كنت قد كتبت مقالا بعنوان تعديل الدستور وبقرة اليهود في مارس 2011 أثناء التحضير للإستفتاء علي الإعلان المكمل وقد كانت إفتتاحيته بالأيه الكريمة, لأعوذ بالله من الشيطان الرجيم وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ البقرة الأية 67 واليوم , أراقب ما يحدث فيما يخص التأسيسية , والصراع الدائر بلا هوادة يطحن كل مقدرات هذه الأمه بين جميع التيارات علي الدستور الجديد , والمحكمة الإدارية والطعون والعديد من النقاشات التي لا تنتهي , حول الدستور والمواد الخلافيه , واللجنه واعضاؤها وتاره يهدد البعض بالإنسحاب والبعض ينسحب , وتصريحات ناريه من كل جانب , وفي النهايه لا دستور ولا غيره , نفس السيناريو القميء الذي حدث في الإستفتاء علي التعديلات الدستوريه ومشايخ الإسفلت تسابقت لتوزيع صكوك الغفران لكل من يصوت بنعم للتعديلات , إنه حقا الإفك الأعظم والمبين. سؤال يسبق الكل..ماهي أهداف مصر؟ اللي قاعد ورا سرحان , ممكن تجاوب هكذا أتصور اعضاء اللجنه لو قدر لي بأن اسألهم , ما هي اهداف مصر كأستاذ في الفصل يسأل طلبته وتلاميذه , وينظر متمعنا في صلب القضيه , اتريدون حقا ان تصنعوا دستورا إذا كنتم ؟ فالأولي بكم ان تعرفوا جميعا ما هي أهداف مصر ؟ وان تكونوا علي قناعة بأن هذه الأهداف هي حقا ما تريده مصر وما يريده أبناء هذه الأرض المطحونه. وأتصور انك إذا طفت علي النخبه كلها من ليبراليين ويسار ويمين ووسط وإعلام وصحافه وسألتهم هذا السؤال , فلن تجد أبدا إجابه واحده عليه , وإذا كنت ياقاريء هذا المقال لا تصدقني فقم بتوجيه نفس السؤال لكل من هم حولك ومهتمين بالشأن العام , أمسك ورقه وقلم ودون الإجابات , فإذا إتفقوا فهذا يعني ببساطة أن الجمعيه التأسيسية سوف تتفق علي أهداف مصر ؟ والتي أشك في ذلك لأنهم جميعهم لا يعرفون أهدافا لمصر ولو عرفوها لأتفقوا عليها منذ زمن ولخرج الدستور منذ أول يوم للثورة وليس بعد سنتين منها. إن الحقيقة التاريخية التي تطاردني دائما كلما تذكرت هذه المحنه , هي ان امريكا حينما صاغت دستورها , حددت أهداف الولاياتالأمريكية , وأنشأت فيما بين الولايات إتحادا ضمنيا بأهداف عليا يسعي لها الجميع , وما كانت أمريكا تعلم أنها ستكون القوه الأوحد في العالم , لكن الشيوخ والقاده الأوائل تصوروا ان هذا مايحلمون به لوطنهم , أرض الفرص , المستعمرة الإنجليزية الفرنسية التي إكتشفها الأسبان. فما قالوا ابدا أننا نكتفي بأنفسنا , وبقارتنا بل حددوا أن العالم كله وفي العالم كله تنحصر طموحاتهم , وحددوا هدفا أصيلا أنهم سوف يحمون هذه الأحلام في أي مكان في العالم , فأنشئوا تحديا أمريكيا خالصا أستمر علي مدار الأربعمائة سنة تقريبا الماضيه ومازالوا يحققونه. إلي أين؟ والسؤال الأأهم الذي يطرح نفسه الأن إلي أين نسير؟ الصورة الواضحه والتي لا لبس فيها أن التيارات كلها أعترضت علي النسخة المطروحه للنقاش المجتمعي , وبالرغم من أن أغلب الجمعيه تنتسب وتنتمي للتيار الإسلامي في حدود 57 % منها , فإن التيار السلفي , والجماعة الإسلامية أعلنوا أنهم لن يقبلوا هذه المسودة , وفي نفس الوقت ونفس النفس , يؤكد الأخوان ممثلين في كتائب إعلاميه لا حصر لها , أن هذا هو دستور الشريعة , وأن من يعترض عليه يعترض علي الشريعة , وتحولت القضية للمرة الثانية , إلي قضية شريعة ولا شريعة , مؤمن وكافر ولوراجعت المسوده فسوف تجد أن علاقتها بالشريعة منعدمه إلا في مادة المباديء أي عبث هذا , وأي إلهاء خبيث , هل تتصورون أن الشعب المصري أبلها لهذا الدرجة , إنهم قد يتصورون ذلك بحكم العدوي التي تصيب حكام ورؤساء وإداريي مصر , فدائما من يكون علي رأس أي سلطة يخاطب الناس علي انهم لا يفهمون مصلحتهم أو لا يعرفون أو لا يفهمون الخ من مصطلحات التسلط والديكتاتورية الفاجرة التي لاتريد خيرا إلا إلي نفسها. لدرجة أن القرضاوي , بنفسه حدد بأن من يعارضون الأخوان يعارضون الشريعه ويعارضون الإسلام. إن مايحدث في الجمعية التأسيسة , وما يطرح كمخرجات لها للمجتمع , يطرح علي سبيل المشاركة الظاهرية , فإذا أعترضنا علي الدستور أصبحنا نعادي شرع الله , وإذا ماحلت التأسيسية فسوف يعيد لم شملها الرئيس بنفس الرؤس مع تغيير بعض الفروع التي لا تأثير لها, وفي نهاية الأمر الدستور موجود في الدرج منذ زمن بعيد , نستدرج لمناقشه مسودة ونصوت علي مسودة أخري , أو نفاجأ بنص يتيح الكشط والتعديل بعد التصويت تماما كما حدث في الإعلان المكمل الذي ألغاه مرسي وهو الذي أتي به أساسا إلي الحكم. إن هذا لهو أكثر مقالاتي سوداويه , واحسبه ينتمي إلي المقالات السيريالية , التي تتحدث دائما عن تصورات ابعد ما يستطيع القاريء ان يحدد ملامحها , تماما كالكوابيس المزعجة , لقد أصبح التفكير في هذا العقد تفكيرا صعبا وحملا زائدا يورث الكفر بمستقبل هذا الأمة , إنني أصبحت أخاف من حتي مجرد التفكير , واصبح مناقشة الدستور , كمن يتوضأ ثم يخوض في مستنقع قازورات عقليه تجبره علي الوضوء مره أخري , واصبحنا نحن كمواطنين نحتار أي مستنقع نخوض , هل مستنقع يوميات الحياة التي لا تنتهي ومراره العيش في كل خطوة. لا دستور إلا بقادة يفهمون ويستوعبون أهداف هذه الأمة , ولا أمة من دون وضع دستور يلم شملها ويوجهه قدراتها ومقدراتها. وفي رأيي أن تشرزم هذه النخبه وما حولها من نخب , سوف يجعل الدستور القادم , دستورا لمستنقع أهداف لايعلم عنها الشعب شيئا. وفي اغلب الأحوال , لن يكتب هذا العقد , إلا بدماء جديدة في طريق الثورة الذي لن ينتهي أبدا علاء سعد خبير نظم معلومات مرشح محتمل من الشباب للإنتخابات الرئاسية