كنتُ طرفاً فى نقاش جرى صباح أمس، فى دمشق، مع ثلاثة: د. إنصاف حمد، رئيس الهيئة السورية لشؤون الأسرة، وهى بمثابة وزارة السفيرة مشيرة خطاب عندنا، ثم سيدة سورية كانت عضواً فى البرلمان 12 عاماً، وأخيراً أستاذ جامعى يرأس مؤسسة تعليمية، وهو بدرجة وزير. كان النقاش حول أوضاع كثيرة فى بلدهم، وهى أوضاع من المهم أن نتعرف عليها، لنرى، على الأقل، كيف يفكر الآخرون! وكان لوضع المرأة، هناك، النصيب الأكبر فى الكلام، وسوف يُصاب أغلبنا بدهشة بالغة، حين يعرف أن البرلمان السورى الآن يضم 31 سيدة منتخبة بين أعضائه، بما يمثل 12.4٪ من إجمالى عدد الأعضاء! هؤلاء السيدات لم يدخلن البرلمان من باب «الكوتة»، التى سوف تدخل من خلالها 64 سيدة مصرية إلى مجلس الشعب، مع أول الدورة الجديدة، فى نوفمبر المقبل، وإنما كانت كل سيدة سورية، من ال31 امرأة، قد خاضت الانتخابات فى دائرتها وفازت، دون حاجة إلى «كوتة» أو غيرها.. وربما يكون الشىء المدهش أيضاً، أنهم فى دمشق، رافضون لمبدأ «الكوتة» من أصله، ويرى كل مهتم بالشأن العام لديهم، أن الطريق الأسلم والأفضل لوصول أكبر عدد من السيدات إلى مجلس الشعب عندهم، هو أن يضع كل حزب أسماء عدد من المرشحات، على رأس قائمته الانتخابية، بما يؤدى، تلقائياً، إلى فوز عدد كبير منهن، وهى فكرة لم تكن غائبة عن ذهن الدولة، فراحت من جانبها، تشجع الأحزاب وتحفزها، وتدفعها دفعاً، إلى أن تكون المرأة فى مقدمة أى قائمة يتقدم بها أى حزب إلى الانتخابات العامة. ولا ننسى أن الحكومة السورية الحالية فيها ثلاث وزيرات: واحدة للاقتصاد، وثانية للبيئة، وثالثة للشؤون الاجتماعية، وهناك احتمال أن يُصبح العدد أربعاً، لو فكرت الحكومة، فيما بعد، فى تحويل هيئة الأسرة إلى وزارة، خصوصاً أن السيدة الجالسة على رأس الهيئة لديها طموح هائل فيما تريد أن تقدمه للطفل بوجه خاص، وللأسرة والمرأة إجمالاً، كما أنها لا ترضى عما تنجزه أبداً، وتسعى دائماً، نحو المزيد، ووراءها تجربة أكاديمية هائلة فى ميدان عملها! كنتُ أمرّ أمام مبنى صغير وجميل، فى واحد من شوارع دمشق، فأشار إليه السائق، وقال: هنا مكتب نائب الرئيس! وتذكرت على الفور، أن نائب الرئيس امرأة، هى السيدة نجاح العطار، وكانت من قبل وزيرة للثقافة، وهناك إلى جوارها امرأة أخرى، فى موقع النائب الثانى لرئيس الدولة، وقد كان تعيين «العطار» فى موقعها، بعد وصول الرئيس بشار الأسد إلى السلطة، أول مرة تصل فيها سيدة إلى هذا الموقع، فى الوطن العربى كله! والدرس المستفاد لنا أن «الكوتة» ليست حلاً ولن تكون.. قد تكون كذلك على المدى القصير، ولكنها على المدى الطويل، لا تمثل أى حل، وإنما وجود السيدات على رأس قوائم الأحزاب هو الحل، ولذلك، فنحن مدعوون إلى تغيير نظام انتخابنا، من أساسه!