يبدو أن الإذاعة الهولندية وما وراءها من وسائل إعلام غير ودية تجاه قضايا الأمة العربية، يبدوا أنها لا تعرف شيئا عن بطولات بدو سيناء، وما قدموه من تضحيات بعيداً عن الشعارات والمزايدات الإعلامية الرخيصة. ولقد كنت آليت علي نفسي أن لا أكتب عن بطولات السيناوية إيمانا بأن انتمءهم المصري الأصيل لا يحتاج مني إلي دليل، إلا أن التقرير المسموم للإذاعة الهولندية حول بدو سيناء وخاصة الفقرة القذرة التي تزعم أن إهمال الحكومة للبدو، ربما يؤدى إلى قيامهم بانقلاب عسكري في مصر مثلما حدث في دارفور، دفعني لكتابة هذا المقال فقد رأيت من واجبي تذكير من نسي وتعليم من جهل كي يرفعوا أقلامهم وألسنتهم عن سيناء الحبية وأبنائها الشرفاء الأوفياء . فلو تجول هؤلاء بين ديار القبائل البدوية لفهموا معني البطولات البدوية ، وشاهدو صور الأبطال السيناوية مع قادة القوات المسلحة المصرية والأوسمة والنياشين البطولية التي حصلوا عليها من الرئيس السادات والرئيس مبارك ، ولعلموا مدي الحب والانتماء الذي يكنه أبناء سيناء لمصر وعمق علاقتهم الحميمة بالقوات المسلحة . وفي مقالي هذا لن أتناول بطولات السيناوية وتضحياتهم خلال حرب الاستنزاف وحرب أكتوبر 73 ولا حتى قبل ذلك في 1967، وسأكتفي بما ذكره اللواء فؤاد نصار مدير المخابرات الحربية في حربي الاستنزاف وأكتوبر73 من أن هناك بطولات وتضحيات عظيمة لبدو سيناء قد سجلها التاريخ لهم بأحرف بارزة من النور، ولاكني سوف أتناول أحد مواقف البطولة السيناوية، والتي بها الرد الكافي والوافي علي كل ناعق وزاعق مثل الإذاعة الهولندية، ألا وهو موقفهم التاريخي الخالد بوم مؤتمر الحسنة . ففي أكتوبر من عام 1968 وبعد أن تم احتلال أرض سيناء الحبيبة، وجهت إسرائيل الدعوة لوكالات الأنباء العالمية ومراسلي التليفزيون والصحف من كل أنحاء العالم لحضور مؤتمر صحفي في الحسنة بوسط سيناء ليعلن فيه موشي ديان وزير دفاع العدو مفاجأة، وبعد أن أحضرت شيوخ وعواقل قبائل سيناء ليعلنوا علي العالم المفاجأة التي ستشطر سيناء عن مصر، هذا ما تم ترتيبه بدقة وفي سرية من جانب العدو الذي يجهل عشق السيناويين للوطن، تماما كما يجهل اليوم كتاب الإذاعة الهولندية، يجهلون أن الأرض بالنسبة للسيناوي شرف يحميه بروحه، ويجهلون أن سيناء وأرضها وترابها وأهلها وسماءها مصرية ومن يعيش عليها مصريون أوفياء شرفاء . لقد أعدت إسرائيل عدتها لإعلان سيناء دولة مستقلة منفصلة، وحشد ديان وزير الدفاع عدته، والطائرات كانت تنقل الطعام ومصوري وكالات الأنباء وعشرات القنوات العالمية وكبار القيادات في إسرائيل يتوافدون جوا على مكان التجمع بمنطقة الحسنة من أجل اللحظة الحاسمة ، ووقف المتحدث باسم شيوخ قبائل سيناء وأمسك بالميكروفون وساد الصمت وانحبست الأنفاس في الصدور استعدادا لانفجار قنبلة انفصال سيناء عن مصر "كما توهم ديان وكما يتوهم الآن كتاب الإذاعة الهولندية" . وانفجرت القنبلة ولكن علي رأس ديان وعلي رأس أعداء مصر عندما أعلن المتحدث باسم قبائل سيناء عن مقولة أبناء سيناء التاريخية "سيناء أرض مصرية وستبقي مصرية ولا نرضى بديلا عن مصر وما أنتم إلا احتلال ونرفض التدويل وأمر سيناء في يد مصر، سيناء مصرية مائة في المائة ولا نملك فيها شبرا واحداً يمكننا التفريط فيه. ومن يريد الحديث عن سيناء يتكلم مع زعيم مصر جمال عبد الناصر." ، وانفجر هدير الهتافات باسم مصر وانفض المؤتمر وفشل مخطط الاحتلال ليسجل التاريخ لبدو سيناء الأحرار الدرس الذي لقنوه في الماضي للاحتلال وفي الحاضر للإذاعة الهولندية ومن علي شاكلتها في الشرف والانتماء والكرامة والعزة! فتحية إجلال وإكبار لشيوخ قبائل سيناء الأبطال فقد كفونا الكلام عند التحدي ، وتحية شكر واحترام لنواب سيناء الشرفاء في مجلسي الشعب والشورى المصري، وأخص بالشكر والتحية النائب حميد أبوغصين المزيني عضو مجلس الشعب والذي كان له السبق بالرد علي تقرير الإذاعة الهولندية، وكذلك تحية شكر وإعزاز لنائب صبيح حسين المزيني عضو مجلس الشورى والذي أنتفض مدافعا عن هيبة شيوخ قبائل سيناء أكثر من مرة. * باحث وكاتب مصري الولاياتالمتحدةالأمريكية www.elmozainy.com