فعلت ثورة يناير ما يفعله المحراث بالأرض، وقلبت الحياة السياسية المصرية وجعلت عاليها سافلها، وأخرجت المختبئ في الزوايا وكشفت المستور من النوايا، وسخر الله الإعلام وخصوصاً الانترنت ليكون ذاكرة تؤرخ للثورة، بخيرها وشرها، وسخر اليوتيوب ليكون بينة على من ادعى ويميناً على من أنكر.! وبناء عليه ثمة سؤال محشوراً في حلقي وحلوق السياسيين الغلابة مثلي يتعلق بمواقف الدكتور ياسر برهامي، الوكيل المعتمد للسلفية في الشرق الأوسط، وآخرها قبوله الظهور مع "الداعية" هاني رمزي على فضائية "إم بي سي" مصر، والسؤال لماذا ذهب د.برهامي إلى ذلك الشئ ثقيل الظل الذي لا يخفي سخريته من الإسلام والمسلمين في كل حلقة من برنامجه السخيف؟!. ربما لينصحه بعدم جواز مضاجعة وتقبيل الفنانات خصوصاً المسلمات في أفلامه، أو ربما ليحذره من الانخراط في إزكاء روح التطرف في صفوف الشباب المسيحي، ووقف محاولات التنصير التي ترعاها وتقف خلفها عائلة رمزي في الصعيد. أليس التنصير في خطورة المد الشيعي الذي صدعنا به كهنة حزب النور، وظهور كبيرهم مع الشئ الذي تمارس أسرته الإرهاب في الصعيد يعد دعماً لأنشطة أسرة رمزي، وهل يعذر د.برهامي بجهله السياسي كما أقر هو بذلك في بداية الثورة؟! دعونا ننشط ذاكرة د.برهامي الذي دشن حزباً سياسياً على أسس سلفية في أعقاب الثورة، بعد أن لحس وعداً تعهد فيه بأن "الدعوة السلفية لن تتحول إلى حزب سياسي"، الوعد لا يزال طازجا وربما دافئا وكأنه شطيرة خرجت توا من الفرن، حيث أعلن د.برهامي في شهر إبريل 2011م في مؤتمر حاشد في أسوان، أنه "لا يسع إلى الحكم أو الرئاسة، لأنه لا يصلح في ظل الظروف الحالية".! هل أنا وحدي الذي لاحظ عبارة في ظل الظروف الحالية تلك؟!، وهل بعد هذا التصريح يملك احدهم وقاحة التبرير متشدقاً "إن بعض الظن إثم"، الرجل يقول في ذات المؤتمر الذي نشر على صفحات المصري اليوم أن السلفيين كانوا مكبلين وبعيدين عن الانخراط في العمل السياسي والعام لسنوات طويلة، وتساءل ببراءة شديدة كيف لمن كان مكبلاً لفترات طويلة أن نجعله يتحمل مسؤولية حكم عشرات الملايين من البشر؟!. ويبدو أن الرجل يجيد الحنث في الوعود ولحس الكلام في ثوان معدودة، وهو ما أكده قبول لجنة شئون الأحزاب أوراق حزب النور، الذراع السياسية للدكتور برهامي، ومشاركة د.برهامي عبر حزبه في الانتخابات البرلمانية، والتصريح بأن حزبه سيتفوق على الإخوان ويحصد المقاعد ويشكل حكومة ائتلافية لإدارة شئون عشرات الملايين من البشر.! والحق أن خبير التوازنات الإستراتيجي، والمرشد الأعلى لحزب النور، مواقفه متخبطة بالنسبة لمبتدئ يلعب مباراته السياسية الأولى وهو في سن الاعتزال ، فتارة يقابل الجنرال شفيق في بيته سراً ويعقد معه صفقة تفضحها ذلة لسان من الجنرال المخمور، وتارة يرسل مندوباً للسفارة الإيرانية مهنئاً بالثورة الخمينية ثم يتبرأ من ذلك، وتارة يرسل جنوده في القنوات الفضائية يهاجمون الرئيس "ولي الأمر"، وتارة يشلح حازم أبو إسماعيل من وسام السلفية من على منبر القنوات العلمانية. بل إن أحد جنوده المراهقين اتهم أبو إسماعيل بأنه سيحول مصر إلى جزائر ثانية، وبما أن التوترة أخذت حكم السواك عند د.برهامي الذي لا يفوت فرصة، فقد أمسك منتصف العصا عبر تغريدة على تويتر، مؤكداً أنه غير مشترك في حملة تمرد، لكنه يطالب بتغيير حقيقي في طريقة إدارة البلاد. والتغيير الحقيقي الذي ينشده المناضل الثوري، هو قطعة من الكعكة والعودة إلى جنة الرئاسة التي طرد منها تلميذه علم الدين، فهل كان د.برهامي صادقاً مع نفسه حينما قال في برنامج لقاء خاص على قناة نور الحكمة، "مواقفنا كما هي ولم تتغير"، أتمنى من كل قلبي أن يكون تحليلي هذا خاطئا وان يخيب الله ظني، واخشي أن تكون تلك هي الحقيقة مجردة!