كتبت فى هذا المكان منذ عام، أتباهى بعلمائنا الصغار الشباب والشابات الخمسة، الذين فازوا على شباب العالم باكتشافاتهم العلمية فى مسابقة عالمية فى هيوستن بالولايات المتحدةالأمريكية.. الشباب كانوا ضمن المشاركين فى سوق العلم التى تقيمها كل عام جامعة «M.S.A» وتقيم شباباً وشابات من مصر كلها، وحينما علمت السفيرة فايزة أبوالنجا، وزيرة التعاون الدولى، قررت مكافأتهم فى الاحتفال الذى أقامته لهم رئيسة مجلس أمناء الجامعة، الدكتورة نوال الدجوى، التى تقيم السوق كل عام لاكتشاف المواهب العلمية، وتمنيت أن تزين اكتشافات هؤلاء الشباب والشابات موسوعة جينس العالمية هم وغيرهم من أبناء مصر دائمى القدرة على الاكتشاف والإبهار. ولكن للأسف لم يحدث ذلك، بل استطاع مستثمرو الأيتام أن يجاهدوا وتلمع فى ذهنهم فكرة استغلال الأيتام فى مصر والذين يتسولون ليلاً ونهاراً فى التليفزيون، ويعلنوا عن مشاريعهم خمسة آلاف جاموسة ومئات المشاريع.... وإلخ. ثم يختمون أعمالهم الخيرية بأرقام الحسابات فى البنوك بعد أن يكونوا قد استطاعوا عن طريق الإخراج المحكم واختيار الأطفال كأى تاجر محترف يختار سلعته، استطاعوا أن يجعلوا الدموع تتجمع فى مآقى القادرين، وحتى غير القادرين ليساعدوا اليتامى فورا فى الأرقام البنكية والحسابات. خدعت وحضرت أكثر من احتفال فى جامعة الدول العربية بيوم اليتيم، ولكن أحب مراجعة نفسى كل فترة، والاعتراف بالخطأ مهم جداً لاغتسال النفس. فوجئت هذا العام بالإعلانات تأخذ شكلاً جديداً وبتفكير محكم وزيادة فى المصداقية، استغلوا أهم أثر وعجيبة من عجائب الدنيا، الهرم الأكبر، ليفجروا آخر لعبة فى اللعب بوجدان الناس خارج الحدود.. خمسة آلاف يتيم ينضمون ويتجمعون عند الهرم ويتم رصهم وتدريبهم على الوقوف جنباً إلى جنب. وزيادة فى المصداقية، جذبوا إلى مشروعهم أثرية نابهة تحفر بعقلها من أجل تدعيم صغارنا وإغرائهم بدراسة ورسم الآثار ومعرفة تراث بلادهم ببساطة ويسر، حتى أخرجت مجلة جميلة لدعم الانتماء لمصر هى الفرعون الصغير، هذه الأثرية هى السيدة إنجى فايد، رئيسة التنمية الثقافية بهيئة الآثار وأحد الاكتشافات المبهرة لحورس الشهير بزاهى حواس. شاركت إنجى بحبها للآثار واهتمامها بالأطفال فى مشروع هرم اليتامى.. أعطيها العذر لأنها تفكر دائماً فى نشر رسالتها، ولم يصل إليها أن هذا العمل هو أسوأ استغلال عالمى للأطفال، وأحقر دعاية لمصر ألا نجد ما يدخلنا فى تلك الموسوعة سوى خمسة آلاف يتيم، لتصل الرسالة إلى العالم وتصبح التبرعات بالعملة الصعبة!! وتصبح مصر بها هرمان هرم خوفو وهرم اليتامى، ألم يفكر هؤلاء لثانية واحدة فى هذا التواجد المخجل لمصر؟ ألم يفكر أحدهم أن زيادة عدد الأيتام وأولاد الشوارع ليست إلا انحداراً فى إدارة المجتمع سواء من الدولة أو من العمل الأهلى التطوعى؟ ألم يجد هؤلاء بصيصاً من أمل فى المصريين ليصلوا إلى الموسوعة سوى بتعليب الأيتام على شكل هرم؟ ثم تصويرهم ثم توصيلهم لتصبح مصر فى الموسوعة عن طريق الأيتام؟ والحقيقة أنهم بذلوا جهداً جباراً لكى يجمعوا الخمسة آلاف يتيم الذين ظلوا يعلنون عنهم لشهرين، واستطاعوا أن يجمعوا أربعة آلاف وخمسمائة يتيم؟ من يستطيع أن يحاسب هؤلاء؟ من يستطيع أن يوصل لهم أن مصر لا يجب أن تصل بالمهانة إلى موسوعة الأرقام القياسية بخمسة آلاف يتيم؟ إن مصر هبة المصريين وعقولهم يا سادة افتحوا ملفات وزارة البحث العلمى تجدوا آلاف العباقرة؟ إن الوزير الدكتور على المصيلحى كثير الأعباء، فمن الخبز إلى مشاكل أكثر من أربعين ألف جمعية معظمها رزق لهم!! أصبح إشهارها أسهل ما يكون ثم يأتى التسول وإعلان المشاريع بعد ذلك، لن يستطيع الرجل وحده أن يصل إلى مستثمرى الأيتام والمعوقين والمسنين. هذا بلاغ للسيد رئيس الوزراء: بل بلاغ للنائب العام ولوزيرة الأسرة والسكان السفيرة مشيرة خطاب عن أسوأ استغلال للأيتام وإهدار لاسم مصر والهبوط من بناة الأهرام إلى إفراز الأيتام. تحولنا من البنائين العظام إلى المتسولين بالأيتام!!