** لم يكن ماركوني يحلم بما حدث في أقل من قرن... عندما اكتشف أن الأرض محاطة بالأثير الذي يسمح لموجة لاسلكية كهربية صوتية أن تمرق في أجزاء من الثانية. عبر الفضاء حاملة الصوت... ثم الصورة. ثم لتتوالي اختراعات استخدام الإلكترون. في الحاسوب ثم الكمبيوتر... ثم الامتزاج الرائع في شبكات النت... ليصير العالم ودنيا الأرض الشاسعة. شديدة التقارب حتي الالتصاق. لتشهد كل أحداث الأرض وأنت مستلق علي سريرك... ولتتوحد كل معلومات العالم بما فيها شبكات البنوك... والصفقات... لتتحرك الأموال في ثوان. ولتباع سندات البورصات العالمية... وفي وطن هو العالم جميعه. إنها العولمة. أو الوهم والأسطورة أن الأرض استحالت قرية واحدة.. ** سرت أفكار العولمة إلي العرب. تحت تأثير فلسفة الانثروبولوجيا. والتغير الاجتماعي. فألقت بظلال ملونة علي حياتهم... تصور أصحاب أموال النفط الهائلة أنهم عندما يسبحون مع التيار "العولمي" سيغرقون من اللآلئ ودرر البحار. وحدث ذلك فعلاً. وكسبوا الكثير. ولكنهم غفلوا عن الحقيقة المؤكدة. أنها عولمة أمريكا. وأتباعها. الولاياتالمتحدة تسلك العملة الأكثر تداولاً. الدولار. وأتباعها سواء أصحاب اليورو الأوروبي أو الين الياباني. فإنهم معا في الفلك الواحد. الذي دار ليسفر عن أزمة عالمية مروعة. * ولقد عشت في السعودية لأعوام. حتي قبل الارتباط العالمي بشبكات النت. وكانت قناعة رجال الأعمال. أن القطب الأمريكي الأعظم. هو صاحب الأرض الأول. ومن الضروري الاحتماء في مظلته السياسية والاقتصادية. وكانت حماقة صدام حسين سبباً في تعميق تلك العقيدة - مرحلياً. * عولمة الغرب. أضرت التابعين... أسوأ الأضرار. بما فاق أضرار الولاياتالمتحدة. ويكفي أن نعلم خسائر الجزائر في الأزمة العالمية في بنوك أمريكا والتي تجاوزت 80 مليار دولار علي الأقل. وغير معلن حتي الآن خسائر الخليج.. ولنجد أقل الناجين.. ومن ابتعد عن عقيدة العولمة. مثل الصين التي رددت المقولة أن المال في بيته آمن. بل لقد تمكن القطب الأصفر ومعه تايوان وكوريا.. وربما الهند... من اجتذاب استثمارات هائلة قبل وبعد الأزمة العالمية. ولعل ذلك يكون حافزاً للعرب علي تربية نمر صغير عربي. يتجه باستثماراته إلي أرضه.. ثم إلي الأقربين حتي لو كانت العوائد أقل... ولكنها أكثر ثباتاً وأماناً!! * نمر عربي قوي: ** وكل الظروف متاحة الآن لميلاده قوياً شاسع المساحة واسع المجالات. وافر الثروات. ومن الغرائب أن مجلتي "تايم" ونيوزويك في أعقاب حرب العراق - إيران. ثم في أعقاب حرب الخليج كانتا تتساءلان عن إحجام العرب عن تصنيع حربي جاد. ثم عن نهضة صناعية هائلة موحدة الاستراتيجية خاصة أن العرب موجودون في إفريقيا بعدة دول.. يمكن أن تكون قواعد للغزو الاقتصادي لقارة إفريقيا الثرية بمواردها. الفقيرة بظروفها الإنسانية..!! العولمة الاجتماعية..!! ** وهنا نأتي إلي اسوأ ما اخذناه وحاكيناه. إنه الطعام الجاهز ووجبات "ماكدونالدز" - و"كنتاكي". والبيتزا والهامبورجر. ثم الشيبسي وكلها ثبت أن لها أضراراً صحية عديدة.. دخلنا في دنيا العولمة الغربية. ** وبدأنا ننسي ونسهو عن عالمنا الشرقي. تحت غزو إعلامي شرس. وإعلاني مدبر ومخطط ومخيف - نحن نبتعد دون انتباه عن صالح حياتنا ودنيانا. فننقل أسوأ ما في العولمة من فظائع خلقية واقتصادية وصحية..! أصوات مدوية ضد العولمة: ** وأنا أضم صوتي لها. لنقتدي بمن يحاول في استماتة الدفاع إزاء السييء الكثير منها. مثل الصين. والهند وغيرها. وإلا فإن السفينة وفي بطء تتحرك فوق دوامات جارفة... إلي اسوأ ما في الغرب من سلوك وانحلال وانحراف. دون حتي أن نغتنم من العولمة أي عائد اقتصادي. * نعم للإبداع والعمل والعرق!! ** نعم للاطلاع واكتشاف كل ما في العالم من تقدم. لنحاكيه في إبداعه.. بعيداً عن قشور العولمة وويلاتها..!!