المشاط: 3 مليارات دولار تمويلات ميسرة من بنك الاستثمار الأوروبي للقطاع الخاص منذ 2020    مياه الغربية: تطوير مستمر لخدمة العملاء وصيانة العدادات لتقليل العجز وتحسين الأداء    محلل استراتيجي أمريكي: اتفاق وقف النار في غزة فرصة تاريخية للسلام    وزير فلسطيني: 300 ألف وحدة سكنية مدمرة و85% من شبكة الطرق في غزة تضررت    يلا شوت منتخب العراق LIVE.. مشاهدة مباراة منتخب العراق وإندونيسيا بث مباشر جودة عالية اليوم في تصفيات كأس العالم 2026    وزير الشباب والرياضة يتابع استعدادات الجمعية العمومية للنادي الأهلي    ضبط 5 أطنان دواجن فاسدة داخل مجزر غير مرخص بالمحلة الكبرى    صوروه في وضع مخل.. التحقيقات تكشف كواليس الاعتداء على عامل بقاعة أفراح في الطالبية    شريف فتحي يبحث تعزيز التعاون السياحي مع قيادات البرلمان والحكومة الألمانية    وزارة الري: إدارة تشغيل المنظومة المائية تجري بكفاءة عالية لضمان استدامة الموارد    جماهير النرويج ترفع أعلام فلسطين في مواجهة إسرائيل بتصفيات كأس العالم 2026    «تفاجأت بإنسانيته».. فيتوريا يكشف أسرار علاقته ب محمد صلاح    9 مرشحين بينهم 5 مستقلين في الترشح لمجلس النواب بالبحر الأحمر ومرشح عن حلايب وشلاتين    التشكيل الرسمى لمباراة الإمارات ضد عمان فى تصفيات كأس العالم 2026    محافظ الأقصر يقوم بجولة مسائية لتفقد عدد من المواقع بمدينة الأقصر    ليلى علوي تهنئ إيناس الدغيدي بعقد قرانها:«فرحانة بيكم جدًا.. ربنا يتمملكم على خير»    تامر حسني وعفروتو وأحمد عصام يشعلون حفلاً ضخماً في العين السخنة (صور)    المايسترو محمد الموجى يكشف ل«الشروق» كواليس الدورة 33 لمهرجان الموسيقى العربية    القسوة عنوانهم.. 5 أبراج لا تعرف الرحمة وتخطط للتنمر على الآخرين    رئيس جامعة الأزهر يوضح الفرق بين العهد والوعد في حديث سيد الاستغفار    وزير الصحة يبحث مع شركة «دراجر» العالمية تعزيز التعاون لتطوير المنظومة بمصر    وفقًا لتصنيف التايمز 2026.. إدراج جامعة الأزهر ضمن أفضل 1000 جامعة عالميًا    QNB يحقق صافى أرباح 22.2 مليار جنيه بمعدل نمو 10% بنهاية سبتمبر 2025    لامين يامال يغيب عن مواجهة جيرونا استعدادا للكلاسيكو أمام ريال مدريد    وزير خارجية الصين يدعو إلى تعزيز التعاون الثنائي مع سويسرا    رسميًا.. موعد تطبيق التوقيت الشتوي 2025 وتغيير الساعة في مصر    عالم أزهري يوضح أحكام صلاة الكسوف والخسوف وأدب الخلاف الفقهي    عالم أزهري يوضح حكم تمني العيش البسيط من أجل محبة الله ورسوله    هل متابعة الأبراج وحظك اليوم حرام أم مجرد تسلية؟.. أمين الفتوى يجيب "فيديو"    رئيس جامعة قناة السويس يشارك في وضع إكليل من الزهور على النصب التذكاري لشهداء الوطن    مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الصحية: لا تفشٍ لفيروس كورونا مرة أخرى    نزلات البرد.. أمراض أكثر انتشارًا في الخريف وطرق الوقاية    التوقيت الشتوي.. كيف تستعد قبل أسبوع من تطبيقه لتجنب الأرق والإجهاد؟    