فى الوقت الذى مات فيه ما يسمى ب (مبادرة السلام العربية) التى سبق ووضعها الكاتب اليهودى الأمريكى توماس فريدمان وتبناها ملك السعودية الحالى عبدالله وسوقها لاحقا باعتبارها مبادرة سلام عربية.. فى هذا الوقت الذى ماتت فيه هذه المبادرة ورفضت من كل الجهات الحكومية الإسرائيلية المتعاقبة نجد عرب (الاعتلال) وليس الاعتدال يصرون على التمسك بها وكأنه الله قد أغلق أمامهم أية بدائل أخرى، رغم أنهم يمتلكونها بدءا من سلاح النفط وانتهاء بالمقاومة ومرورا بالدور الضاغط فى الأزمة الاقتصادية العالمية فى الفترة الراهنة، ولكن ماذا نفعل تجاه قلوب وضمائر ميتة، وها هم بعد الإدعاء المتهافت فى قمة الكويت أن مبادرتهم للسلام لن تبقى مطروحة طوال الوقت، بما كان يوحى أن الأشاوس العرب من ملوك وجنرالات سوف يتخذون موقفا شجاعا بانهاء التعامل بها والاتجاه إلى البدائل الأخرى.. نجدهم يعلنون مجددا تمسكهم بها ونجدهم لا يذكرون مثلا كلمة واحدة عن المقاومة.. هو ما لم يحدث ولن يحدث لأننا إزاء حكام فقدوا القدرة على الفعل وربما فقدوا الرغبة أيضا وما بين القدرة والرغبة ضاعت القضية الفلسطينية وجاء نتنياهو بتطرفه وأوباما بوعوده الوهمية لتزيد هؤلاء العرب ضياعا. على أية حال.. حول هذه المبادرة ومخاطر التمسك بها دعونا نسجل ما يلى لعل ما نكتبه يفيد ويساهم ولو قليلا فى إيقاظ نوم الهاجعين من حكام الصدفة فى بلادنا المنكوبة بهم. فأولا: وكما أشرنا هذه المبادرة ليست عربية لا فى نشأتها ولا فى مضمونها فهى نشأت على أيدى الكاتب اليهودى المحب لإسرائيل توماس فريدمان عندما وضعها للملك عبدالله وكان وقتها أميرا عام 2002، بدعوة أهمية أن تظهر السعودية وجها آخر أكثر مرونة وحبا للسلام بعد ثبوت تورط عناصر من أبنائها فى أحداث سبتمبر 2001 فتلقفها الملك وروجها وضغط بالمال والسياسة على باقى العرب لقبولها وتبنيها كمبادرة عربية للسلام، وباستثناء ليبا التى رفضتها ومعها فى هذا الموقف تحديدا كل الحق فلقد تبناها حكام الصدفة فى بلادنا العربية ورحبوا بها ورغم انها لا تتضمن الحد الأدنى للحقوق العربية إلا أن إسرائيل رفضتها عمليا، سواء أثناء رئاسة شارون للوزارة أو أولمرت أو نتنياهو الكل رفضها لأنهم كانوا يريدون المزيد من التنازل يريدون إسقاط حتى ورقة التوت من فوق أجساد حكام الصدفة هؤلاء. ثانيا: تقوم مبادرة السلام السعودية والتى من المفيد والأدق علميا أن نسميها مبادرة (توماس فريدمان/ عبد الله) على التطبيع الكامل مع إسرائيل مقابل انسحابها من الأراضى المحتلة حتى خط 4 يونيو 1967 دون ان تتضمن حقوق عرب 1948 وحق عودة 6 ملايين لاجئ إلى أراضيهم فى كل أنحاء فلسطينالمحتلة والسيادة العربية الكاملة على القدس وإزالة المتسوطنات كل هذا لم يأت ذكره بوضوح فى مبادرة (توماس فريدمان/ عبد الله) وتم إسقاط حق العودة والالتفاف عليه بعبارات فضفاضة لا معنى ولا قيمة لها. ثالثا: ورغم هذا الكرم العربى فى التطبيع المجانى مع العدو وفى القبول أن ترفرف أعلامه حتى على مكةالمكرمة ذاتها، كما صرح بذلك المطلعون على البنود السرية للمبادرة الوهمية تلك إلا أن نتائجه لم تكن إيجابية بل على العكس جاءت مخيبة للآمال ومضادة للحقوق الفلسطينية بل وضد مصلحة شعبها وشعوبنا العربية، حيث استفادت منها إسرائيل للغاية وجعلت الحكام العرب غير قادرين على القيام بأى مبادرة جديدة تلوح بمقاومة إسرائيل، حيث تم عمليا تقييدهم بهذه المبادرة وبدلا من أن يستخدمونا لمصلحتهم استخدمتهم هى لمصلحة إسرائيل.