أرجع السيناريست الكبير محمد صفاء عامر ما يشهده الشارع المصرى من عنف غير مسبوق إلى تأثير التيارات الفكرية المتطرفة القادمة إلى مصر من الخليج العربى أو ما أطلق عليه "الإسلام الصحراوي"، مشيرا إلى أنه من قديم الأزل ومعروف عن المجتمع المصرى أنه مجتمع وسطى معتدل لا يعرف تطرف أو تشدد، إلا أن التحول الغريب الذى أصاب المجتمع جاء عقب الانفتاح على الخليج العربي. وقال عامر: إن هجرة الشباب المصريين للعمل فى بلدان النفط – خاصة السعودية وفكرها السلفى الوهابى - فى العقدين الأخيرين من القرن الفائت ترتب عليها نقل لما يسود هذه البلدان من تطرف وتشدد إلى المجتمع المصري، الذى ضعفت مناعته بالأساس خلال هذه الفترة نتيجة غياب دور مؤسسات التربية والثقافة خاصة الرسمية منها، وبالتالى جاءت هذه الأفكار فتأصلت فى بيئة لا يوجد بها أى آليات للمقاومة فكان التأثر شديد للغاية. وأضاف: للأسف الشديد، استطاع هذا الإسلام الصحراوى أن يعيد مصر إلى الخلف بعد أن كانت عاشت مرحلة من التقدم الثقافى والتحرر الفكرى متجهة إلى التمدن مبتعدة عن البادية بفكرها المتطرف الذى يغلب عليه الأحادية الفكرية والاطلاقية فى إبداء الأحكام، موضحا أنه نتيجة لهذا التغير عادت من جديد قضايا "الحسبة"، وأصبح المبدع محاط بمئات المحددات، التى تشوه بدورها كل ما يصدر عنه من إبداع. وأكد صفاء عامر أن الأمن فى مصر يسأل عن جانب كبير من هذه الظاهرة، حيث اعتاد النظام على إسناد حل أو تسوية أى صراع فى المجتمع للأمن، الذى كثيرا ما يلجأ إلى العنف فى معالجة مثل هذه الأمور، فيكون مواجهة العنف بالعنف، فالإضراب لا يواجه إلا بالتفريق الأمنى بالعصا، مشيرا إلى أن الأمن استخدم أبان أحداث التسعينات الإرهابية فى الصعيد أسلوب لإلقاء القبض على المتهمين نتج عنه عنف غير مسبوق وهو التجاء الأمن إلى القبض على أخت وزوجة وابنته المتهم لإرغامه على تسليم نفسه. ولفت إلى أنه لا يمكن أبدا استبعاد الفقر من قائمة الأسباب المؤدية إلى انتشار العنف فى المجتمع المصرى بهذا الشكل، حيث يصاب الشاب الفقير بحالة انعدام ثقة فى المجتمع المحيط به، الذى لا يوفر له أقل مقدرات الحياة فيتحول إلى مجرم يسرق بالإكراه ويغتصب لكى يسد حاجاته بدون وعى ولا احترام أو خوف من العقوبة فالحياة عنده والموت سواء، موضحا أن هذا كله تزامن مع تدهور فى منظومة التربية والتعليم وبالتالى فإن الأمور تسير من سيئ إلى أسوأ ما دام التعليم على حاله السيئ.