في الوقت التي ينادي البعض بالاصلاح السياسي والصراع علي الانتخابات في الفترة المقبلة .. تناسي الجميع " الموتي " في المناطق العشوائية التي سئم الجميع من الحديث عليها وأهلها " زهقا" من الاعتصامات والاضرابات لعلهم يجدوا من ينقذهم وينقذ ابنائهم من الامراض والسجن والقتل وهتك العرض .. " مصر الجديدة" تفتح الملف الاسود في الحكومة الحالية وجميع الحكومات السابقة لتذكير الجميع بأن هناك "أناس " منسيون وسيظلوا منسيون حتي قيام الساعة ..
" الخصوص" منطقة تبعد عن القاهرة عدة امتار و يبلغ عدد سكانها مليون و نصف المليون نسمة، تعاني من وجود أكبر " رشاح" للصرف الصحي يستقبل من القاهره 2 مليون و ربع متر مكعب ماء صرف يوميا فضلا عن 1500 طن قمامة تلقي علي جانبيه و تغطيه, و يطلق عليه الاهالي " الثعبان الاسود", ففي قلبه توجد كل ما سمعت اذن او عين رأت من قوارض و زواحف, وبسببه عاني كل من حوله من الفشل الكلوي و الامراض المعوية و الاوبئة و خاصة التيفويد الذي انتشر بالمكان بشكل غير مسبوق منذرا بكارثه انسانيه وشيكة . و بتقريب عدسة " مصر الجديده" نكتشف ان هذا الخندق العميق الذي يضم في أحشائه مياه الصرف الصحي, تتجمد الطبقة الأولى منه بسبب الطفيليات وأكوام القمامة التي تلقى فوقه ليصبح طريقًا شديد الخطورة لأطفال المدينة، خاصةً عند عبورهم لمدرستهم كل صباح فلن نكون مبالغين اذا قلنا ان قلب هذا الرشاح استقبل أجساد العديد من الأطفال الذي لم تتخطَّ أعمارهم 10 سنوات لينقسموا بين ناجي و ميت, فقط بذنب عبورهم مرورًا إلى مدارسهم . فالخصوص التي كانت اكبر قرية افريقية, منحت لقب مدينة و اصبح لها رئيساً للمدينة عام 2006, وفرت لها الدوله اعتمدادات مالية لتنظيفها و حماية سكانها من التلوث و الامراض و التهميش, ورغم رصد مبلغ 30 مليون جنيه لتغطية الرشاح الذي يتوسط المنازل و البيوت و يقسم المدينة نصفين مريضيين, الا ان الرشاح لا زال علي حاله باعثا للمرض و الموت و قاتلا لاي شكل من اشكال الراحة او الحياه الكريمة حتي اليوم, و مع كل تلك المآسي لم يردم الرشاح حتى اليوم ولا زال مصبا للقمامة والحيوانات النافقة و ممرا لأطفال المدارس وسكان المدينة. ففي البدايه يقول زينهم محمد عضو - المجلس المحلي للمحافظة ان مشكلة الرشاح مزمنة و يعاني منها الجميع, لدرجة ان اعضاء البرلمان أطلقوا عليه " الثعبان الاسود" في مناقشاتهم في مجلس الشعب منذ عام 1985, مؤكدا ان المجالس المحلية و النواب لم يتتوقفوا عن المطالبة بردم الرشاح ودائما يكون الرد " الميزانية لا تسمح ". و تقول ام محمد صاحبة محل بقاله ان الرشاح رعبا يحياه الجميع ليل نهار, فيخرج منه الثعابين و العقارب و تهدد الاطفال, مستنكره ما وصفته بتصريحات التخدير و الوعود الكاذبه التس يحصل عليها سكان الخصوص علي مدار 15 عام بشان ردم الرشاح, و توصيل الصرف الصحي للمدين, مؤكده ان الرشاح هو المعلم الوحيد الباقي و المميز للخصوص. يتخدل بالحديث احمد سعيد الذي لم يتجاوز عمره العشرسنوات, حاملا اكوام القمامه علي ظهره فيما يبدوا انه عمله اليومي, و يقول ماتت جارتي في الرشاح, انزلقت قدمها اثناء عبورها له, وبعد فتره طفت علي وجه المياه ميتة, وكانت قبلها تلعب معنا يوميا و تذهب للمدرسة. اما الطفل ادريس فيقول " لقد سقطت انا ايضًا في الرشاح و كدت اموت, الا ان أبي قفز اليه و أنقذني ". و تقول فاطمه من اهالي الخصوص, ان مياه الشرب التي تصلهم ملوثة بالمجاري, و ان اكوام القمامة و مياه الصرف الصحي هي المشهد الوحيد امام منازلهم, مضيفة ان الكهرباء تنقطع عنهم يوميا لعدة ساعات . و عن البلطجه و العصابات تقول ام محمد ربة منزل, ان الخصوص أضحت وكرا للبلطجية و القتلة و تجار المخدرات, الذين يمارسون عملهم علنا بلا اي خوف او رهبة. و يقول الحاج حسان ان قسم البوليس غير متواجد كليا, فلا دور له, فكل عدة ايام يجد سكان الخصوص قتيلا في الرشاح, فضلا عن حوادث اغتصاب الفتايات و استدراجهن بالقوة اسفل الكبري و سرقتهن, مشيرا الي انهم منعوا ابنائهم و بناتهم من الخروج بعد الغروب خوفا من ذلك المصير. و عن مشكلة رغيف الخبز المزمنة في العشوائيات, يقول فرج انه يشتري الخبز يوميا ب 8 جنيهات بعد ان وصل سعر الرغيف 25 قرشا, ليكفي اسرته المكونه من 15 فردا بأبناءه و احفاده, مؤكدا ان الدقيق يسرق من الافران و يباع في السوق السوداء علنا .