على العرب دولا وشعوبا وقبائل أكثر من تجد الخلافات طريقها لهم، دائما هناك ما يشعل فتيل الخلافات والاختلافات، تصل مرات عدة الى تقاتل وتخلق من العداوات ما تختزنه الذاكرة الى حد الكراهية التى تبرز فى أشكال تعبير وأنماط من السلوك المتعددة، منذ زمن وهناك من التباين الذى يصل الى حالة إحتقان، رغم أن الجميع قادة ومقادين يتحدثون ليل نهار، إننا امة واحدة وشعب واحد ورسالة خالدة وكلام يرهق الأذن من كمية ' النفاق' التى يلبسها أو يغلفها. لو أن الإنسان أراد أن يمر اليوم بنظرة خاطفة على الحال العربى الرسمى لوجد دون عناء أن ما يدور بين كثير من الأنظمة، وحتى بعض أهلها، لا يمت بصلة لتلك الكلمات والتعابير عن 'الوحدة القومية والإسلامية والعروبة' وقبل الأمثلة السياسية لنرى كيف تكون حالة التوتر والاحتقان و'التحشيد' قبل أى مباراة رسمية بين فريق عربى وآخر عربى وتصرف الجمهور خلال المباراة وبعدها، من يتابع بعضها يعتقد أن العداوة 'نزلت أرض الملعب بديلا للرياضة وكأن اللعبة مباراة فى الكراهية '، سلوك غريب مع أن الرياضة 'نظريا لعبة الروح الرياضية'. أما لو توقف البعض أمام الحال السياسى فالصدمة لا تكفى للتعبير عن واقعها، وربما يحسن المواطن العربى ألا يشغل باله كثيرا بهذا الواقع الذى يدفعه الى الهروب بعيدا عن ' الجدية' فى متابعة كل ما له صلة بهذه القضايا، ولكن ذلك لا يمنع حدوث ما هو أسوء من تنازع عربى عربى، قلما كان موجودا فى زمن ماض، وبداية ودون أن نرهق العقل نقول كما قال أجدانا ' أن الفتنة هى صناعة أغراب ' عمل من رجس الشيطان الاستعمارى بكل أشكاله ومظاهره. ولعل النموذج الأخير فى الخلاف العراقى السورى، باعتباره النموذج الأحدث، دليل بارز وواضح وضوحا لا بعده ( طبعا لمن يريد رؤيته)، من يقف خلف إشعال نار الفتنة الحادة بينهما الى حد أن تطلب العراق تدخل الأممالمتحدة وتبحث عن مسائلة سوريا بشكل استفزازى وغير مسبوق، لكنها نموذجا على واقع الحال السياسى العربى الراهن. فالأزمة جاءت فى ظرف خاص تلت القرار الأمريكى بالحديث عن سحب القوات الأمريكية منها، وتلى أزمة الوضع الداخلى الحاد خاصة بين ' طوائف الحكم ' ونزوع بعض الأطراف السياسية الى حربها الخاصة ضد ' الطائفة السنية' فيما هناك خلاف ما بين ' اكراد العراق ' وبعض أطراف الحكم حول الصلاحيات، وتحضر بلاد فارس عبر ممثليها هناك خاصة من تمكنوا من فرض نفوذهم كى تقطع الطريق على سوريا الاستمرار فى التعاطى وفق منهجها الجديد بالانفتاح على الغرب وخاصة واشنطن، واستمرارها فى التفاوض مع اسرائيل وصولا لحل سياسى يعيد الأرض مقابل السلام'، وهو ما يشكل حصرا وتحجميا للدور الفارسى فى المنطقة التى استفادت كثيرا فى الفترة الماضية من ' البوابة السورية ' التى بدأت تضيق شيئا فشيئا على بلاد فارس، رغم كل ما يقال غير ذلك. ودون الخوض فى تناول أسباب ما يحدث الآن بين سوريا والعراق كنموذج لحالة ' العداء والكراهية المختزنة' داخل واقع الحال العربى، فالمثير أن الوجه الآخر لهذه الصورة أن خير ' الوسطاء ' لحل فتيل الفتنة والكراهية بينهما، من غير العرب حيث يتوافق طرفى الأزمة على قبول وسيط غير عربى ( تركى ) فى حين لا يفضلون الوسيط العربى، حتى عندما أرادت الجامعة العربية التى باتت مستكينة جدا للتعايش مع الواقع الراهن، فأن التركى قد حضر الى القاهرة ليكون متواجدا وكأن الرسالة أن قبول ' لحل عربى ' مهما كانت الظروف، وهى رسالة سياسية تقول أن ' الغريب حبيب' .. واقع يشير الى أن من هو على هذه الشاكلة هل يمكن لهم أن ينقذوا أمة العرب.. ملاحظة: غياب كبير للأمة سمح لصغارها أو ظلاميها التلاعب بحرية فى كل اتجاه.. رحمة على زعماء كانوا قادة يوما.