بات من المؤكد أن مصرنا الغالية تشهد ميلاد عصر جديد وأتمنى بالفعل أن يكون جديد فهو لن يكون جديداً لامعاً براقاً بمجرد تغيير الصفوف القيادية حتى وإن تم هذا التغيير على أوسع نطاق حتى وإن توغل حتى القاع واخترق النخاع ولكن سيكون جديداً حتى إن تغيرت طباع شعب وبشر وقاعدة وطباع آدمية ترسخت على جدران مؤسسات الدولة طيلة عشرات السنين ولم ترتبط طباع بنى المصريين بعصر حاكم مضى أو عمر حكومة ونظام واحد ولى وانقضى وإنما هي قواعد ثابتة داخل عقولنا وقلوبنا نحن أبناء هذا الشعب لابد أن نتحرك جميعاً لتغيرها بكل حزم وقوة فأى لا أزال أذكر دائماً كلمات أحد أبناء السلك القانوني من حملة ماجستير القانون عندما أتصل بى ليطلب من خدمة معينة فقلت له يا عزيزي لك دور سيأتيك فيه حقك فما عاد هناك مكان للوساطة والمحسوبية كما كانت قبل الثورة فرد على بكل حكمة تملأ الابتسامة الساخرة وجهه " ليه هو الشعب اللى اتغير ... دا الحكومة بس يا بيه اللى اتغيرت " فهذا ليس معناه استبدال أبناء الشعب كما استبدلت الحكومة وإنما المطلوب هو إستبدال طباع هذا الشعب والبحث بين أركان هيئاتنا الحكومية عن كل مرتش فاسد وإبلاغ رأس القيادة فى مؤسسة فإن أرتضى هذا الفساد فهو رأس الفساد ومنبعه فلا تركه ودعنا جميعاً من الحكومة والنظام فهم قد رأوا بأم عينهم أن من يخفق أو يبغى فى الأرض فساداً فإن مصيره إلى " سجن طره " وليس ذلك بعزيز على أحد فلقد أصبح الأن مساكن الرؤساء والوزراء والكبار وأبناءهم وذويهم وأعتقد أن ذلك هو أشد رادع لكل من تسول له نفسه أن يتلاعب بأقوات ومستحقات ودخل هذا الشعب الغاضب الثائر الذى عرف الطريق جيداً للبحث عن حقه أينما يكون وأظن بل أثق تمام الثقة أن مصر الدولة المترامية الأطراف سيولد فيها ألف ميدان تحرير وستنجب الأطفال من بطون أمهاتهم ثوار هى ثورة الكبار قبل الشباب أما الشباب الثائرين فهم أصحاب الفضل الأول ليس فى الثورة كلها و انما فى إطلاق الشرارة الأولى للثورة ونزع الفتيل لذا يجب علينا ألا نغفل دور الكبار فهم أصحاب فضل علينا وهم أباءنا وأجدادنا وهم من شجعوا هذا الشباب وساندوه حتى انتهت عثرات تلك الولادة التى بدت فى مقدمتها ولادة متعثرة ولكنها أنجبت مولد ناضجاً يافعاً لم يلحظ المشاهدون فترة طفولته إنها الثورة الشابة الفنية فهى ثورة الكبار والشباب والأطفال والنساء ولعل مشاهد ميدان التحرير وميادين الثورة فى جميع المحافظات التى كانت تكتظ يتلاحم أكتاف الشيوخ و الأباء والنساء جنباً إلى جنب دليل على ذلك فلا يكن الشباب أنانياً حتى ينسب النصر لنفسه فلولا سمح لك والديك بالخروج ولولا احتضنوك بدعواتهم الحارة لما نجحت أنت أيها الشاب النظام البائد أما أنت أيها المواطن والشاب والرجل الذى كنت ضمن صفوف الحزب الوطنى فأولئك شريحة تتعدى الثلاثة ملايين مصرى حملوا كارنيه هذا الحزب الذى كان يمكنه أن يكون الشعاع الذى يستنير به هذا الشعب الطيب إلا أن ركوب أصحاب الأموال المشبوهة ومن لا يملكون من دروب السياسة وهمشوها فما وجد الطاغون فى خدمة البسطاء والباحثون عن قضاء حوائج الضعفاء بلا ولا طريقاً يسلكون إلى هذا فما كان منهم إلا أن سارعوا وتكالبوا على الانضمام لهذا الحزب فليس معنى ذلك أنهم فاسدون إلا البعض منهم الذين أعجبهم الفساد وتمادوا فيه وظهر فسادهم المنوط بحسابهم وأعدوا الفاسدين منهم بلا رجعة لأنهم أفسدوا على الناس حياتهم وسلبوا منهم أمالهم وهناك شريحة من هؤلاء المنضمين بهذا الكيان ضللهم الإعلام الملوث الذى كان دائماً وأبداً لا يعرض إلا النفاق ولا يبالى بموت الضعفاء قهراً وظلماً ولم يتحدث عنهم كذلك صغار الإعلاميين وأصحاب الأقلام الذين كانوا يرفضون من داخلهم الواقع المرير ولكنهم لا يستطيعون اليوم بكلمة واحدة خوفاً على أماكنهم وعلى مصدر أرزاقهم فكانوا يرون أمامهم من يتلفظ أو يبوح بكلمة حق فأنه كان يواجه سلطان جائر فامنحوهم الفرصة فإن أظن أن معظمهم سيكون هو الأشد انتقاماً وانتصارا لنفسه ولشعبه . بقلم : رضا بلال رئيس مجلس ادارة جريدة الطبعة الأولى نقيب عام الفلاحين بالبحيرة