بعد ثلاثة أيام من ضرب وسحل المتظاهرين الذين خرجوا يوم 19 نوفمبر الماضى لإحياء ذكرى أحداث شارع محمد محمود 2011 والمطالبة بتحقيق أهداف الثورة المصرية والقصاص للشهداء، واستشهاد أول شهيد (جابر صلاح) فى عهد الرئيس محمد مرسى، حسبما يقول متحدث باسم مؤتمر عمال مصر الديمقراطى ودار الخدمات النقابية والعمالية. وواصل بقوله، وبدلا من أن يتدخل الرئيس لوقف إراقة الدماء ومحاسبة المسئولين عن هذه المهزلة التى أعادت إلينا ذكريات النظام البائد، خرج علينا يوم الخميس الماضى بإعلان دستورى جديد أقل ما يقال عنه أنه يعلن نفسه نصف إله، بدعوى حماية أهداف الثورة يحصن الرئيس قراراته والقوانين الصادرة عنه منذ توليه السلطة فى 30 يونيه الماضى من الطعن عليها أمام القضاء، ليعلن نفسه بذلك انه فوق القانون وهو الرئيس الذى اقسم فى قسم الحكم على احترام وحماية القانون والدستور .. ليكرس بذلك استبداد لم تشهده مصر فى عصرها الحديث.. بل لم يكتف الرئيس باستحواذه على السلطتين التنفيذية والتشريعية فيعطل بإعلانه الدستورى السلطة القضائية ويحصن مجلس الشورى واللجنة التأسيسية المسيطر عليهما من قبل جماعة الرئيس (الإخوان المسلمين) من أى أحكام قضائية قد تصدر بشأنهم .. ثم يقيل النائب العام ويعين آخر دون حتى الرجوع لأصحاب الشأن من رجالات القضاء، موجها بذلك ضربة قاضية للسلطة القضائية الحصن الوحيد الباقى للشعب المصرى فى مواجهة استبداد الحاكم. وبدعوى حماية الثورة وأهدافها يسارع الرئيس بإصدار قانون حماية الثورة المكون من ستة مواد، بإنشاء نيابة خاصة بحماية الثورة (المادة الثانية) يكون من حقها حبس المتهمين فى الجرائم المنصوص عليها فى القانون لمدة ستة اشهر (المادة الخامسة)، وكما هو متوقع تأتى المادة الرابعة لتحصر الجرائم التى يعاقب عليها هذا القانون، لينال عمال مصر النصيب الأكبر من ذلك، متساوين بذلك مع قتلة الشهداء وأعداء الثورة المصرية، فينص القانون فى مادته الرابعة على " تختص نيابة حماية الثورة أو من يندبه النائب العام أو أعضاء النيابة العامة بالتحقيقات في الجرائم المنصوص عليها في المادة الأول من القانون وكذلك الجرائم التالية:الباب السابع والثاني عشر والثالث عشر والرابع عشر من الكتاب الثاني، والخامس عشر والسادس عشر من الكتاب الثالث من قانون العقوبات، وقتل وإصابة عدد من الثوار أو الاعتداء عليهم، وإخفاء معلومات أو أدلة من شأنها تمكين الجهات المختصة من القصاص العادل لشهداء ومصابي الثورة، والامتناع عمدا عن تقديم الأدلة اللازمة لتمكين المحاكم من تحقيق العدالة الناجزة واللازمة في قضايا الفساد السياسي والمالي لرموز النظام السابق".. وبالرجوع إلى الباب الخامس عشر والسادس عشر من الكتاب الثالث من قانون العقوبات، نجدها المواد الخاصة بحظر الإضراب، أو ما سماها القانون بالاعتداء على الحق فى العمل، أو التحريض على ذلك، والتى تنص على معاقبة من يقوم بذلك بالسجن لمدة سنتين وغرامة 100 جنيه. فالرئيس لم يكتف بتواجد هذه المواد أصلا فى قانون العقوبات المصرى والتى يطالب عمال مصر بإلغائها منذ سنوات، بل زاد الطين بله ليعطى الحق لنيابة حماية الثورة بحبس العامل مدة ستة اشهر قبل إحالته للمحكمة!! بل ويساوى ما بين العامل الذى يمارس حقه فى الإضراب وقتلة الشهداء والفاسدين وفلول النظام السابق!! إن مؤتمر عمال مصر الديمقراطى ودار الخدمات النقابية والعمالية إذ يؤكدون على أن عمال مصر الذين انتزعوا حقهم فى الإضراب بتضحياتهم وقوتهم التى أسقطت نظام مبارك الفاسد والمستبد، يرفضون هذا الإعلان الدستورى وقانون حماية الثورة الذى يساوى بينهم وبين قتلة الشهداء.. مشيرين إلى أن الثورة المصرية هى ثورة الشعب المصرى العظيم وفى القلب منه عماله وليست ثورة فصيل سياسى بعينه لا يعرف من أمور الحكم سوى لغة الاستبداد. إن دار الخدمات النقابية والعمالية ومؤتمر عمال مصر الديمقراطى يدعون نقاباتهم المستقلة الأعضاء فى المؤتمر والبالغة 320 نقابة مستقلة إلى المشاركة فى تظاهرات يوم الثلاثاء القادم فى كافة ميادين مصر الحرية للمطالبة بإسقاط الإعلان الدستورى وقانون حماية الثورة.