شهدت ندوة «الدستور ومستقبل مصر السياسي» التي نظمها المجلس الأعلى للثقافة، بالتعاون مع كلية الحقوق جامعة القاهرة، مشادة كلامية بين الدكتور عبدالله الأشعل، أستاذ القانون الدولي، الذي أدار الندوة، وعدد من الأساتذة، كادت تؤدى إلى انسحابهم بسبب رفضه الحديث عن التوكيلات التي دعا البعض إلى تحريرها للدكتور محمد البرادعي، مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية السابق، أو مجرد الحديث حول ما يمكن فعله في الشارع من أجل إحداث التغيير، باعتبار أن هذا الأمر ليس الموضوع الأساسي للندوة. وهاجم عدد من أساتذة القانون النظام السياسي في مصر، والتعديلات الدستورية التي أجريت عام 2007، خاصة فيما يتعلق بالانتخابات الرئاسية، والتي قالوا: إنها تصب في صالح مرشح الحزب الوطني فقط، مشددين على ضرورة توحيد الصف بين جميع القوى السياسية لإحياء حركة الشارع، وخلق قوى تجبر النظام على إجراء تعديلات دستورية مبنية على أساس الحرية المطلقة، وتشكيل جمعية تأسيسية منتخبة لوضع التعديلات الدستورية. وقال الأشعل: «الندوة ليست للتعبئة الشعبية لكنها لاسترشاد الجمهور بالآراء المطروحة حول الدستور والقانون وتقديم أفكار علمية، لأننا لا نستطيع أن نأخذ مقشة ونكنس النظام الحاكم»، مؤكدا على أنه إذا وجدت إرادة شعبية لاختيار الحاكم، والحق في محاسبته، فسيكون ذلك في صالح العدل والجميع، لأنها ليست حربًا مع السلطة ومن يجلس على الكرسي، وإنما للإصلاح. وأضاف: «هم يريدون أن يعتبروا أن التعديلات منحة منهم، ونحن نقول لهم: اتقوا الله فينا؛ لأننا لا نريد أن نحارب أوطاننا كما حاربنا الإنجليز»، موضحا أن فلسفة الحكم في مصر تقوم على أنها فرصة، ومن يقفز عليها يريد أن يحصن نفسه ولا يريد أن يخرج في ظل عدم وجود كلمة للشعب في الأمر. وقال الدكتور حسام عيسى، أستاذ القانون الدستوري بكلية الحقوق جامعة عين شمس: «كيف يمكننا الحديث عن الدستور دون أن نتطرق إلى التغيير في الشارع السياسي، ولذلك فإن توكيلات البرادعي تدخل في نطاق الندوة وليست بعيدة عنه». وأضاف: «القضية ليست في تعديل القوانين والدستور وإنما في إحياء الشارع المصري من أجل خلق قوى تخيف النظام الفاسد شديد العنف بالغ الصعوبة»، متهماً الحكومة باللعب على ما سماه البعبع الإسلامي الذي يخيف جميع الأوساط السياسية. وشدد عيسى على ضرورة توحيد الصف بين جميع القوى السياسية في المجتمع، ومحاولة إقناع الجماعة الإسلامية بالتخلي عن الأفكار التي تتسبب في فرقة الصف، مثل استبعاد الأقباط والمرأة من العمل في الحياة العامة وتولى المناصب، موضحاً أن الديمقراطية ليست بالقوانين، وإنما عملية تراكمية مؤسسية. وتساءل عيسى: «كيف نغير دون وجود أحزاب، لأن الأحزاب الحالية أجنحة للسلطة الحاكمة، وظيفتها إعطاء الشرعية للنظام، وكذلك المجلس القومي لحقوق الإنسان في ظل عدم وجود عمل سياسي»، وقال: «من 50 سنة ووزارة الداخلية بتدي المثقفين على قفاهم، والديمقراطية ليست هبة، ولن يمنح حبيب العادلي لجورج إسحاق أو حسن نافعة وزارة". واعتبر عيسى أن الفساد والنهب وصل بسبب النظام حاليًا إلى درجة ليس لها مثيل منذ عهد الملك مينا، وأن "حرمية" ألف ليلة وليلة «شحاتين» مقارنة بالموجودين الآن، مؤكدًا أن الدولة تصر على التوريث حتى لا يتم فتح الملفات القديمة، ومنها: أين ذهبت أموال مصر؟! وأعرب الدكتور حسن نافعة، الأستاذ بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، عن دهشته من مداخلة الأشعل، بقوله: «الدكتور عبد الله الأشعل تصور أن الندوة للبرادعى، وأنا اختلف معه، لأن القضية لا تتعلق بالبرادعي، لكن لأنه تحدث بشجاعة نحتاج إليها". وأضاف نافعة: «هناك أحزاب تدعو البرادعى للانضمام إليها والترشح للرئاسة، وتكاد تقبل يديه لكنه يرفض لأنه يعلم أنه لو دخل الانتخابات في هذا الجو غير الديمقراطي فسيعطونه 20% من الأصوات ويهللوا بانتخابات نزيهة وهزيمته، وهو لا يريد أن يخسر نفسه».