ستشھد العديد من مدن العالم يوم السبت القادم 25 مايو مسیرات شعبیة ضد شركة مونسانتو وهى شركة البذور والكیماويات العملاقة والمسئولة عن إنتاج الغالبیة العظمى من البذور المعدلة وراثیا كما أصبحت تمتلك حق الملكیة الفكرية لأعداد متزايدة من البذور المحلیة على مستوى العالم. وكان السبب المباشر لإطلاق هذه الدعوة والتى بدأت فى الولاياتالمتحدة الأمريكیة هو نجاح مونسانتو مؤخرا فى تمرير قانون يمنحھا حصانة قانونیة بحیث أصبح لا يمكن مقاضاتھا حتى لو ثبت أن منتجاتھا تسبب أضرارا صحیة وبیئیة. أصبحت مونسانتو فعلیا بفضل ما أصبح يسمى ب «قانون حماية مونسانتو» فوق القانون الأمريكى بل وفوق الدولة. يحدث هذا فى دولة مستقرة لديھا مؤسسات وآلیات محاسبة ومجتمع مدنى قوى فما بالنا بما يمكن أن تفعله بدولة مثل مصر وفى لحظة مثل التى نعیشھا حیث لا يوجد قانون ولا مؤسسات ولا محاسبة وهى فترة ذهبیة لیس فقط للسلب والنھب وإنما للإنتھاكات العمیقة لثروات البلاد وتراثھا ومواردها الثمینة لو لم ننتبه وندفع تلك الأخطار بأنفسنا سنخرج من تلك المرحلة بخسائر لا تعوض من آثارنا وتراثنا العقارى وأراضینا الزراعیة ومناجمنا وكنوز بحورنا وسلامة بیئتنا. وأفعال مونسانتو هى من هذا النوع الذى يرتب آثارا دائمة لا رجعة فیھا. ●●● تعمل مونسانتو فى مصر منذ فترة ونستھلك نحن منتجھا دون علمنا ولا استشارتنا من الذرة المعدلة وراثیا والتى تزرع الآن فى مصر منذ 2008 وبالمناسبة لم تنجح جھود جماعات حماية المستھلكین والجماعات المناهضة لمونسانتو فى الولاياتالمتحدةالأمريكیة فى إجبار الشركة على وضع إشارة على المنتجات تفید باحتوائھا على مكونات معدلة وراثیا حتى يكون للمستھلك حق الاختیار وذلك رغم وجود وعى كبیر بتلك القضیة ورغم قوة الجماعات المناهضة لھا وخوضھم معركة طويلة لم تفض إلى شىء حتى الآن فتخیل ما يمكن أن نواجھه نحن إزاء مطلب كھذا. وقد تسللت إلینا تلك المنتجات دون أن نعلم شیئا ودون أن يكون هناك نقاش يَُمكِن المجتمع أن يتخذ قراره فى شأن خطیر كھذا فدخول المحاصیل المعدلة وراثیا إلى بلد ما هو ذلك النوع من القرارات التى ترتب آثارا دائمة لا رجعة فیھا ولا يمكن تداركھا لاحقا على البیئة وعلى نمط الزراعة. هذا فضلا عن ان المحاصیل المعدلة وراثیا تمثل خطرا شديدا على السیادة الغذائیة بتھديدها لأصناف البذور المحلیة ولاستقلالیة المزارع المصرى حیث تحتكر الشركة انتاج البذور وتمتلك حقوق الملكیة الفكرية لھا وبالتالى تتحكم فى انتاج الغذاء والمحاصیل الاستراتیجیة الأخرى. فلیست العبرة أبدا بكمیة المحصول وإنما بالجھة المتحكمة فى الانتاج. والآن حیث تحتل قضیة الاكتفاء الذاتى من القمح حیزا كبیرا من النقاش العام أحیلكم إلى مقال وائل جمال «لا نريد ذلك الاكتفاء الذاتى من القمح» وهو مقال مھم للغاية نشر فى جريدة الشروق بتاريخ 5 أكتوبر 2010 وقت ما بدأ نظام مبارك أيًضا يرفع هذا الشعار البراق ويشرح وائل جمال كیف أن هذا الشعار مرتبط أساسا بخطط ترويج المحاصیل المعدلة وراثیا ونكون بذلك قد سلمنا مقادير إنتاج الغذاء إلى المحتكرين وسلمنا زراعتنا وبیئتنا إلى المجھول فى أفضل الحالات. هذا إلى جانب الدراسات العلمیة المتزايدة التى تحذر من الخطورة الصحیة لتلك المحاصیل والتى تبقى آثارها طويلة المدى غیر معروفة وإن دلت المؤشرات على احتمالات قوية لآثار وخیمة ستتضح لاحقا بعد فوات الآوان إن لم نتحرك الآن. ●●● ستشارك مصر أيضا بمسیرة ضد مونسانتو يوم 25 مايو وإذا كان الجانب المظلم من العولمة يتمثل فى سطوة الشركات العملاقة العابرة للحدود الدولیة فإن مواجھتھا تستلزم حركات شعبیة عالمیة تقوم على التضامن بین الشعوب و هو الجانب المشرق من العولمة. باحثة مصرية