في تاريخ الفلسفة لا نجد إلا الرجال.. لأن التفكير المجرد والرهبنة العلمية والمعادلات العقلية لا تقوى عليها المرأة. ولكن ظهرت فيلسوفات كثيرات لسن في قوة الرجال فعاصرتهن أو عشقتهن. فهناك الفيلسوفة هيباشيا من الإسكندرية اعتبرها رجال الدين المسيحي ملحدة فمزقوها ومسحوا بها شوارع الإسكندرية. ويقال إن فيثاغورس كانت زوجته وابنتاه يشتغلن بالفلسفة.. وفى العصر الحديث كانت هناك فيلسوفة اسمها حنا أرنت تلميذة وعشيقة الفيلسوف الوجودي العظيم هيدجر. وهناك سيمون دي بفوار عشيقة الفيلسوف الوجودي سارتر. وقد رأيتها وجلست إليها في القاهرة وفى باريس. واستمتعت بأعمالها الفلسفية الأدبية. وكانت لي صديقة أسعدها الله أينما كانت هي وأولادها. وكان بيننا حب عظيم. ولم أرَ فيها عيبا فهي درست الفلسفة وتعرف عددا من اللغات وفتنة في جمالها. وأخذتني إلى البابا يوحنا الثالث والعشرين ليباركنا أملا في زواجنا. ولكني والدموع في عيني يومها وبعد سنوات رفضت أن أكون زوجا فلم تكن لي أي قيمة أدبية في بلدي. فأنا لا أزال أحبو كاتبا وصحافيا. وكان ما كان مما لست أذكره فظن خيرا ولا تسأل عن السبب كما قال الشاعر القديم. وعرفتُ ابنتي الفيلسوف الإيطالي العظيم كروتشه. زرت بيت الفيلسوف في مدينة نابولي. وتقدمت ابنتاه تشرحان هنا وهناك. وماذا كان يأكل ويشرب. ومتى يقرأ وكيف يكتب. وطال الكلام والحديث وتعددت الزيارات. وفجأة قفز المأذون، على أذنه قلم وفي يده كتاب كبير كأنه كتاب الموتى عند أجدادنا الفراعنة. وطال كلامنا وتواصلت ليالينا. ولكن لم أسترح إلى من تفكر، مثل المشتغلين بالفلسفة، فكل أحاديثنا ناقصة. فأنا لا أستطيع أن أكمل جملة فهي تعرف معنى ما سوف أقول.. فإذا تحدثت عن الأشياء الصغيرة ركبها عفريت وتحولت إلى قضايا فلسفية صعبة جدا وأحسست أنني أمام رجل يريد أن يكون امرأة مؤقتة حتى تتزوج. غلطان؟ ربما. ولكن هذا ما حدث.. أليس سببا كافيا لنكون جميعا الآن؟!