كتبت - نورهان صلاح الدين تحتفل مصر اليوم بعيد شم النسيم منذ الصباح الباكر حتى المساء فى الميادين والحدائق العامة , ولكن للسكندريين طابع خاص فى الإحتفال , وتكون أكثر الأماكن تكون إزدحاما فى ذلك اليوم تكون منطقة قلعة قايتباي وحدائق المنتزة والنزهة وحديقة الحيوان وأنطونيادس و جرين بلازا وكارفور وسان ستيفانو وغيرها . ومن أهم الأكلات التى يحرص علي تناولها المصريين فى ذلك اليوم هو الرنجة والفسيخ والسردين والملوحة والملانة والبيض الملون والبريوش وفطيرة شم النسيم والترمس والبصل الأخضر والخس ولا ننسى الليمون ومشروب الينسون . ولكن ماهو تاريخ عيد شم النسيم , ومن هم أول من إحتفلوا به ؟ هذا ما أوضحته لميدان البحيرة الدكتورة ماجدة أحمد عبدالله - الأستاذ المساعد بقسم التاريخ وأثار مصر والشرق الأدنى القديم بكلية الأداب جامعة كفر الشيخ – والتى اشارت الى أن عيد شم النسيم يعتبر من الأعياد المصرية القديمة التى أحتفل بها الفراعنة منذ أكثر من ثلاثة الآف سنه قبل ميلاد السيد المسيح عليه السلام , وهو مرتبط بما يعرف بفصل " الشمو" عند المصرى القديم , وهو فصل الصيف والحياة والربيع على ظهر الأرض , إذ أن المصرى القديم قسم العام إلى ثلاث فصول مناخية مرتبطة بالنبات والنيل , وهم فصل الآخت وهو الفيضان حيث تغطى الماء كل الأرض، والبرت وهو الشتاء وفيه بذر الحبوب فى الأرض الزراعية وتجهيزها للنمو ، ثم فصل " الشمو = الصيف " حيث يتم جنى الثمار . كما يعد عيد شم النسيم من الأعياد الشعبية فى مصر القديمة وكان يخرج المصريين القدماء مع أطفالهم فى هذا اليوم للمتنزهات , ويتجهوا للنيل للتنزهه أو لركوب السفن النيلية للترفية , وأخرون يتجهوا للحدائق ويقدمون الزهور كهدايا لبعضهم لبعض,ويرتدون أزهى ألوان الملابس، كما يأكلون الخس الذى يرمز للخصوبة والملانة (الحمص الأخضر) ,وأيضاً الأسماك المملحة (الفسيخ) التى كانت من بين الوجبات المعروفة فى مصر القديمة خاصة لعمال بناء الأهرامات , إذ أنها تعوضهم عن الأملاح التى تفقد من أجسامهم أثناء عملهم الشاق تحت الشمس , كما كان يتناول المصرى القديم مشروب الينسون والذى كان يسمى (ينسكون) حتى يتخلص من رائحة الفم الكريهة بعد تناول البصل , ولقد ذكر هيردوت فى كتاباته هذة النوعية من الأسماك التى تجفف تحت الشمس مع أضافية الملح لها كوجبة رئيسية عند المصرى القديم ، بجانب تناولهم للبصل الذى يعتبرونه من النباتات المقدسة إذ يحتوى على زيوت طيارة تفيد فى علاج بعض الأمراض ، كما عرفوا الحلبة أيضاً وهى من النباتات المذكورة فى البرديات الطبية كنبات معالج لعدد من الأمراض ، كما عرفوا الترمس وعثر عليه فى أحدى مقابر هوارة. ولقد توافق فى مصر القديمة مع الأحتفالات بأيام شم النسيم عيد الآله "مين" آله الخصوبة مع أول أيام فصل الشمو وهو من الأحتفالات الضخمة التى يشارك فيها الملوك وأفراد الشعب معاً وأيضاً عيد الآلهة " رننوت" آلهة الحصاد ، وكان الملك المصرى فى هذا اليوم يمثل " ملطفاً للحرارة" وشم النسيم عند اليهود يتوافق مع عيد " الفصح" حينما خرج اليهود من مصر مع سيدنا موسى عليه السلام ، كما يتوافق هذا العيد المصرى القديم مع عيد " القيامة" عند الأخوة المسيحيين وحرفت كلمة " شمو " المصرية القديمة إلى "شم " ثم أضيف لها " النسيم" ليصبح "شم النسيم". ومع الوقت طور المصريين الإحتفال بشم النسيم وبالأخص السكندريين حيث أضافت السيدة "أم نور" إنه قديما كانت الغجريات يجبن الشوارع مناديين قائلين "الورد والسدب" ومن ثم تنادى عليهن الأمهات وتستضيفهم فى المنزل حتى تقوم الغجرية بتكحيل الطفل بماء البصل والكحل لأن البصل مضاد حيوى يحمى العين من التهاب الربيع وبعد الإنتهاء من التكحيل تعيطى الأم مبلغ من المال إلى الغجرية كأجر لها. كما أضاف الحاج "صلاح عبد الغنى" أن الشركات الصناعية بجميع أنواعها كانت تتبارى فى تزين عرباتها بالزهور المختلفة من خلال رسم رمز الشركة بالزهور سواء شركة المياة أو الكهرباء أو النحاس وغيرها , وتتجمع فى ركب يبدأ من ستاد الإسكندرية وتجوب الشوارع حتى ينتهى سير الركب أمام منطقة السلسلة المقابلة لمكتبة الإسكندرية حاليا, حيث كان يسير أمامها عازفين فرقة الشرطة الموسيقية بعزف الأغانى المفرحة والموسيقى التى تعبر عن فرحة إحتفالات أعياد الربيع , كما كان ينظم مهرجانات فى كافة الحدائق والميادين العامة وكان لابد أن يقام حفل غنائى يشدو به أشهر الفنانين ك"عبد الحليم حافظ "و"فريد الأطرش" , وكانت أغلب أغانى الحفلات خاصة بالورود والربيع إحتفالا بشم النسيم وكان منها المجانى للجمهور والأخر بتذاكر حتى تحتفل جميع طبقات المجتمع سواء القادرة أو غير القادرة بالربيع ,وكان من أشهر الحدائق التى يتوافد عليها السكندريين أنطونيادس والنزهة والشلالات والمنتزة وشواطئ المختلفة , حاملين معهم الأسماك المملحة المختلفة سواء فسيخ أو سردين والملانة وعشرات من أرغفة العيش والليمون والفلفل الأخضر والمشروبات الغازية , وتتجمع الأسر فى تجمع كبير للإحتفال سويا ,بالإضافة إلى الترمس والفول والحلبة الخضراء , كما يتم صنع البريوش وتلوين البيض مستوحيين من الطبيعة أزهى الألوان وكان البعض يلجأ إلى تلوين البيض بألوان طبيعية مثل إستخدام الكارى والكركدية والسلق الأخضر وغيرها .