أعربت المنظمة المصرية لحقوق الإنسان عن أسفها البالغ والشديد للأحداث الدامية التي تشهدها البلاد منذ مساء الأربعاء الماضي أمام قصر الاتحادية بمصر الجديدة، مما أودي بحياة نحو 6 مواطنين إثر طلقات رصاص حي وخرطوش في مناطق مؤثرة بالصدر بالقرب من القلب، وإصابة ما يزيد عن 446 شخصاً وفقا لبيانات وزارة الصحة المصرية، وذلك حتى الآن. وكان الرئيس محمد مرسي قد قام بإصدار إعلان دستوري يحصن قراراته أمام القضاء ويحصن مجلس الشورى والجمعية التأسيسية من الحل، ثم تلي ذلك إعلان المسودة النهائية للدستور من قبل الجمعية التأسيسية رغم انسحاب كافة أطياف المجتمع المصري لتكون حصراً على الإسلاميين فحسب، وهو الأمر الذي أثار حفيظة القوي السياسية الأخرى، فدعوا إلى اعتصام مفتوح في محيط ميدان التحرير، وفي ضوء عدم الاستجابة لمطلبهم بإلغاء الإعلان الدستوري، وإحداث توافق وطني حول مسودة الدستور، قرروا تنظيم مسيرات إلى قصر الاتحادية لمطالبة الرئيس بالعدول عن الإعلان الدستوري، وإحداث توافق وطني حول الدستور الجديد، وعليه قامت القوي الإسلامية هي الأخرى بتنظيم مسيرات إلى قصر الاتحادية في تحدي واضح للقوي المعتصمة أمام قصر الاتحادية، وتحدي صوت العقلاء بالعدول عن هذه المسيرات خوفا من التصادم بين الطرفين وحدوث عنف وإصابات، ولكن أصر الإسلاميين على ما يصبون إليه وهو إثارة الفتنة وتحريكها داخل البلاد، وعليه اتجهت مسيرات التيارات الإسلامية إلى محيط قصر الاتحادية مما أدي على حدوث اشتباكات بين القوي المعتصمة هناك والإسلاميين أسفرت عن حدوث وفيات وإصاب ات من جراء استخدام طلقات حية وخرطوش وغيرها. وأكدت المنظمة على أهمية الحق في التظاهر السلمي وكفالته وفقا للمواثيق الدولية المعنية بحقوق الإنسان ومنها المادة رقم 21 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والمادة رقم 20 من الإعلان حول التقدم والإنماء في الميدان الإجتماعى والذي أصدرته الجمعية العامة للأمم المتحدة في ديسمبر 1969، وأن المظاهرات والاعتصامات حقوق مشروعة للمواطنين دستورياً وقانونيا ولا رجعة فيها ولا إنقاص منها، ولكن التظاهر السلمي كما هو متبع في كل دول العالم له معايير وضوابط، هي عدم تعطيل العمل العام أو المصالح اليومية الخاصة للمواطنين. ومن جانبه دعا حافظ أبو سعده رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان النائب العام بالتحقيق الفوري والعاجل فيما حدث في محيط قصر الاتحادية وإعلان نتائج التحقيق للرأي العام مدعومة بالأدلة والقرائن المادية، وتقديم الجناة للمحكمة لما اقترفوه من عدوان على حق إخوانهم في التظاهر السلمي والتعبير عن الرأي. وأكد أبو سعده على أن الحق بالتظاهر السلمي إقرار بحرية التعبير السياسي وإرساء لتقاليد حياة جديدة بعيدة عن القمع والكبت، وأن يأتي هذا في الوقت نفسه في سياق حضاري باحترام حقوق الآخرين في التعبير عن آرائهم بحرية دونما اعتداء على الآخر، فنحن جمعيا أبناء لهذا الوطن ولا بد أن نقوم بقبول فكرة الأخر ونبذ العنف والتطرف أي كان وتحت أي مسمي. وطالبت المنظمة بالتحقيق الفوري والعاجل في ملابسات أحداث الاتحادية، والتحقيق في تصريحات المتحدثين على شاشات القنوات الفضائية ودعوتهم لأنصارهم بالنزول إلى الشارع، مما حول ساحة الاتحادية إلى ما يشبه حرب شوارع واقتتال داخلي بين أبناء الشعب الواحد مما ذكرنا بموقعة الجمل الشهيرة يوم 2 فبراير لعام 2011 والتي على أساسها سقط نظام المخلوع حسني مبارك. وفي إشارة إلى تظاهرات اليوم تحت شعار "الكارت الأحمر"، طالبت المنظمة جميع القوي الشعبية باحترام الحق في التظاهر السلمي والذي يقوم على قواعد حضارية واحترام الرأي والرأي الآخر وعدم الزج بالمواطنين إلى حافة الهاوية والاقتتال الداخلي وعدم العدوان على أشقائهم، كما طالبت الدولة بتهئية المناخ المناسب لممارسة الديمقراطية وصولاً للعدالة الاجتماعية، وجعل جميع الأطراف شركاء في هذا الوطن، وعدم انفراد فصيل بناصية القرار السياسي، لأن الجميع شركاء في هذا الوطن.