قيل بيعها في السوق السوداء.. ضبط مواد بترولية داخل محل بقالة في قنا    بتهمة خطف طفل وهتك عرضه,, السجن المؤبد لعامل بقنا    معهد فلسطين لأبحاث الأمن: اتفاق شرم الشيخ يعكس انتصار الدبلوماسية العربية    في 3 أيام.. إيرادات فيلم هيبتا 2 تقترب من 11 مليون جنيه    الداخلية تكشف حقيقة سرقة شقة بالدقي    «الري»: التعاون مع الصين فى 10 مجالات لإدارة المياه (تفاصيل)    غدًا.. محاكمة 60 معلمًا بمدرسة صلاح الدين الإعدادية في قليوب بتهم فساد    منظمة العمل العربية تطالب سلطات الاحتلال بتعويض عمال وشعب فلسطين عن الأضرار التي سببتها اعتداءاتها الوحشية    الجو هيقلب.. بيان عاجل من الأرصاد الجوية يحذر من طقس الأيام المقبلة    الداخلية تكشف تفاصيل ضبط سائق يسير عكس الاتجاه بالتجمع الخامس ويعرض حياة المواطنين للخطر    تفاصيل لقاء السيسي بالمدير العام لليونسكو (صور)    إيهاب فهمي: "اتنين قهوة" يُعرض في ديسمبر | خاص    الرباعة سارة سمير بعد التتويج بثلاث فضيات ببطولة العالم: دايمًا فخورة إني بمثل مصر    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 11-10-2025 في محافظة الأقصر    العرفاوي: لا ندافع فقط في غزل المحلة.. ونلعب كل مباراة من أجل الفوز    عاجل- الدفاع المدني في غزة: 9500 مواطن ما زالوا في عداد المفقودين    «المشاط» تبحث مع المفوض الأوروبى للبيئة جهود تنفيذ آلية تعديل حدود الكربون    زراعة المنوفية: ضبط 20 طن أسمدة داخل مخزنين بدون ترخيص فى تلا    انتخابات النواب: رقمنة كاملة لبيانات المرشحين وبث مباشر لمتابعة تلقى الأوراق    نائبة وزيرة التضامن تلتقي مدير مشروع تكافؤ الفرص والتنمية الاجتماعية EOSD بالوكالة الألمانية للتعاون الدولي    الرعاية الصحية: تعزيز منظومة الأمان الدوائي ركيزة أساسية للارتقاء بالجودة    منها «القتل والخطف وحيازة مخدرات».. بدء جلسة محاكمة 15 متهما في قضايا جنائية بالمنيا    أكسيوس عن مسؤول أميركي: نتنياهو لن يحضر القمة التي سيعقدها ترامب بمصر    أسعار اللحوم اليوم السبت في شمال سيناء    «رغم زمالكاويتي».. الغندور يتغنى بمدرب الأهلي الجديد بعد الإطاحة بالنحاس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فولتير.. والإخوان.. وبهيرة ونافعة وعاشور وجمال إياه! - د. سعد الدين إبراهيم - المصرى اليوم
نشر في مصر الجديدة يوم 18 - 09 - 2010

حينما أصبح حسنى مُبارك، نائباً للرئيس، ثم رئيساً، كنت أراه مرة أو أكثر سنوياً، واعتقد البعض أننى أحد مُستشاريه، إلى أن توقفت هذه العلاقة عام 1987، فى أعقاب تصريح لى عن حق الإخوان المسلمين فى المُشاركة السياسية العلنية، وأن يكون لهم حزب سياسى.. وفى أول مُناسبة رآنى فيها أثناء افتتاحه معرض الكتاب، حيث كنت أقف للترحيب به فى الجناح المُشترك لمركز ابن خلدون ومُنتدى الفكر العربى، قال لى: «دع الإخوان ينفعوك، حينما يكون لهم حزب، ستكون أول ضحاياهم»، ومضى مُسرعاً إلى جناح آخر، ولم يُمهلنى للإجابة أو التعليق. ولم يكن الرئيس هو وحده الذى استاء من تصريحى عن حق الإخوان فى العمل العام، ولكن شاركه فى ذلك فى حينه، مُعظم القيادات القبطية وأحد قيادات حزب التجمع اليسارى، والذى أصبح رئيساً له بعد ذلك.
وفى عام 1994، حينما دعوت إلى مؤتمر للحوار حول هموم ومُشكلات الأقباط فى مصر وبقية «الأقليات» فى الوطن العربى، هاجمنى الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل. وكان هجومه فى صحيفة الأهرام بداية لهجوم دام حوالى ثلاث سنوات، وشارك فيه ما يزيد على خمسمائة كاتب وناشط، إما بدعوى أنه لا توجد عندنا «أقليات» من أصله، أو حتى لو وجدت فإنه ليس لديها مشكلات تُذكر، وأن فتح هذا الموضوع يُهدد «الوحدة الوطنية المصرية»، أو «الوحدة القومية العربية». ودارت الأيام وصحّ ما حذرنا منه فى مصر، والسودان، ولبنان، والعراق. حتى أن الأستاذ هيكل نفسه فى إحدى حلقاته التليفزيونية المُبكرة على قناة الجزيرة، أكد بملء فيه أن «مسألة الأقليات»، هى من أكبر التحديات التى تواجه العرب.
