مصر تحترق بكل دلالات الكلمة ومعاني الحرق وليست تحترق فقط بالنيران ، بل بوسائل أخرى متعددة ، بوعود السيد الرئيس الشرعي للبلاد والعباد الدكتور محمد مرسي الذي لم ينفذها ولن يقدر على تحقيقها واسألوا خطة الأيام المئة ومشروع النهضة ، تحترق بسبب سلبية وفشل وتخاذل وتقاعس وترهل حكومة الدكتور هشام قنديل التي يلاحقها الفشل وراء الآخر ، حكومة تعاني من ضعف الأداء وقلة الخبرة وكفاءة الإدارة ، ووزراء يعانون بالفعل من نقص القدرة على مواجهة الأزمات ، أما وزارة الداخلية التي بدأت في الشروع بحملة اعتقالات يكفيها من العيب والفشل ظهور جماعات بلاك بلوك وكتائب مسلمون والفرقة 95 إخوان ليعلنوا جميعاً استعدادهم لمواجهة الفوضى في حالة العجز الأمني التام. ويقولون إن مصر تنهض ، ويدعون ليل نهار على وسائل إعلام الفلول ، ويطالبون بإسقاط جبهة الإنقاذ والتيار الشعبي وكافة القوى المدنية ، وأحمد الله أنني لست مع السابقين ولن ألحق بالنظام السياسي الحالي فالكل في الفشل والعجز سواء. الجميع في مصر المحروسة يعلمون من المسئول عن كل مظاهر الفوضى في مصر ، ولو أنني أختلف تماما مع مثلث جبهة الإنقاذ في مصر الدكتور البرادعي الذي لا أعرف من أين أتى وجاء وفكر ودبر ، والسيد عمرو موسى الساقط في انتخابات الرئاسة والزعيم وسط أنصاره فقط الصحفي حمدين صباحي الذي لم أقرأ له كتاباً أو مقالاً لكنني لست مع الذين يكيلون لهم الاتهامات عبر الفيس بوك وتويتر والصحف الموجهة دينياً لأنهم بالفعل فاشلون حتى وسط أنصارهم ويكفي أن تستمع لشباب مصر الواعد وهم يقولون أن هؤلاء لا يمثلونهم من الأساس ، لذلك يصعب علينا أن نعطيهم أدوار البطولة في فيلم مصر الفوضى. لا أستطيع تحديد ملامح للوطن ، ولست أريد أيضاً أن أنضم لقافلة فلول الإعلام الذي يندد ويشجب ويسكب الزيت على النار ، أو يدغدغ المشاعر بكلمات مفادها تدمير الطاقات الإيجابية لدى المصرية ، لكني أريد أن يستفيق النظام ويعي دروس الماضي وأن تتناول حكومة الدكتور قنديل مشروب بريل المستهدف للرجال فقط ، أريد وطن بحكومة حازمة . وأشك أن سيادة الرئيس الشرعي المنتخب بإرادة شرعية لحكم البلاد والعباد معا الدكتور محمد مرسي على علم ووعي تام وكامل بما يحدث على أرض المحروسة من العين والحسد مصر سابقاً. وأنا على يقين أن سيادة رئيس الجمهورية المصرية الثانية لا تُنقل له الأخبار الفاجعة التي تسيطر على البلاد وتخيم عليها وتتسب في السرادقات التي نراها ليل نهار ، ولا على الحوادث المخجلة التي ترتكب في حق الوطن. وأنا مصر على أن الرئيس لا يعلم شيئاً عن الشارع المصري الآن وأكاد أكون أكثر إصراراً وتحدياً للمتنطعين من أنه لا يعرف حقيقة الأمور والمجريات الآنية حتى لا أتهمه باتهامات كفيلة بأن تسقطه وتسقط نظامه وبالتأكيد تسقط معه جماعته التي لم ولا ولن تقنن أوضاعها في مصر . فالداخلية مضطربة وأوضاعها صارت غامضة غير مفهومة ، ضباط متهمون بإطلاق الرصاص على المتظاهرين ، وضباط متهمون بالتآمر لصالح جماعة الإخوان المسلمين، وأمناء شرطة متذمرون لعدم تسليحهم في مواجهة الثوار أو البلطجية أو المعتدين، وفئة من الضباط يعلنون تمردهم ضد رؤسائهم ويطالبون باستقالة وزير الداخلية لأنهم يعتقدون ظناً بأن الوزير قدمهم قرباناً للشعب في حربهم ضد الجماعة ومرشدها. لكنني أعلم أنه متبصر بالسوق المصرية التي تكبل الأسر المصرية وتحملها ما لا تطيق بوصفه كان من الطبقة الوسطى وكان يعمل أستاذا جامعياً قبل زيادة رواتب أعضاء هيئة التدريس حبيسي المكاتب والأبحاث الورقية الكاذبة البعيدة عن الحياة الحقيقية للشعب المصري وآماله وطموحاته. وهل نُقل للرئيس المصري ما قاله الرئيس الأمريكي باراك أوباما عن مصر في خطاب " حالة الاتحاد " حينما أعلن علانية أنه لن يملي التغيير في مصر كما أشار