لم يحدث في تاريخ مصر كله، أن صدر عن رئيس لها قرار بقطع العلاقات مع دولة عربية أخري. لم يحدث في تاريخ مصر كله، أن أعلن رئيسها الحرب ضد قطر عربي، هكذا علي رؤوس الأشهاد، بالطبع مع استبعاد خطيئة تورط مصر "عبد الناصر" في حرب اليمن، ولم تكن حربا مباشرة لا ضد اليمن ولا حتي السعودية (الطرف الآخر غير المباشر في النزاع وقتئذ). ولم يحدث في تاريخ مصر كله، أن انقسم شعبها إلى "فسطاطين" كما كان الحال لحظات "تلاوة" الرئيس محمد مرسي لخطبته وسط عشيرته وأهله من الإخوان والسلفيين، فيم بقية شعب مصر، لا يدري ما الذي يخطط له بليل. لا شك في أن قرار إعلان قطع العلاقات مع النظام السوري، يتساوي – إلا قليلا – مع إعلان الحرب ضده، وهو ما يعني بالضرورة أن مصر سوف تتدخل في الصراع السوري، إن عاجلا أو آجلا، والسؤال: هل هذا يعني أن الجيش المصري بين شقي رحي، إما الرضوخ والمشاركة تحت إمرة الرئيس الإخواني، وإما وضع الجيش تحت الرقابة، وتقييد حركته، في الوقت الذي يندفع "الجهاديون" إلى سورية من أجل المشاركة في حربهم المقدسة، جنبا إلى جنب وجيوش الناتو وجيش الدفاع الإسرائيلي؟ سؤال آخر، هل يعني الرئيس بقراره العدائي ضد سورية، أنه ينوي المضي قدما حتى النهاية، قاطعا العلاقات أيضا مع جميع حلفاء سورية، وعلي رأسهم إيرانوروسيا والصين وانتهاء بكوريا الشمالية؟ المؤكد هنا أن التحذيرات التى وجهها مرسي ضد الشيخ حسن نصر الله وحزب الله "الشيعي"، تعني تصعيدا وربما تلاسنا مرتقبا ومتبادلا بين الجانبين، ما قد يودي في النهاية إلى إعلان العداء المتبادل، وأخيرا وبالمقابل، وأد العلاقات المصرية – الإيرانية الوليدة، في مهدها. بعيدا عن الأبعاد الدولية للمؤتمر الجماهيري الذي عقد أمس لنصرة سورية، وتركيزا علي الساحة الداخلية، نجد أن توقيت المؤتمر وهوية غالبية حاضريه، وهم قيادات الإخوان والسلفيين وأعضاء من الجماعات الإسلامية، "المصنفين" كإرهابيين، وفقا للتاريخ الدموي للكثير منهم، كل هذا لا يمكن فصله عن مؤتمر جماهيري مماثل من حيث التوقيت وهوية الحضور، "إخوان – سلف – إرهابيين"، تم عقده قبل أيام، بدعوي بحث أزمة سد النهضة، ولكن الهدف الحقيقي لم يكن النصرة في الثاني ولا النهضة في الأول، وإنما توجيه رسالة شديدة اللهجة، مدججة بالآلاف المؤلفة، ومفعمة بالدعوات علي "الكفرة والضالين" وهم "المعارضون" بالطبع....... والتوقيت لا يمكن فصله عن الثلاثين من يونية الحالي، موعد المواجهة الحاسمة بين الفسطاطين اللذين يمثلان الإنجاز الحقيقي وربما الوحيد للرئيس د. محمد مرسي، وهو تقسيم شعب مصر للمرة الأولي في تاريخه وتاريخها. وعودٌ مجددٌ للمستجدات الخارجية، تري ما هي الآلية التى سيتبعها مرسي وجماعته ونظامه في دعم الثورة السورية، بعد أن تحولت إلى حرب أهلية، وبالأحري صراع دولي، بين المعارضة التى لجأت إلى أموال قطر الصهيونية ودعم الأردن المشبوهة، وتأييد "إسرائيل" المعادية والأسلحة الغربية المهربة....... وبين النظام الرسمي، الذي يعتبر ركيزة استراتيجية، سياسية واقتصادية للمعسكر الشرقي، "روسيا – الصين – إيران". وهو ما يعني أن انحياز مرسي و"مجاهديه" إلى معسكر المعارضة، يعني انضوائهم تحت لواء الكيان الصهيو أميركي، وأذنابه في المنطقة : قطر – السعودية – الأردن – تركيا، ومن هنا تبدو تصريحات مرسي، مثيرة للسخرية حقا، تلك التى ارتفع صوته فيها قائلا: ".. ونحن نرفض التدخل الأجنبي في سوريا"..!!! فمن أي منطلق يتصور مرسي أو أي رئيس علي كرسيه في المنطقة، أن بيده الأمر في شيئ من قرارات الحرب والسلام؟ وهل يحلم مرسي أن بمقدوره منع أمريكا – إن شاءت وقد بدأت بالفعل – من التدخل عسكريا، في الصراع السوري؟ هل لم يتنام إلى علمه أن قرارا رسميا بات علي وشك الصدور من الأممالمتحدة "الأميركية" بفرض حظر جوي علي أجزاء من سورية، وأن قرارا آخر في درج مكتب الرئيس باراك أوباما، بتسليح المعارضة؟ ولتسمح لي سيادة الرئيس .. هل أنت مدرك أنك أصبحت رئيسا لدولة اسمها مصر.. أم تظن أنك لازلت رئيسا للفرع السياسي للجماعة..؟؟؟