويقول الغرابلي: "في البداية، عجبت لسرعة حفظه وذكائه وهمته، اعتبرته ابني الصغير، وتمنيت أن يكون حافظا متقنا، فوجدت أهمية الاهتمام الخاص به، وفعلا في الشهور الستة الأولى حفظ محمود سبعة أجزاء، مع التثبيت، وخلال شهري الصيف أتم حفظ 23 جزءا، ليكتمل حفظه للقرآن". ونوه الشيخ الغرابلي إلى أن محمود بات علما في المسجد يعرفه الجميع، ويناديه إمام المسجد ب "مولانا" (مصطلح يطلق على العلماء والمشايخ والمقرئين) ويحبه الجميع ويقبلوا رأسه ويسمحوا له بالصلاة في الصف الأول. "أم محمد" تشير إلى أن نجلها محمود يتميز بسرعة الحفظ، وتحدثت أنه كان يستيقظ في الإجازة الصيفية باكرا بينما يكون كل الأطفال نائمين، فيتناول الفطور ويشرب الحليب ويصلي ثم يبدأ الحفظ لوحده في البيت ثم يذهب للمسجد. ويرغب محمود في وقتي الفجر والمغرب من أجل الحفظ والمرجعة، وتقول والدته: "أول ما يصحى من النوم يستيقظ على قراءة القرآن مباشرة قبل أي شيء آخر". وترجع "أم محمد" بالذاكرة إلى الأيام التي أنجبته فيها، وتقول: "ولدت محمود في 25/2/1999فكان وزنه عند الولادة 3 كيلوات، وبعد أسبوعين اكتشفنا أن عنده ثقب في القلب، أصبحنا نجري به على الأطباء ، لكن رغم ذلك كان متميزا، فالنور يشع من وجهه وعيونه عيون رجل، واسعتين هكذا، بالرغم من أنه وجهه صغير جدا". وتابعت "بعد أسبوعين أخذت إجازة من العمل وذهبت به إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948 وأجرينا له عملية قلب مفتوح، وبعد العملية أتينا له بحاضنة استمرت معه لمدة 4 شهور لا يخرج من باب الغرفة، بدأ يسمن، لكن وجهه لازال صغيرا، لكن تعلوه نضارة رغم مرضه، فوجهه ليس وجه مريض، كنت أشعر وكأنه رجل وهو في السرير".
وتضيف "عندما أصبح عمره سنتين ونصف أذهبناه للروضة، وعندما أصبح 3 سنوات ونصف بدأ يحفظ من سورة الإسراء، وأذكر أن الروضة عملت احتفالا كان محمود عريفا له، وقرأ يومها القرآن أمام الحضور وهو في هذه السن الصغيرة". وتشير والدته إلى أن طفلها كان يتميز حين بلغ 4 سنوات، أنه كان يفتح المصحف على أي صفحة في المصحف ويقرؤها بشكل كامل وسليم، وكان يقرأ بإستمرار، وتقول: "جده كان يخبرنا أن الناس أصبحت تخاف عليه من العين والحسد، الناس كانت تستغرب منه وهو يفتح القرآن في المسجد ويقرأ لوحده".