منذ أن خلق الله أدم-علية السلام- وقبل أن يُنْزلة على الأرض,كلفه بالإختيار ما بين أن ألا يأكل من الشجرة فيدوم به الحال على ما هو علية فى جنة الله,أو يأكل منها فيقع علية العقاب,فأكل سيدنا أدم وطرد من الجنة,وكان التكليف الثانى وهو تعمير الأرض. أذن الأختيار مبدأه ونهايته الحرية فى أتخاذ قرار,والحرية هى أن يكون الإنسان قادرآ على فعل شئ أو تركه بحسب إرادته واختياره سواء حرية كامنه داخليآ كحرية الإرادة وحرية الضمير,أو خارجية كفعل الشئ الذى تم أختياره. وتفترض الحرية استقلال الإرادة فهى الأساس,والاستطاعة تفترض وجود القدرة على فعل ذلك. إن الإسلام لم يفرض يومًا على نصراني أن يترك نصرانيته، ولا على يهودي أن يترك يهوديته، ولم يفرض على أتباع أي دين أن يتخلّواْ عن دينهم ليدينوا بالإسلام..وكما قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب-رضي الله عنه-كلمته المشهورة فى ذلك"متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهامتهم أحرارآ" وقال علي بن أبي طالب-كرم الله وجهه-فى وصية له"لا تكن عبد غيرك وقد خلقك الله حرآ"فالأصل فى الناس أنهم أحرار بحكم خلق الله,وبطبيعة ولاتهم هكذا أحرار,لهم حق الحرية وحق الأختيار. والخلاف دائمآ ليس على مبدأ الحرية لكن على سقف الحريات,وفى هذا تكلم الكثير بين مؤيد ومعارض لحدود الحريات,فى المجتمع الغربى والذى يحمل راية الحرية,يتبع منهج"أنت حر ما لم تضر",فحريتك تنتهي حيث تبدأ حرية الأخرين,ولذلك فللفرد الغربي الحرية الكاملة حتى ولو كان فيها إيذاء لنفسه"كالأنتحار مثلآ" طالما لا يؤذي غيرة فهو حر,هذا إلى جانب الحريات السياسيه والأقتصاديه والأجتماعيه والدينيه وكل ذلك مكفول ومحمى بالدستور والقانون. أما فى المجتمعات الأسلامية سقف الحرية أقل أرتفاعآ منه فى المجتمع الغربي,فالقاعدة العامة فى الإسلام:"لا ضَرر ولا ضِرار"فأي حرية بها ضرر لنفسك,أو ضرر لغيرك,يجب أن تمنع وتقيد. والأختلاف بين سقف الحريات بين المجتمعات الإسلاميه والغربيه يرجع لسببين:- -السبب الأول على المستوى النظرى:الله سبحانة وتعالى أعطى للمسلمين حرية فى كل شئ من حرية الأعتقاد*فلم يبح أبدآ أن يكره الناس على أعتناق الأسلام,أو أعتناق سواه من الأديان الأخرى-قال تعالى"أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين,ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعآ"(يونس:69)هذا فى العهد المكي,وفى العهد المدني قوله تعالى"لا إكراه فى الدين,قد تبين الرشد من الغي"(البقرة:256)وهكذا تبين لنا إلى أي مدى وصل الإسلام فى تقديس الحرية,وفى تكريم هذا المعنى,وتأكيد على هذا المبدأ.*إلى أن يصل إلى حرية القول والنقد التي أقرها الإسلام، بل جعل ما هو أكثر من الحرية إذ جعل القول والنقد -إذا تعلقت به مصلحة الأمة، ومصلحة الأخلاق والآداب العامة- أمرًا واجبًا.. والأختلاف هنا فى ضرر الذات,الضرر الشخصي فهو مباح فى المجتمعات الغربيه,ومحرم فى المجتمعات الإسلاميه. -السبب الثانى وهو تطبيق الشريعة:منذ القرن الرابع الهجري وتوقف العقل وبدء النقل,فأصبحت الشريعه الأسلاميه وتفسيرها منقوله من ذلك التاريخ,حيث توقف الأجتهاد وتفسير الشريعة الإسلاميه,وتأثرت الحريات بهذا. والحل فى العلم والأجتهاد والتشريع المواكب لهذا العصر,الحل فى ( العقل وليس فى النقل).