أن مسعى مؤسسات البحث والتمويل الأجنبي خدمة أهداف بعيدة وإستراتيجية لها علاقة بمقومات القوة العربية، وخاصة ما يتعلق بالدين الإسلامي وبما يؤدي إلى قبول إسرائيل بالمحصلة، ويرى أن من بين أهداف هذه المؤسسات خلق بؤرة تابعة ثقافياً وسياسياً في الوطن العربي، ضعيفة العقيدة والولاء للوطن، لاهثة خلف إغراءات المال والشهرة وتوهّم العالمية والانفتاح الحضاري ''على الآخر''، وفي هذا الإطار أقيمت في مصر 36 مؤسّسة علمية أمريكية، وثقافية ''إسرائيلية''، مثّلت وتمثّل مظلّة رسميّة لاختراق الشخصية العربية، والتجسّس على قطاعات المجتمع كافّة. أن الهدف الرئيس من وراء انتشار مؤسسات المجتمع المدني المعولمة والضغوط السياسية التي تتعرض لها الدول بهدف تقليص سلطاتها لمصلحة الأخيرة، كيف أنها تهدف بالمحصلة إلى ''خصخصة الحكم'' مما يحد من مركزية الدولة في السياسة بعد اكتساب الهيئات غير الرسمية وظائف تنظيمية، في وقت تتزايد فيه نسبة المساعدات الدولية التي تمر عبر المنظمات غير الحكومية، وباتت المنظمات غير الحكومية تشارك في وفود رسمية في المؤتمرات الدولية. ان عملية التطوير هذه تعتبر عاملا جوهريا وأساسيا في تعزيز المستوى المهني والشفافية لدى تلك المؤسسات بالإضافة الى كونها تشكل شرطا ضروريا لتحقيق الاستدامة، وبالتالي تمكن المنظمات من الاستجابة للتغيرات السريعة في الواقع المصري ولاحتياجات مرجعياتها والفئات التي تخدمها. انطلاقا من هذا الفهم اعتبرت الهيئة ان من بين أهدافها الاستراتيجية الإسهام في تطوير المنظمات الأهلية في مجالات مختلفة وعبر آليات مختلفة وردت بشكل تفصيلي في قسم الأهداف والمخرجات. انطلاقا من قانون الجمعيات والمنظمات الاهلية ومن المرسوم الرئاسي فان الهيئة ستركز عملها وتحصره بالمنظمات الاهلية والجمعيات، وهذا لا يعني اطلاقا بأنها لن تنسق او تتعاون مع بقية منظمات المجتمع المدني إن الأسباب السابقة مجتمعة بالإضافة الى تراجع العلاقة ما بين المنظمات الأهلية من ناحية والحركات الإجتماعية (حركة المرأة، البيئة، العمال، الفلاحين ���ألخ) والأحزاب السياسية من ناحية أخرى، على قاعدة التنسيق والتشاور والتعاون والإستقلالية ستؤدي الى تراجع المنظمات الاهلية وضعف فاعليتها وبالتالي قدرتها على الإستدامة . كما ان قيام بعض المؤسسات الدولية بمزاحمة ومنافسة المؤسسات المحلية سيؤدي إلى إهمال بعض القطاعات الرئيسية التنموية في العمل الأهلي، وإلى إهمال للمناطق الريفية والفقيرة والفئات المهمشة من هذا العمل، وبالتالي الى إضعاف الأثر التنموي لهذه المؤسسات بشكل عام إن العوامل التي تغذّي الفساد متعدّدة، وهي تتنوع بين أسباب سياسية في علاقتها بعدم فعالية المؤسسات السياسية وضعف هامش الحريات، وغياب الشّفافية وتكافؤ الفرص بين المواطنين.. وأسباب اقتصادية مرتبطة بهشاشة الأوضاع الاقتصادية وعدم قيامها على أسس المنافسة والشفافية وتكافؤ الفرص.. واجتماعية مرتبطة بغلاء الأسعار وانتشار البطالة وبالاضطرابات الداخلية، وسيادة ثقافة الفساد وأسبقية المصلحة الشخصية على العامة، والاستهتار بالقوانين ووجود التباس في مفهوم المواطنة.. وأسباب قانونية وإدارية مرتبطة بضعف الرقابة على المال العام، والتعقيدات الإدارية، وضعف القوانين وعدم مسايرتها للتطورات الاقتصادية والاجتماعية وعدم استقلالية القضاء وعدم تطوير دخل وكفاءات العنصر البشري داخل مختلف الإدارات والمؤسسات.. إن تكلفة وخطورة الفساد كارثيّة بكل المقاييس على الاقتصاد والمجتمع من حيث حرمان خزينة الدولة من مجموعة من الموارد بسبب التهرّب الضريبي، ونهب الأموال العامة وإهدارها واستنزافها في أغراض شخصية، أو تهريبها نحو الخارج، عوض توجيهها نحو مشاريع تنموية اجتماعية حيوية في مجالات الصحة والتعليم والسكن والبنيات الأساسية.. بما يخلق حالة من عدم الثّقة وخيبة الأمل لدى المواطن ويقتل فيه روح المبادرة والاجتهاد، ويسمح بانتشار العزوف السياسي، ويعرقل تحقّق التنمية بكل مظاهرها وأشكالها، ويفرز مظاهر من التهميش والفقر وإضعاف الدخل الفردي، والإثراء غير المشروع ويسهم في هروب الرّساميل الأجنبية وإضعاف الاستثمارات المحلية والخارجية، نتيجة لعدم نهج الشفافية والمنافسة الشريفة وتكافؤ الفرص في طرح الصفقات العمومية أمام الخواص وتدبيرها.. وعلى المستوى السياسي، ينخر الفساد جسم الدولة ويكرّس روح الانتقام داخل