رسمياً.. أصبح وزير الخارجية الأمريكى الأسبق، هنرى كيسينجر «دقة قديمة»، بكل عبقريته الخبيثة أثناء حرب أكتوبر، وبكل ابتداعاته المغرضة فيما أعقبها من «سلام»، وبكل ما يمثله من مدرسة دبلوماسية كبرى وكوبرا تسعى على قدمين، لابد أنه وقد تقوس ظهره الآن يفكر كيف يمكن أن ينحنى أمام أحفاده فى وزارة الخارجية التى تركها قبل أكثر من ثلاثين عاماً. ذلك أن هؤلاء يقدمون للعالم اختراعاً دبلوماسياً جديداً من خلال «برنامج الدبلوماسية الإلكترونية» eDeplomacy Program، وهو بالمناسبة ليس برنامجاً تليفزيونياً، بل قسم كامل داخل الوزارة يحمل هذا الاسم. أما هذا الاختراع فيستهدف بشكل مباشر المراهقين، وهؤلاء فى أوائل العشرينيات فى منطقة الشرق الأوسط، مع اهتمام خاص بمصر ودول الخليج وإيران وإندونيسيا. هذا الاختراع هو مجموعة من الألعاب الإلكترونية اسمها «إكس لايف» X-Life يمكن لك تحميلها مجاناً من أحد المواقع الإلكترونية على تليفونك المحمول. تم إطلاق اللعبة الأولى X-Life: Driven قبل نحو عام، وهى فانتازيا تتيح لك أن تتخيل نفسك طالباً من منطقة الشرق الأوسط يلتحق بجامعة افتراضية فى ولاية بنسلفانيا. بعد ذلك بشهر تم إطلاق اللعبة الثانية X-Life: Babangar Blues وهى أيضاً فانتازيا تتيح لك أن تتخيل نفسك شاباً شرق أوسطيا يحلم بأن يكون أحد نجوم موسيقى الروك. لم يفاجأ المسئولون بالانتشار السريع لهذه الألعاب فى مصر، باعتبارها كبرى أسواق الهاتف المحمول، وفى إندونيسيا باعتبارها كبرى دول الإسلام. لكنهم يعبرون عن مفاجأتهم من انتشارها أيضاً فى لبنان الذى لم يكن يستهدفونه أصلاً، وهو ما فتح الطريق إلى انتشاره فى دول شرق أوسطية أخرى لم تكن مستهدفة مثل الأردن. على حد ما تؤكده الأرقام وتصريحات المسئولين أثبت هذا البرنامج فعاليته فى مصر على وجه الخصوص حيث يقع أكبر عدد من مستخدميه. وتشير الإحصاءات إلى أن لدى 71% من الشعب المصرى هاتفاً محمولاً واحداً على الأقل، وأنه فى شهر ديسمبر الماضى فقط تم بيع نحو مليون وستمائة وسبعين ألف خط هاتفى. تسعى وزارة الخارجية الأمريكية من خلال هذا البرنامج إلى »دعم التفاهم والنوايا الحسنة فى المجتمعات المسلمة«. ولتشجيع الاهتمام باللغة الإنجليزية والثقافة الأمريكية فإنك كلما أجبت على أسئلة تخص التاريخ الأمريكى والحياة فى أمريكا تفوز بجوائز معتبرة. فضلاً عن أن اللعبة تربطك بالشبكات الاجتماعية من مثل «فيس بوك» وتربطك أيضاً، وهو الأهم، بالسفارتين الأمريكيتين فى القاهرة وبغداد. لا تنس كذلك أنك كى تبدأ فى تحميل البرنامج سيكون عليك تسليم بعض المعلومات الشخصية عن نفسك. ربما يتناول العجوز كيسينجر بيديه لعبة كهذه وربما يجهد قليلاً فى امتطاء التكنولوجيا الحديثة، لكنه سيدرك سريعاً أن الاختلاف بين زمانه وهذا الزمان لا يتعدى كثيراً كونه اختلافاً فى الشكل والأسلوب.