وفى ذكرى إعادة افتتاح مركز ابن خلدون للدراسات الديمقراطية عام 2004، أعلنت نيتى ترشيح نفسى لرئاسة الجمهورية مُنافساً للرئيس حسنى مُبارك. رغم أن ذلك لم يكن مُمكناً فى ظل الدستور القائم وقتئذ، والذى كان يفرض على المواطنين نظاماً استثنائياً، يقولون بموجبه «نعم» أو «لا»، على شخص مُرشح واحد، يُسميه مجلس الشعب. وكانت النية المُعلنة هى إقامة انتخابات «موازية»، يختار فيها المواطنون من عدة مُنافسين. لقد كُنا نُحاول كسر أحد المُحرمات السياسية.
وراقت الفكرة للصديقة د. نوال السعداوى، الطبيبة والروائية الشهيرة، فاتصلت بى لاستمزاج الرأى فى كسر أحد «المُحرمات الذكورية»، وهى قصر العمل السياسى فى مُجتمعنا على الرجال. وتحمست للفكرة، وحضرت معها مؤتمراً صحفياً، أعلنت فيه نيتها الترشح. وسرعان ما انضم للثنائى سعد ونوال، النائب محمد فريد حسنين، وأصبحنا ثلاثياً، فتحت له الفضائيات العربية (الجزيرة، أوربت، العربية) أبوابها، حيث لم تكن هناك أحداث إخبارية أخرى تستحق الاهتمام. وفى نوفمبر من عام 2005، انضم النائب الدكتور أيمن نور إلى الساحة التنافسية، وكان قد حصل فى حينه على موافقة من مجلس الشورى على تأسيس حزب «الغد»، فأصبحنا رُباعياً مُزعجاً للنظام.
وفى كل ليلة كنا نظهر على القنوات الفضائية العربية، ثم العالمية، كُنا نتحدى الرئيس ندعوه لمنازلتنا فى انتخابات تنافسية حُرة. وهو ما دفعه إلى تعديلات دستورية، بدت فى مظهرها، كما لو كانت تسمح بالتنافسية، ولكنها فى جوهرها من خلال المواد 76و77و88 تُقصر المُنافسة الحقيقية على الرئيس ونجله، حتى لو سمح ببعض «الكومبارس»، هنا وهناك. ولكن هناك قانونا فى علم الاجتماع السياسى عن «النتائج غير المتوقعة للفعل الاجتماعى»، وهو ما ينطبق تماماً على الحالة المصرية. فرغم ما بدا فى حينه كأنه «لعبة» أو «فرقعة إعلامية»- من سعد ونوال وفريد- لما كان أيمن نور، ولا الحركات الاحتجاجية فى السنوات الخمس التالية، ولا كان د.البرادعى، ولا كانت المُراقبة المحلية والخارجية للانتخابات.
إن هذه المقدمات والخلفيات ضرورية لتوضيح واقعة التوقيع على بيان الحملة الشعبية لترشيح جمال مُبارك للرئاسة.
1- لقد كنت أنا (وأعوذ بالله من أنا)، فى شهر رمضان، أول من حذّر من ظاهرة التوريث، فى مقالنا الشهير بعنوان «الجملوكية: مُساهمة الرؤساء العرب لعلم السياسة فى القرن الحادى والعشرين» مجلة (المجلة اللندنية). وكان ذلك فى أعقاب رحيل الرئيس السورى حافظ الأسد، فى يونيو 2000، وعلى فضائية أوربت، مع الإعلامى الشهير عماد أديب، والتى غطت كل وقائع جنازة الأسد، على امتداد 12 ساعة، وحيث كنت أتلقى أسئلة المُشاهدين من كل أنحاء العالم، والتى دارت حول مستقبل الحُكم فى سوريا. ولما تنبأت بأن الحُكم سيورّث لابنه بشّار، سألنى آخرون عما إذا كان ذلك سيكون «استثناء» أم «سابقة» قد تتكرر فى بُلدان عربية أخرى؟ وكانت إجابتى أنها ستكون سابقة فى جمهوريات عربية أخرى.
2- حينما سئلت فى نفس المُناسبة، أين، وكيف، ولماذا ستتكرر، كانت إجابتى، أن أى بلد عربى، حتى لو كان نظام الحُكم فيه جمهورياً، ويمكث أى رئيس فى السُلطة أكثر من عشر سنوات، فإنه وأفراد أسرته يتعوّدون على مُمارسة السُلطة، وما يُصاحبها من «ثروة» و«نفوذ»، فيتمسكون بها بكل «أهدابهم» و«أسنانهم»، ويحرصون على توريثها لذويهم، مثلها فى ذلك مثل أى أملاك أو متاع.
