أكد الدكتور يوسف بطرس غالى وزير المالية على أهمية تطوير إفريقيا كمنطقة جاذبة ومستقبلة للاستثمار مشيراً إلى المبادرة التي أعلنتها مصر خلال اجتماعات لجنة الدول العشر الإفريقية بجنوب إفريقيا الشهر الماضي، ومن المقرر أن تطلق مصر المبادرة لخدمة القارة الإفريقية خلال العام المقبل. كما أعلن عن مبادرات جديدة أخرى لكي تتبناها المؤسسات الإفريقية الإقليمية الأخرى فى الفترة المقبلة فى مقدمتها "تعليم إفريقيا" لتطوير نظام التعليم فى القارة السمراء، و"تدريب إفريقيا" الخاصة بتطوير التدريب المهنى والفنى، ومبادرة "صوت إفريقيا" التى تسعى إلى إيجاد صوت مسموع ومشاركة وتمثيل أفضل لإفريقيا فى المحافل الدولية. وأشار غالى إلى ضرورة قيام الدول الإفريقية بالاستعداد لجذب الاستثمارات من خلال رفع كفاءة المؤسسات الاقتصادية، وتحسين كفاءة هيكل الاقتصاد، وزيادة معدلات الادخار والاستثمار، وفتح المجال للقطاع الخاص للنمو والتطور، بالإضافة إلى مواجهة ما يمكن أن يطلق عليه العجز المزدوج للتنمية والذى يتكون من فجوة ضخمة فى البنية الأساسية وفجوة كبيرة فى موارد الطاقة بدول القارة. جاء ذلك فى الكلمة التى ألقاها نيابة عنه هانى قدرى مساعد وزير المالية خلال افتتاح المؤتمر الوزارى المشترك الثالث لوزراء المالية والتخطيط ومحافظى البنوك المركزية الذى نظمه الإتحاد الإفريقي بالمشاركة مع اللجنة الاقتصادية لإفريقيا التابعة للأمم المتحدة بمدينة ليلنجوى عاصمة مالاوى وافتتحها الدكتور بينجو واموتاريكا رئيس جمهورية مالاوى والرئيس الحالى للإتحاد الإفريقى تحت عنوان "تشجيع معدلات النمو المرتفعة والمستقرة لتخفيض معدلات البطالة فى إفريقيا". وقد أشاد واموتاريكا بتجربة الإصلاح الإقتصادى فى مصر والتي حددت أولوياتها بناء علي عوامل محلية لدفع عجلة النمو الإقتصادى والتنمية ودون الاعتماد على الوصفات الخارجية الجاهزة التى لا تفى باحتياجات ومتطلبات التنمية. وأشار إلى أن الأمن الغذائى ووضع خطط للإنتاج الزراعى والغذائى فى الدول الإفريقية ينبغى أن يحتل الأولوية خلال الفترة المقبلة، مؤكداً أهمية تنمية تبادل هذه السلع بين الدول الإفريقية من خلال رفع كفاءة وسائل المواصلات بينها. وأشار إلى أن مبادرة مجموعة الدول الثمانية للأمن الغذائي والتى تسعى إلى تحول الدول المانحة من تقديم المساعدات للدول الإفريقية لشراء الغذاء إلى مساعدات للإنتاج الغذائى يعتبر خطوة مهمة فى الإتجاه السليم. وأكد غالى فى كلمته أمام المؤتمر الحاجة إلى تغيير منهجى فى السياسات الاقتصادية والمؤسسات المرتبطة بها، وتشمل السياسات المالية والنقدية والتشريعية، بالإضافة إلى السياسات الإقليمية على مستوى القارة وسياسات الدول الإفريقية مع العالم الخارجى. كما أكد ضرورة الاستفادة بشكل أكبر من الثروة البشرية الإفريقية وذلك من خلال الاهتمام بتطوير كفاءة النظم التعليمية بما فيها التعليم الفنى والمهنى. وأشار إلى حاجة إفريقيا أن يصل صوتها بشكل أكثر وضوحاً وتمثيل أفضل فى المحافل الدولية، خاصة فى مجال رسم السياسات الاقتصادية الدولية وإصلاح المؤسسات الدولية للتأكد من أن القوى الاقتصادية العالمية تتحمل مسئولياتها الكاملة تجاه الوصول إلى اقتصاد عالمى أكثر كفاءة وعدالة وتوازن، وأن يأخذ فى اعتباره مصالح جميع الدول خاصة الأكثر فقراً. ودعا جان بينج رئيس مفوضية الإتحاد الإفريقي الدول الإفريقية للإسراع في التوقيع والتصديق على البروتوكول والنظام الأساسي لبنك الاستثمار الإفريقي والذى تم الاتفاق عليه وإقراره مؤخراً خلال قمة الإتحاد الإفريقي. كما طالب بمساندة جهود إنشاء البنك المركزى الإفريقي وصندوق النقد الإفريقي. وتوقع تقرير عن الاقتصاد الإفريقي ارتفاع معدلات النمو الاقتصادي خلال 2010 إلى نحو 4.3% مقابل 1.6% فى عام 2009 تأثراً بالأزمة العالمية ومقابل 4.9% عام 2008. وصرح هانى قدرى مساعد وزير المالية قيام مصر خلال المؤتمر بعرض تجربتها فى مجال الإصلاح المالى والدور الذى لعبته السياسة المالية فى دفع عجلة الاستثمار وتحقيق التنوع الإقتصادى مما ساهم فى تحقيق معدلات مرتفعة للنمو حتى فى وقت الأزمة العالمية وتأثر القطاع الخارجى. وأكد أهمية أن تتحول السياسة المالية من السعى فقط إلى تخفيض العجز فى الموازنة العامة إلى هدف النمو الإقتصادى الذى يسمح بزيادة فرص العمل وتحسين مستوى معيشة المواطنين. وأكد قدرى على أهمية وضع رؤية متكاملة للقارة الإفريقية لتحقيق التنمية المستدامة تخرج عن مجرد الأهداف الرقمية الجافة، وهو هدف مصر من اقتراح المبادرات الأربع "الاستثمار فى إفريقيا"، و"تعليم إفريقيا"، و"تدريب إفريقيا"، و"صوت إفريقيا". وأشار إلى أن تخفيض معدلات الفقر فى إفريقيا لن يتحقق من خلال المساعدات المالية ولكن من خلال الاستغلال الأفضل للموارد البشرية والطبيعية لدى الدول الإفريقية. وقد شارك فى المؤتمر نحو 300 مشارك من وزراء المالية والتخطيط والتنمية الاقتصادية ومحافظى البنوك المركزية وكبار المسئولين فى 53 دولة إفريقية، بالإضافة إلى عدد كبير من ممثلى المؤسسات والمنظمات الدولية والإقليمية.