فكرة بلد عربى واحد يضم كل الدول العربية فكرة قديمة حاول الكثيرون العمل على تطبيقها وفشلت في كل مرة. رغم ان البعض يري ان فرصه العرب اقوى من فرص الاتحاد الاوروبى الذى استطاع رغم تعدد لغاته وايضا اختلاف اقتصادياته بناء كيان قوى يعتمد على اقتصاد واحد وعملة موحدة وقرارات اقتصادية واحدة ناهيك عن الاتحاد السياسى والعسكرى والدفاع المشترك ولكن الفرصة لدينا كعرب صعبة على الرغم من اننا نملك مقومات مثل وحدة اللغة ووحدة والدين الواحد والترابط الثقافى والفكرى ولكنه صعب لعدة اسباب من بينها الاختلاف المتفاوت بين اقتصاديات الدول وبالطبع دول الخليج. إن فكرة توحيد الدول العربية قامت في أول مرة بتشجيع من الحكومات الفرنسية والبريطانية خلال الحرب العالمية الاولى لأنهم كانوا يسعون إلى الحصول على حلفاء لهم في حربهم ضد ألمانيا والإمبراطورية العثمانية. وعند هذه النقطة المركزية للحركة كان حاكم مكة في ذلك الوقت الحسين بن علي من نسل الرسول صلى الله عليه و سلم. ولكن في نهاية الحرب تخلى الأوروبيون عن التزامهم تجاه العرب وتم تقسيم معظم دول الشرق الأوسط بين بريطانيا العظمى وفرنسا. وقد تم تداول قضية التوحيد مرة أخرى في الأربعينات من القرن الماضي من قبل منظمة حركة القوميين العرب. وقد كانت هذه الحركة بقيادة جورج حبش وهو طالب في كلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت وفي وقت لاحق أصبح سياسي فلسطيني لقد كانت الحركة القومية العربية اشتراكية ومعارضة لدولة إسرائيل وفي نفس الوقت تقريباً ظهرت الحركة الناصرية التي تقوم على تقنية الرئيس الراحل جمال عبد الناصر وقد ارتقت الفكرة بقوة شديدة وكانت المصلحة منها هو التوحيد العربي. و هناك عدة تجارب للوحدة والاندماج منها الجمهورية العربية المتحدة التى ضمت عدة دول عربية تعاونت فيما بينها والتى فشلت فشلا ذريعا وايضا مجلس التعاون العربى الذى ضم اربع دول والذى لايزال باقيا إلى الان مجلس التعاون الخليجى و دول المغرب العربى (تونس - الجزائر - المغرب - موريتانيا - الصحراء المغربية) ورأينا اندماج اليمن الشمالى واليمن الجنوبى في دولة وايضا اندماج امارات دبى - أبو ظبى - الشارقة - عجمان - ام القيوين - رأس الخيمة - الفجيرة فيما يعرف بالامارات العربية المتحدة. موضوعيا نحن نمتلك كل ادوات الوحدة التي تتمثل في اللغة الواحدة والدين والعقيدة واللون والمنطقة الجغرافية المتصلة وفي المقابل فان اوربا لاتملك ايا منها فهم يتحدثون عدة لغات كالانجليزية والفرنسية والاسبانية والايطالية واليونانية والهولندية وكانت بينهم حروب ونزاعات ولايجمعهم اي شئ لكن لديهم اهم شئ وهو الانظمة الديمقراطية وتداول السلطة وحكام غير مخلدين يعنيهم الوطن قبل ان تعنيهم الكراسي فالحكام حين يخلدون انفسهم في مناصبهم وتتحول الجمهوريات الي جمهوريات وراثية فهذا يعني ان الكراسي هي هدف هؤلاء وانا اري ان هناك حكاما حريصون علي هذه التجزئة ومحاربة الوحدة لهذا تدهورت الاوضاع العربية نحن في امس الحاجة الي الديمقراطية بالدرجة الاولي وليبدا كل قطر عربي علي حدة وصولا الي وحدة الديمقراطية حتي تزول العوائق المصطنعة التي وضعها الاستعمار وكرسها معظم حكام العرب ان الحل في ايدي الحكام وحدهم لان الشعوب مغلوبة علي امرها ولايوجد ما تفعله فلابد من ارادة سياسية فاعلة وقرار سياسي نافذ وقتها يتحقق حلم الوحدة. في اوربا بداوا بالايمان بانهم لايمتلكون ايا من مقومات الوحدة وان بينهم خلافات عميقة وانه لاتاريخ واحد يجمعهم وبينهم صراعات ولكن في النهاية فان المصلحة العليا تقضي بالاتحاد فليكن هذا خطوة خطوة وهذا ما فعلوه في اوربا لكن ان تبتدي بفكرة انك موحد وان الاخرين يريدون كسر وحدتك فهذا خطا لانك لست موحدا بالمعني الصحيح فاللغة وحدها لاتكفي ولدينا تجربة الاتحاد السوفييتي الذي يتكلم لغة واحدة ومع ذلك انهار وتفكك القضية في مسالة الارادة السياسية حيث لايوجد لدينا مشروع لارادة سياسية عقلانية تاتي بالوحدة بالتدريج. أن تجربةَ الاتحاد الأوروبي كانت تقوم على فكرة التحريرنظرا لأن الدول المؤسسة للاتحاد كانت تتشابه بدرجة كبيرة في ظروفها الاقتصادية بينما يجب أن تقوم التجربة العربية على فكرة "التكامل" نظرا لاختلاف الموارد ومستويات الدخول بين الدول العربية. و السياسة تلعب دورا مهما في نجاح الاندماج العربي ولناخذ مثال على ذلك بنجاح تجربة مجلس التعاون الخليجي لتشابه الأنظمة الحاكمة فيه في توجهاتها بينما لم تحقق تحالفات إقليمية أخرى نفس النجاح لابد من العمل على توحيد التشريعات الاقتصادية بين الدول العربية وهو ما قامت به دول أوروبا على مدار سنوات طويلة مضت حتى وصلت إلى إجراءات كتوحيد نسبة العجز "3%" وإنشاء البنك المركزي المشترك. عندما بدا الاتحاد الاوربي في اقامة وحدته بدا بانشاء منظمة الامن والتعاون الاوربي وكان عددها 7 دول فقط مهمتها الاساسية احداث توازن مع كل الدول الاعضاء من حيث الدخول والدخل القومي للدولة التي تريد الدخول فيها لانهم لايريدون دولة عالة فالدولة التي تريد الانضمام لابد من توافر مقومات الانضمام فيها هذه المقومات لاتوجد بين الدول العربية فهناك تفاوت بين الدخول وعدد السكان وبالتالي فان المقومات التي بني عليها الاتحاد الاوربي وحدته غير واردة في الدول العربية فهناك تباين في المقومات التي تكون الوحدة ويضاف الي هذا عدم توافر الارادة السياسية.