أثارت رغبة المسئولين في استثمار أموال المعاشات ضجة كبيرة مؤخرًا بسبب الخوف من ضياع أموال آلاف المصريين البالغين عمر التقاعد خصوصًا أن تداول هذه الاموال بنسب مرتفعه فى سوق المال يواجه مخاطر ضياعها نتيجة السياسات النقدية الخاطئة التى تتبعها عمليات التدوال اليومية بالبورصة المصرية خصوصًا أن نظام التدوال بمصر يعتمد فى الأساس على "المضاربة" والمخاطرة ولا يستند إلى أى مقاييس علمية صحيحة. أوضحت د.أمنية حلمى خبير بمركز الدراسات الاقتصادية أن نظام الصناديق التأمين القومية يعانى من أوجه ضعف مختلفة منها انخفاض قيم الاشتراكات المحصلة بسبب عدم التزام وتأخر المشتركين بها مما ترتب عليه انخفاض حصيلة الاشتراكات المستحقة لصندوق التأمين على العاملين بقطاعى الأعمال العام والخاص بحوالى 17% فضلا عن وجود حوالى30% من شركات القطاع الخاص لا تقوم بتسديد اشتركات العاملين بها ويشترك فقط حوالى 40% من العاملين وأصحاب الأعمال بالقطاع الخاص بنسبة من أجورهم تقل بكثير عن الأجور الحقيقية. وأشارت إلى أن الصناديق تعانى القيود على حجم الاستثمار الأمثل لاموال المعاشات والتى تمثل الغالبية العظمى من أموال المعاشات بنسبة 92% لدى بنك الاستثمار القومى. وقالت : على الرغم من أن متوسط العائد المحقق على الاستثمارات الأخرى "منخفضة المخاطر" كشهادات الاستثمار 11.9% والودائع بصناديق البريد 11.5% فى نفس العام إلا ان نظام المعاشات لا يحصل بالفعل على تلك العوائد المحققة لأن بنك الاستثمار القومى قام بإضافتها الى رصيد اموال المعاشات المودعه لديه ليعيد استثمارها أيضًا كحافظة الاستثمار بالنسبة لأموال المعاشات التى تبدو غير متنوعه بدرجة كافية. أضافت حلمى أن المشكلة الثالثة التى تواجه صناديق التأمين القومية هى ضعف قدرة الصناديق على الاستدامة فى الأجل الطويل حيث ترتفع نسبة الأفراد المستحقين للمعاش إلى العاملين المشتركين فى نظام المعاشات المصرى بنبسه (38%). ويعكس الارتفاع نسب الإعالة بنظام المعاشات المصرى الذى يمثل عبئا ماليا بجانب انخفاض حجم الاشتراكات المحصلة لدى صندوق التأمين على العاملين بقطاعى الاعمال العام والخاص حيث إنه لا يغطى سوى 73% فقط من المعاشات المستحقة على هذا الصندوق. مع تزايد ملحوظ فى الإعانات المالية المباشرة من الخزانة العامة لنظام المعاشات بمعدل كبير بلغ أكثر من 150% خلال السنوات الأخيرة الماضية مع الأخذ فى الاعتبار ان الفترة مابين 1996الى2001 شهدت ارتفاع فى أعداد المتقاعدين مبكرًا وكانت بداية تراكم ديون الوزارة. وكذلك قيمة المعاشات المستحقة لهم بمعدلات تفوق أعداد المتقاعدين عند سن التقاعد الطبيعى خصوصًا مع تبنى سياسة التوسع فى التقاعد المبكر الذى ساعد على زيادة العبء المالى لتمويل المعاشات المستحقة لهؤلاء الأفراد من ناحية وتناقص اعداد العاملين المشتركين فى نظام المعاشات أخرى وكذلك رفض معتصم راشد رئيس الادارة المركزية لجمعيات المستثمرين استثمار اموال صناديق التأمين القومية فى استثمارات، وقال : مؤكدا على صعوبة تقبل فكرة تتسم بالخطورة النسبية فما بالك فى الاستثمار فى البورصة التى تعتمد أساسا على فكرة المخاطرة فى الاستثمار، مشيرا إلى ان الدول التى تتميز بارتفاع نسب الاستثمارت فى سوق الأوراق المالية تقوم بفرض ضرائب على الافراد المتعاملين بالهئيات هناك للحفاظ على توازن السوق من مخاطر عمليات جنى الأرباح المفاجئة التى تؤثر على عمليات التدوال بالسوق وعلى البورصة بوجه عام ولكن بمصر التى يبلغ فيها حجم تداول الأفراد الى 80% من العمليات اليومية لا تفرض مثل هذه القيود وبالتالى تعد فكرة استثمار الصناديق التأمين القومية فى البورصة فكرة مخيفة وغير مقبولة. وقال راشد : يتوجب إصلاح السياسات النقدية بالسوق المصرى أولا قبل التوسع فى عمليات الاستثمارات فى سوق الاوراق المالية. على نفس السياق أوضح الخبير الاكتوراى د.فايق حنا مستشار شركة NSGB لتأمينات الحياة صعوبة استثمار اموال صناديق التأمينات القومية فى سوق المال بحكم انها "اموال يتامى "- حسب تعبيره- ولا يجوز المخاطرة فى أموال المعاشات المسئولة عن فتح "منازل آلاف المصريين"، مشيرا الى ان الصناديق القومية لا تخضع للقانون رقم 54 لسنه 1975ولها عشرات المحاذير المدرجة فى القانون المنظم لمثل هذه الصناديق. د. محمد أحمد معيط مساعد وزير المالية لشئون التأمينات وعضو مجلس ادارة الهيئة المصرية للرقابة على التأمين اعترف ان صناديق التأمين القومية التى يترأس الإشراف عليها تستثمر أموالها "بحذر"فى سوق الأوراق المالية بنسب تتراوح مابين 1%الى 1.5% فقط ولا يسمح بأكثر من هذه النسب لهذه الصناديق فى الوقت الحالى لحين الانتهاء من إجراءات إصلاح السياسات النقدية ولخطورة الاستثمار فى سوق الاوراق المالية وقال: إلى حين الانتهاء من مراحل تحسين الاوضاع المالية بمصر لا يمكن زيادة نسب الاستثمار عن هذا الحد، مشيرا إلى أن الخطة المقترحة هي أن تزيد هذه النسب الى 10% خلال 10سنوات لافتًا الى ان القانون الخاص بتنظيم مثل هذه الصناديق يتيح الاستثمار حتى نسبه 20% كمعدل استثمار آمن لهذه الصناديق.