إلى عملية الفوضى التي تجتاحنا مثلما تجتاح جسد الوطن كالسرطان ، وبالتأكيد ربما يعلم الرئيس أن كافة الجهات المانحة ( عمال على بطال )لكل دول الكرة الأرضية قررت أن تفكر عميقاً في أمر المساعدات والمنح والقروض التي تعطى لمصر وفق شروط وضوابط قاسية وبعضها أصدرت بيانات تشير إلى إعادة هيكلة المساعدات المقدمة إلى مصر لأن الوضع الحالي في مصر لا ينبئ بخير تماماً، كما أن تلك الجهات أشارت إلى أن الحكومة الإسلامية في مصر على حد وصفها تتبع أساليب قمعية مع المواطنين ، لذا فالرئيس أصبح معذوراً أمام شعبه لأنه قد لا يستطيع أن يدبر حياة كريمة لشعبه. ويكفي أن يعلم السيد الرئيس أن مؤسسة التصنيف الائتماني " موديز " قد خفضت تصنيف مصر إلى B2 وهو أمر يجعل مصر متدهورة اقتصادياً في نظر العالم بالإضافة إلى إعلان المؤسسة بأنها قد تلجأ لتخفيض تصنيف مصر مرة جديدة في ظل الأوضاع الاقتصادية التي تعصف باستقرارها. هذا الذي سبق في كفة ميزان ، والتالي في كفة مستقلة، فلبرما علم الرئيس أخباراً تنبئ عن اعتداء سافر على رئيس البنك المركزي الجديد ومحاولة السطو عليه، والاعتداء على محافظ كفر الشيخ وعن مقتل بعض الضباط أثناء الاشتباكات ، وسقوط عشرات القتلى والمصابين واختباء البعض وتعذيب البعض الآخر. وبائع البطاطا الذي استحيت أن أنظر إلى وجهه وهو مقتول برصاص وطني ، وغضب أبناء مدن القناة وما أدراك ما غضبها. كل هذا وعلى الرئيس الذي انتخبناه وارتضيناه حاكماً وولياً للأمر علينا أن يدرك مشكلات مصر التي إن شاء الله ستقضي علينا ومن أبرزها أن الشعب المصري ينتقد الرئيس اليوم لا لكونه منتمياً لجماعة الإخوان المسلمين فهذا الأمر لم يعد يثير شهية المواطن للنقد أو للتناول ، بل ما ينتقده المواطن هو سوء الإدارة والفشل في حل الملفات الشائكة الآنية ومنها فشل حكومة الدكتور هشام قنديل في التعامل مع أبسط مشكلات المواطن المتهالك مثل رغيف الخبز ومصادر الطاقة والحمد لله أن مصر ليست دولة متقدمة وإلا كانت الحكومة أعلنت استقالتها صباحاً لأنها لن تسطيع توفير رفاهية هذا المواطن. ولابد للرئيس مرسي أن يعلم ما قالته عنه الجماعة الإسلامية وهي إحدى الفصائل التي كانت تؤيده منذ شهور ليست بالعيدة ، وهو أن الحكومة الحالية تقود الدولة نحو الانهيار .وما ذكره القيادي عبود الزمر عن رفضه لعزل فلول الحزب الوطني من المشاركة في الحياة السياسية وأن جماعة الإخوان المسلمين تشكل عبئاً على الرئيس نفسه. كافة الأوضاع في مصر تنذر بخطر وشيك وتعالي الأصوات بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة رغم كون الدكتور محمد مرسي يحكم البلاد هو مطلب وإن بدا غريباً ومدهشاً لا سيما وأن الرئيس لم يلتقط بعد أنفاسه إلا أنه يحمل مؤشرات رافضة لقراراته وسياساته ، وأنه فقد الشرعية القانونية والسياسية في إدارة مصر العظيمة. وربما أختلف مع الأصوات التي تنادي بإسقاط الرئيس محمد مرسي فأنا شخصياً أعشق الاستقرار ولا أميل إلى إحداث فوضى سياسية أكثر من التي نحياها، لكن عندي أمل في أن يدرك الرئيس محمد مرسي ومساعدوه الذين لم أعد أعرف أسماءهم لأن بعضاً منهم استقال والبعض الآخر لا صوت له على ساحات الإعلام ، أن يتغير الوضع الحالي السياسي والاجتماعي بالحوار الوطني أو بوسيلة أخرى . ونصيحتي للسيد الرئيس ألا يصدق نفسه في أن تعدد المظاهرات وتباين شعارتها هو نوع من الحراك الديموقراطي المرغوب ، لا ، هو نوع من الفوضى السياسية والركود في التنية والبناء وانقسام الوطن إلى طوائف وعشائر متناحرة . وأنا لو مكان الدكتور محمد مرسي واعتليت سدة الحكم في مصر سأسأل نفسي سؤالاً واحداً: هل أنت مصدق لنفسك بأنك رئيس لمصر؟ وسأتعجب حينما أجيب عن سؤالي بالإيجاب لأن الأوضاع كلها لا تنبئ بأني أملك تغيير وتحريك دفة النهضة في الوطن .