اعتبر تقرير حقوقى أن من وصفهم ب"ترزية القوانين الجدد" يتبعوا نهج أسلافهم في عهد الرئيس السابق حسنى مبارك في صياغة القوانين، لإضفاء شرعية "زائفة" على تقييد حقوق المواطنين وحرياتهم، عن طريق الصياغات الفضفاضة والعبارات غير المنضبطة قانونًا، بما يساعد على تكييف استخدامها لتجريم ممارسات طبيعية للمواطنين، تحميها مبادئ حقوق الإنسان. جاء ذلك فى التقرير الصادر عن مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان السبت ، والذي تناول فيه بالتعليق والتحليل خمسة مقترحات بمشاريع قوانين قدمتها وزارة الداخلية لمجلس الوزراء، بدعوى استعادة الأمن وحماية المجتمع. وقال التقرير إن القوانين المقترحة غالت في العقوبات إلي حد بلغ معاقبة نوايا محتملة، مستطردا "فوفقًا لمقترح قانون حماية المجتمع من الخطرين، يقع العقاب بناءً على ارتياب أجهزة الأمن في أشخاص نظرًا لقيامهم بسلوك يُنبئ بوقوع جريمة تخل بالنظام العام، أي أن العقوبة يمكن أن تُوقع بناءً على شك أجهزة الأمن في شخص يُحتمل أن يقوم بجريمة، ولكنه لم يرتكبها بعد". ولفت التقرير إلى أن القانون يعتبر بأنه بمجرد المشاركة في الإضراب أو الاعتصام من السلوكيات التي تنبئ باحتمال ارتكاب المواطن جريمة، فالأمر إذن لا يستلزم قيام الشخص بفعل مادي أو الشروع بالفعل في ارتكاب الجريمة، ولكن يكفي أن يشارك في مظاهرة آو إضراب ليثير ارتياب أجهزة الأمن، ليصبح مجرمًا محتملاً يخضع للعقاب. وتزعم القوانين المقترحة أن إصدارها سيساعد على تعزيز الأمن، ولكنها في واقع الأمر لا تساعد إلا على صرف الانتباه عن المشاكل المزمنة لأداء الشرطة قبل وبعد الثورة، وعجزها عن توفير الأمن قبل وبعد الثورة، نظرًا لانخفاض التدريب والكفاءة والانضباط، وتبني عقيدة أمنية استعلائية على الشعب، على حد قول التقرير. وأشار التقرير إلى ما وصفه بالعقيدة الاستعلائية التي تطلبت إعداد قانون يحمي أفراد الشرطة من مجرد "الاعتداء" عليهم بالإشارة، موضحا أن التعديلات المقترحة من قبل وزارة الداخلية على قانون العقوبات تضاعف العقوبة إلي ستة أمثال في حالة التعدي ولو بالإشارة على فرد شرطة. وذكر التقرير أن أحد القوانين المقترحة للحرص على تنظيم الحق في التظاهر يستلزم القيام بمظاهرة مجموعة من الإجراءات تبدأ بتقديم إخطار مُوقع من ثلاثة أشخاص على الأقل، ممن يتمتعون بحسن السمعة، بما يستلزم من الداعيين للمظاهرة استخراج صحيفة الحالة الجنائية مع الإخطار بالمظاهرة، لتتأكد وزارة الداخلية من تمتعهم بحسن السمعة، وفي النهاية الأمر متروك للوزارة لتقدير حُسن السمعة، الذي لم يحدد المشرع أسبابًا لفقدانه، وقد يحتاج إثباته شهادة من شيخ الحارة. وشدد التقرير على أنه إذا قُدِّر لهذه القوانين المقترحة أن تصدر، فإن ذلك يعني إحياء عناصر أساسية من حالة الطوارئ، دون تحمل وزر إعلانها، واستعادة الشرطة بعض صلاحياتها الاستثنائية قبل الثورة، والتي كانت تضعها فوق الدستور والقانون ومبادئ حقوق الإنسان. وأوضح التقرير أنه كان من المفترض في اليوم التالي لتنحي الرئيس السابق حسني مبارك أن تجرى عملية إصلاح جذري للشرطة وإجراء دراسة معمقة لأسباب فقدانها الكامل لثقة الشعب فيها، وتقديم الاعتذار للشعب، إلا أن القوانين المقترحة تكشف عن أن الإصلاح الذي تتوخاه الشرطة الآن هو "إصلاح الشعب"، أو بمعنى أدق" تأديب الشعب الذي ثار على الدولة البوليسية"، ولكن بالقانون.