البعض يظن أن مشكلة عمال طنطا للكتان قد انتهت وان الأزمة قد انفرجت- ويظن البعض الآخر أن عمال طنطا للكتان قد انتصروا على إدارة الشركة وما أسموه تعنت المستثمر- فيما يظن آخرين أن الحكومة قد انتصرت. إن مشكلة طنطا للكتان تمكن بدايتها في عجز كافة أجهزة الدولة المعنية- بالاستثناء وزيرة القوى العاملة- عن كشف النقاب عن طبيعة عمال طنطا وإلى أى مدى هم فئة مستغلة حاقدة قبلت على نفسها أن تظهر بمظاهر الذل والهوان واحتمت بنسائها وأطفالها لا من أجل الحصول على حق بل لتسول العطف والشفقة. فعلى الرغم من مرور تسعة أشهر على مشكلة طنطا للكتان لم تهتم جهة حكومية أو غير حكومية أو صحيفة أو برنامج تليفزيون أن يناقش مطالب عمال طنطا للكتان، وهل هذه الفئة من العمال صاحبة حق أم متجنية على صاحب العمل بل العكس كل الجهات تركت موضوع الإضراب وتهافتت على تناول ونشر مظاهر الإضراب والاعتصام من جانب واحد ألا وهو جانب افتراش العمال الرصيف وتناول رغيف العيش بقطعة من الجبن، وتجاهلت عن عمد الجانب الآخر من مظاهر الإضراب والاعتصام والمتمثل في التهام النيران لخامات الشركة بمبالغ جاوزت العشرة ملايين من الجنيهات في ذات وقت الاعتصام وأيضًا السلوك الذي اتبعته تلك الفئة مع العمال في التعامل مع الشرطة حتى بلغ الأمر مداه بالاعتداء بالضرب على أحد قيادات الشرطة وإصاباته إصابات بالغة نقل على إثرها إلى المستشفى. وتهافتت العديد من الجهات التي نسبت إلى نفسها أنها جمعيات حقوقية إلى نشر اعتداء الشرطة على العمال وشجبت ذلك في حين خرست ألسنتها قبل ذلك بأسبوع واحد حينما اعتدت تلك الفئة من العمال على الشرطة اعتداء نال من هيبة ذلك الجهاز الأمني. وأقول : إن العمال قد انتصروا إنكم واهمون، فإن الحقيقة الثابتة أن خروج عمال إلى المعاش المبكر مقابل 40 ألف جنيه- وأشك في تحقيق ذلك لكون إدارة شركة الكتان قد أعلنت أنه ليس لديها سيولة لخروج أى عامل نتيجة توقف الشركة أكثر من تسعة أشهر- ذلك يعنى أن تحول عمال طنطا للكتان من فئة العمال إلى فئة العاطلين وسرعان ما يتبدد ذلك المبلغ وتحول هؤلاء العمال من عاطلين إلى بلطجية أو نصابين أو متسولين- فإذا كان هذا هو الانتصار الذي لم يره انتصار فهنيئا لعمال طنطا للكتان بهذا الانتصار الذي سوف يضعهم على قائمة المتسولين والعاطلين والبلطجية. لمن يظن أن الحكومة انتصرت لعمال طنطا للكتان فهو انتصار كاذب إلا إذا كانت سياسة الحكومة تعمل على زيادة عدد العاطلين وانتشار الفوضى. وإن المتابع للأحداث يجد أن الحكومة قد سقطت سقطة يصعب عليها الوقوف بعدها بعد أن أكدت لكافة فئات الشعب أن سياسة الإضراب والاعتصام هي الوسيلة المثلى للحصول على المطالب حتى ولو كانت غير مشروعة أو غير قانونية- فإن ما نجحت فيه الحكومة من خلال تعاملها مع مشكلة كتان طنطا هو تغير ثقافة العامل من ثقافة العمل وزيادة الإنتاج إلى ثقافة الإضراب والاعتصام- كما نجحت الحكومة نجاح ساحق في السماح لأي فئة تعلن إضراب أو اعتصام بالاعتداء على أفراد الشرطة والنيل منهم محتمين في ذلك بمن يطلقون على أنفسهم جماعات حقوقية أو نشطاء عماليين- والأكيد أن الحكومة نجحت في خلق سوق شرعي للتفاوض على أصوات الناخبين لكل من تسول له نفسه خوض معركة انتخابات المجالس النيابية وأصبحت عملة التفاوض بطاطين وواجبات جاهزة ومصروف يومي وأحاديث إعلامية. إن الحل الذي أتت به وزيرة القوى العاملة هل محكوم عليه بالفشل قبل البدء في تنفيذه؟ فقد أعلنت الصحف القومية أن أكثر من 700 عامل تقدموا بطلب الخروج إلى المعاش المبكر والمطلوب 28 مليون جنيه من شركة المتوقفة عن العمل منذ تسعة أشهر وأن من يطالب بهذا المبلغ هم ال700 عامل المتسببون في حريق مخزن الشركة بمبلغ جاوز 10 ملايين جنيه خلال شهر فبراير 2010 والذي لم ينصرم بعد- فأغلب الظن أن ذلك المستثمر الذي لديه مبلغ 28 مليون جنيه لم يسددها لقلة اتهمته بالتعسف والتعنت وله الحق كل الحق أن يريهم ما هو التعسف والتعنت ومعنى الإضرار بالغير حتى يذوقوا ما ذاقه من حريق أمواله وتوقف مصانعه. ثم إن المعاش المبكر هو أمر اختياري سواء كان للعامل أو للمستثمر فما دليل السيدة الوزيرة أن المستثمر سوف يقبل خروج كل العمالة إلى المعاش المبكر ويحكم على شركته بالتوقف إلى أجل غير مسمى وهو ملزم باستمرار نشاطها. ألم يكن من الأفضل يا معالي الوزيرة نقل تلك الفئة من العمال إلى شركات أخرى تعمل في أنشطة مرتبطة وتعانى من نقص العمالة؟! ألم يكن عليك يا معالي الوزيرة بدلا من المداخلات التليفزيونية أن تخرجي على الكافة في أحد البرامج وتعلني الحقائق التي تعلمينها عن عمال طنطا ومن وراءهم ليعرف الناس حقيقة المؤامرة- هل خانتك الشجاعة أن تعلني على الكافة أن الأشخاص الذين شوهدوا ضمن المعتصمين ليسوا من عمال طنطا وأنهم من المتسولين أمام مقام السيد البدوي بطنطا استعان بهم أعضاء اللجنة النقابية لإظهار الكثرة العددية- أم خانتك الشجاعة لتعلني أن وراء الحرب الضارية رئيس اتحاد عمال مصر. ألم يحن الوقت لكافة الجهات الحكومية بالدولة أن تعلم أن عمال طنطا للكتان ومن وراءهم يمثلون قنبلة موقوتة أوشكت على الانفجار- ألم يحن الوقت لتعلم وسائل الإعلام أن تناولها موضوع طنطا للكتان بالكيفية التي جاء بها لهو أكبر دعوة لرحيل المستثمرين من مصر وأن هناك من يحاول تغيير شعار مصر من بلد الأمن والأمان إلى مصر بلد الإضراب والاعتصام.