المجتمع، وثقافة عدم الثّقة في القوانين والمؤسسات السياسية للدولة، بالشكل الذي يؤثّر بالسلب على أمن واستقرار الدولة والمجتمع، ويعرقل أي تغيير أو إصلاح حقيقي على طريق بناء دولة الحقّ والقانون وتحقيق الديمقراطية وترسيخ مبدأ المساواة بين المواطنين، وهو ما يجعل منه عاملا أساسيا في مصادرة الحقوق والحريات الفردية والجماعية وتقويض كيان الدولة والمجتمع وزرع البلبلة وعدم الاستقرار.. ففي مناخ فاسد تصبح الدولة غير قادرة على وضع قواعد ملزمة أو ضمان تطبيقها وفرض العقوبات على من يقوم بخرقها، الأمر الذي يترتب عنه شيوع ثقافة رفض المساءلة والإفلات من العقاب ومقاومة عمل المؤسسات بكل الوسائل، والعمل على تأخير وعدم تفعيل القوانين الرقابية على المال العام، كما تتعقّد عملية تجديد النخب نتيجة لرغبة المنتفعين من الفساد في الحفاظ على مناصبهم ومصالحهم. ويصبح الفساد أكثر سوءا وخطورة عندما يصيب جهازي القضاء والأمن ليتحولا من ذلك “الملاذ” الذي يفترض فيه حماية الحقوق والحريات وفرض احترام القانون، إلى آلية لحماية الفساد ولجعل “المفسدين” في مأمن ضد أية مساءلة أو عقاب كيفما كانت الجرائم والمخالفات المرتكبة.. وتزداد خطورته أكثر عندما ينتقل إلى بعض المؤسسات التي يفترض أن تقاومه من قبيل الأحزاب السياسية والبرلمان وبعض فعاليات المجتمع المدني ووسائل الإعلام بمختلف وسائطها..، حيث تصبح جزءا من الفساد وفي خدمته ووسيلة للتغطية عليه.. إن الأسباب الرئيسة لظهور الفساد وانتشاره متشابهة في معظم المجتمعات، إلا أنه يمكن ملاحظة خصوصية في تفسير ظاهرة الفساد بين شعب وآخر تبعا لاختلاف الثقافات والقيم السائدة كما تختلف النظرة إلى هذه الظاهرة باختلاف الزاوية التي ينظر إليها من خلالها وذلك ما بين رؤية سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية، وهو ما يبرر الاختلاف في تحديد مفهوم الفساد. والفساد قديم قدم المجتمعات البشرية وإن مكافحته تستدعي تحديدا لهذا المفهوم كما تستدعي بيانا لأسباب انتشاره في المجتمع، وتوضيح أبرز صوره وأشكاله، والآثار السياسية والاقتصادية والاجتماعية المترتبة عليه، وبلورة رأي عام مضاد له وبناء إرادة سياسية لمواجهته، وتبني إستراتيجيات لذلك تتناسب وطبيعة كل مجتمع ، لذا وجب علينا تحديد مفهوم الفساد، فهنالك من يقول بأنه خروج على القانون والنظام أو استغلال غيابهما من أجل تحقيق مصالح سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية للفرد أو لجماعة معينة، بينما يعرّفه آخرون بأنه قيام الموظف العام بطرق غير سوية بارتكاب ما يعد إهداراً لواجبات وظيفته، فهو سلوك يخالف الواجبات الرسمية للمنصب العام تطلعا إلى تحقيق مكاسب خاصة مادية أو معنوية. وهو ظاهرة تبرز نتيجة لغياب المعايير والأسس التنظيمية والقانونية وغياب تطبيقها،بالإضافة إلى سيادة مبدأ الفردية مما يؤدى إلى استغلال الوظيفة العامة وموارد الدولة من أجل تحقيق مصالح فردية أو حزبية على حساب الدور الأساسي للجهاز الحكومي،مما يؤثر على مبدأ العدالة وتكافؤ الفرص لدى المواطنين وطالبي الخدمة العامة. وهو بشكل عام يتمثل في تشابك الاختصاصات للوحدات الإدارية وغياب الأدلة الجزائية المنظمة للعمل،وعدم وضوح السلطات والاختصاصات والمسئولات الوظيفية والاعتماد على الفردية والشخصيات في العمل،مما يؤدي إلى استغلال الوظيفة العامة،كذلك ضعف الدور الرقابي على الأعمال وعدم وجد معايير واضحة للتعيين في الوظائف العامة أو القيادية مما يؤدي إلى سوء اختيار القيادات والأفراد،إضافة إلى عدم تفعيل مبدأ العقاب وتطبيق القانون على المخالفين أو المستغلين وضعف المسؤولية الإدارية عن الأعمال الموكلة أو المحاسبة عليه . كل هذه الأمور تسبب في تفشي الفساد الإداري في ليبيا،والذي كانت له جذور عميقة تعود إلى المرحلة التي تلت إعلان الثورة الإدارية والتي أفرزت صوراً عديدة من الفساد الإداري تتعلق كلها بسلوك الموظف العام سواء في أجهزة النظام أو مؤسسات الدولة وطريقة استغلال الموارد العامة لتحقيق مصالح آنية و أغراض شخصية،بغض النظر عن طبيعة الشعارات التي ترفعها مؤسسات الدولة،ويمكن القول بصفة عامة:إنَّ أشكال وصور الفساد لا حصر لها؛فمنها ما هو مشابه لما أنتجته تجارب أنظمة أدارية وسياسية واقتصادية واجتماعية أخرى،ومنها ما هو مختلف جذرياً وبشكل أكثر سلبية من التجارب التي عرفتها المجتمعات البشرية