* منذ عرفت البشرية التفاوض لإنهاء الحروب والنزاعات.. مقابل السلام في مفاوضات قادش بين رمسيس الثاني الحيثيين.. وملفات المفاوضات سواء بين طرفين فقط أو أكثر "كما حدث بعد الحرب العالمية الثانية في بوتسدام مثلا" تشبه إلي حد كبير جبال الجليد التي تضع أطرافها فقط علي سطح الماء.. بينما تتغلغل جذورها إلي اعماق لا يراها حتي الغواصون.. وبالتالي يرصد المتابعون لأحوالها مدي التقدم للوصول إلي حل نهائي.. أو التراجع من خلال ارتفاع أو تراجع الجزء الظاهر من الجبل وفي نفس الوقت انتظار المعجزة.. بناء الثقة والعيش في أمان وحسن جوار.. كما تتمني للفلسطينيين والاسرائيليين من خلال حل الدولتين المطروح.. وهو هدف لو تعلمون عظيم.. رغم صواريخ المستوطنات.. واقتلاع الأراضي وعدم الاعتراف بحق العودة للاجئين.. والتصويت الشعبي بالموافقة علي الحلول وفقا لقوانين الكنيست التي يستطيع التراجع فيها خلال لحظات.. ولا ننسي قضية مزارع شبعا "مسمار جحا الاسرائيلي" بالنسبة لاستقرار لبنان الشقيق.. أو الانسحاب من هضبة الجولان السورية التي تحرص تل أبيب علي التمسك بها لآخر مدي ممكن.. وإذا ما أبطلنا فعالية هذه الصواريخ من خلال المفاوضين أنفسهم ورغبتهم في السلام أو الوسيط الامريكي المتابع.. والذي لم يفقد حماسه عن كتابة هذه السطور.. علينا ألا ننسي ذلك الطبق السري علي مائدة المفاوضات ونعني به يهودية الدولة التي رفضها ترومان أكثر رؤساء أمريكا رعاية للصهيونية.. ويطلبها نتنياهو وأولمرت وليبرمان الآن. * وبالإضافة للمتابعة المكوكية لكبار رجال الإدارة الأمريكية بجولات التفاوض في شرم الشيخ والقدس ورام الله.. فإن هناك من يتحدث في حضور تسجيل للرئيس باراك أوباما للجولة علي هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك حيث من المقرر أن يتحدث أوباما وعباس ونتنياهو من فوق منبر بيت العالم عن سياسات بلاده تجاه القضايا العالمية ولن يتجاهل بطبيعة الأمر قضية الشرق الأوسط بما فيها من نزاع مرير.. وتعقيدات متشابكة إذا حلت أمكن صياغة أحوال المنطقة من جديد في اتجاه السلام والتنمية. وأكد الرئيس الأمريكي الذي يحمل علي كتفه خطابه التنويري في جامعة القاهرة.. أكد في الرد علي حملة توقيعات 850 ألف من أبناء الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال والموجودين في الشتات الالتزام بحل الدولتين.. والحرص علي تحقيق مستقبل أفضل للشعب الفلسطيني والتزامه شخصيا بتحقيق السلام والأمن والرخاء في المنطقة وان الإدارة الأمريكية تعمل حاليا بجد ودون توقف لانجاح جهود السلام في الشرق الأوسط.. ودعا أوباما الفريقين المتفاوضين إلي معالجة القضايا النهائية.. وإنجاز اتفاق خلال عام.. موضحا ان بلاده ستساعد السلطة الفلسطينية في بناء المؤسسات تحقيقا بتطلعات الشعب الفلسطيني.. مؤكدا ان بلاده ستشارك انتفاضة بحقوق الفلسطينيين وحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره والعيش بكرامة.. ولعل ذلك يفسر لنا إيجابية المعالجة التي نلمسها هذه المرة.. وبعد جولات عديدة من المفاوضات المباشرة وغير المباشرة.. واقتراح الحلول للعقبات التي تعترض جبل الجليد.. والمثال جاء هذه المرة من ايهود اولمرت رئيس الوزراء السابق بأن الولاياتالمتحدة وافقت علي ايواء نحو 100 ألف لاجيء فلسطيني ومنحهم الجنسية الأمريكية.. مع السماح بعودة 20ألفا إلي أراضيهم لظروف إنسانية.. وهذا المقترح يمكن تنشيطه والبناء عليه من خلال اقناع دولة مثل كندا والاتحاد الأوروبي بإيواء اعداد أخري ومنحها الجنسية تخفيفا من الأعباء المتوقعة علي الدولة الوليدة.. ورغم العاصفة السوداء التي آثارها وزير الخارجية الاسرائيلي ليبرمان في سماء التفاوض عندما اقترح شمول المفاوضات لمستقبل عرب 1948 داخل دولة اسرائيل.. في ضوء مطالبتها بيهودية الدولة وأن يتغير هدف التفاوض "من الأرض مقابل السلام" إلي تبادل للأرض والسكان.. وكما هو معروف فإن هناك تخوفا اسرائيليا من القنبلة الديموجرافية.. وتجاوز اعداد العرب داخل اسرائيل للسكان اليهود خلال سنوات قليلة قادمة.. مما يجعل هناك تأييدا للتخلص من السكان العرب ليس من المستوطنين فقط بل ومن قبل فئات أخري من الشعب الأمريكي والذي لا تكف حكومته في محاولة تهجير المزيد من اليهود من الهند والحبشة والأرجنتين للحفاظ علي أغلبية السكان اليهودية. * ولكن علينا من الجانب الآخر الأخذ بالاعتبار التيار العالمي لتحقيق السلام والدفاع عنه والاحتفال بيوم عالمي للسلام برعاية الأممالمتحدة "الشباب من أجل السلام.. المستقبل" ويعبر عنه بان كي مون الأمين العام قائلا.. المستقبل يعني السلام لشعوب الأرض وبما ان الشباب هم المستقبل فهم صناع هذا اليوم للأجيال القادمة التي نتمني أن تعيش في عالم أفضل من الأمس.. كما ان الدعوة تشمل وقف اطلاق النار وانهاء العنف وتوقف الحروب والصراعات لأيام وساعات لإتاحة الفرصة للعاملين بالإغاثة ولعل التقاط الأنفاس يتحول إلي نهاية للعنف. * ويبدو مستحيلا أن تتحقق التنمية في العالم علي قدم المساواة وسباق التسلح مازال ضاريا حيث تجاوز حجم الانفاق العسكري 5.1 تريليون دولار.. وفي الشرق الأوسط نحو مائة مليار دولار.. لذلك فإن تحرك قطار السلام بالشرق الأوسط.. وظهور كتل أكبر من جبل السلام علي سطح المنطقة.. بشري خير ينتظرها شعوب العالم.. وليس المنطقة وحدها.. ويأملون أن نعترف بحظر شامل لأسلحة الدمار الشامل.. وإخلاء الشرق الأوسط من الأسلحة النووية التي تمتلكها تل أبيب.. وترفض رسميا التفتيش عليها.. كذلك لسنا في حاجة إلي نجاح المفاوضات الحالية.. وخروج الدولة الفلسطينية المستقلة إلي النور.. انما يفتح الباب للمنطقة للتفكير في البنية المستدامة.. وجعلها مجالا خصبا لبناء الثقة.. ولنا أن نتصور شكل المنطقة بعد تحقيق السلام العادل والشامل.. وشكرا للرجال والقادة الذين سعوا لتحقيق السلام ببصيرة ثاقبة.. وجهود لم تنقطع.