3- إن عاملاً أو سبباً آخر للتمسك بالسُلطة وتوريثها لذويهم، غير المُتعة بالسُلطة والثروة، هو «الخوف» من «الدخلاء» أو «الغرباء» من غير الأقربين، قد يكشفون مباذلهم، ومهازلهم، وآثامهم، بل قد يُقدمونهم للمُحاكمة أو يُصادرون ما نهبوه من ثروات.
4- حينما كتبنا عن ذلك، قبل عشرين عاماً، كُنا ندرك أننا نقتحم حقل ألغام، لا يقل خطورة عن حقل ألغام «الأقليات». ولم يكن أمثال هيكل، وحسن نافعة، ورفعت السعيد، ولا جورج إسحق، ولا جمال حشمت، ولا رشدى بيومى، وهم موضع احترام وتقدير، ولا غيرهم ممن عبّروا عن استيائهم أو اختلافهم معى، قد اقتربوا، من حقل الألغام ذاك، ناهيك عن اقتحامه.
أما الحديث عن «صفقة» مع النظام، فهو حديث ساذج من ذوى النوايا الطيبة، فى أحسن الأحوال وفى أسوأ الأحوال فهو حديث «عُملاء»، ينضحون من إناء هم خبروه أنفسهم، ويعتقدون أننى مثلهم أو دخيل يُنافسهم. فلو كان ذلك ضمن أجندتى، لما اقتحمت ما اقتحمت من حقول ألغام، ولا دفعت الثمن، سجوناً فى الداخل فى عُمر الستين، ومنافى فى الخارج فى بعد السبعين.
5- وحينما ركبت الطائرة فى طريقى للولايات المتحدة، كان فى ذهنى نسيان معارك شهر كامل كنت أحلم أن يكون شهر صيام، وراحة، وتواصل مع الأقارب والأحباب، وهو ما لم يحدث. فتمنيت أن تكون رحلة الأربع عشرة ساعة، فاصلاً مكانياً ونفسياً بين ما تركته ورائى فى أرض الوطن، وما سأستأنفه من عمل أكاديمى فى اليوم التالى بجامعة «دُرو»، التى سأكون فيها أستاذاً زائراً للدراسات الإسلامية.
ولكن بمجرد استقرار الركّاب، وإقلاع طائرة «مصر للطيران» اقتربت منى مُضيفة حسناء، قدمت نفسها، كبهيرة الكيلانى، فقلت، مُداعباً، ياه.. «لقد كان لنا زميلة عزيزة فى سنوات الدراسة، فى كُلية آداب القاهرة بنفس الاسم» ففاجأتنى بمعرفة أنها لا بد أن تكون الأستاذة «بهيرة مُختار حسين». وبادرت بسؤالها عن عُمرها، الذى كان فى بداية العشرينيات، واستغربت أن تتعرف بهذه السُرعة والعفوية عمن قصدتها.. وقالت ربما كان بسبب إعجاب والديها بالصحفية المُخضرمة فى الأهرام... بعد دقائق عادت، ومعها عدد من صحيفة الأهرام، وعلى صفحته الأولى عنوان:
«عاصفة من الهجوم على سعد الدين إبراهيم بعد تأييده ائتلاف دعم جمال مُبارك» ثم ناولتنى بعد دقائق، عدد «المصرى اليوم» وفى صفحته الأولى أيضاً عنوان قريب جداً، وهو «المُعارضة تقول سعد الدين إبراهيم فقد عقله أو عقد صفقة مع النظام»، وتركتنى بهيرة أقرأ ما كتبته الصحيفتان. ثم استأذنت أن تسأل سؤالاً شخصياً فاعتقدت لأول وهلة أنها ستسأل عن مسألة جمال مُبارك. ورغم التفسير الذى قدمته، إلا أن بهيرة قالت إنها فى هذا الموضوع أقرب لوجهة نظر د.حسن نافعة، والأستاذ جورج إسحق.
وسألت: ألم تكن أنت أول من وقف ضد التوريث؟ أجبت نعم، وما زلت كذلك. قالت بهيرة بلغة حقوقية، كما لو كانت بهى الدين حسن أو المرحوم هشام مُبارك: «هل يعنى ذلك أنك «تتمثل فولتير، فيلسوف الثورة الفرنسية، الذى كان مُستعداً للتضحية بحياته فى سبيل إتاحة الفرصة لخصومه بحُريتهم فى التعبير والاختيار؟» أجبت نعم، وسألتها بدورى، «ومن غير فولتير تعرفين؟» فإذا بالآنسة بهيرة دائرة معارف واهتمامات مُتحركة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.