تدرس اسرائيل بجدية تصريحات رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان الخميس التي قال فيها ان القوات البحرية التركية ستواكب من الان وصاعدا السفن التي ستنقل مساعدات انسانية الى غزة، لكنها فضلت في الوقت الراهن عدم الرد عليها مشككة في واقعية تنفيذ هذا التهديد. وقال الوزير الاسرائيلي المكلف الاستخبارات دان ميريدور الجمعة للاذاعة العسكرية ان تصريحات رئيس الوزراء التركي "خطرة وصعبة لكننا لا نريد ان نزيد الجدال حدة". الا ان ميريدور اعتبر ان "تركيا هي التي ستكون من ينتهك القانون الدولي" اذا حاولت كسر الحصار البحري الاسرائيلي على قطاع غزة بالقوة، خصوصا وان بعثة للامم المتحدة اقرت بان هذا الحصار "اجراء امني مشروع". واعتبر مسؤول اسرائيلي رفيع المستوى رفض الكشف عن هويته في تصريح لوكالة فرانس برس، ان مثل هذا الاجراء من قبل تركيا سيشكل "استفزازا بالغ الخطورة". واضاف المسؤول "من الصعب جدا تخيل ان تذهب تركيا الى حد القيام بمثل هذا العمل، بالنظر الى التزاماتها ازاء حلف شمال الاطلسي". واوردت صحيفة "يديعوت احرونوت" الواسعة الانتشار ان وزير الخارجية افيغدور ليبرمان استعرض سلسلة اجراءات رد، وذلك خلال اجتماع خاص للوزارة الخميس. واضافت الصحيفة ان اسرائيل ستحذر رعاياها الذين ادوا الخدمة العسكرية من زيارة تركيا تحسبا لاي ملاحقات قضائية، كما ستدعم "اعتراف مجلس الشيوخ الاميركي بمجزرة الارمن" وستقدم دعما للتمرد الكردي بالاضافة الى تنظيم حملة دبلوماسية ضد تركيا. الا ان مسؤولا رفيع المستوى في الوزارة، صرح لوكالة فرانس برصس ان "الامر مجرد افكار لم تترجم في هذه المرحلة" وتظهر "ضيق صدر وزير الخارجية" الذي يمارس ضبطا غير معهود للنفس يتناقض مع تصريحاته النارية في السابق. وكان اردوغان قال في مقابلة مع محطة الجزيرة التلفزيونية الخميس، ان "السفن الحربية التركية ستكلف حماية السفن التركية التي تحمل مساعدات انسانية الى قطاع غزة" الذي يخضع لحصار اسرائيلي. واضاف حسب ما جاء في الترجمة العربية للمقابلة "من الان فصاعدا لن نسمح بتعرض هذه السفن لهجمات من اسرائيل كما حصل مع اسطول الحرية لان اسرائيل ستلقى هذه المرة الرد المناسب". واكد ان "تركيا ستكون حازمة ومتمسكة باحقية مراقبة المياه الاقليمية في شرق البحر المتوسط" مشيرا الى ان "تركيا اتخذت خطوات لمنع اسرائيل من الاستغلال المنفرد للموارد الطبيعية في شرق المتوسط". وقال ايضا ان "اسرائيل بدأت تدعي حقوقا في المناطق الاقتصادية الحصرية في البحر الابيض المتوسط". واعتبر المدير السابق لوزارة الخارجية الاسرائيلية الون ليان ان "هذا التحذير يجب ان يؤخذ بجدية اكثر من مجرد كونه دعما مفترضا لاسطول متوجه الى غزة، وذلك نظرا الى المصالح التركية في المنطقة". واضاف "لكن مثل هذا العمل ستنطوي عليه تعقيدات بين تركيا من جهة، وقبرص واليونان من جهة اخرى". في المقابل اعتبرت صحيفة يديعوت احرونوت الواسعة الانتشار الجمعة ان نتانياهو فوت فرصة لانقاذ العلاقات مع تركيا عندما رفض تسوية حول صيغة الاعتذار الذي كان من المفترض ان تقدمه اسرائيل لتركيا. واضافت الصحيفة ان الصيغة التي تم التوصل اليها كانت تقوم على ان تقدم اسرائيل اعتذارا حول "اخطاء عملانية" في الهجوم الدامي على سفينة مافي مرمرة التركية التي حاولت كسر الحصار على قطاع غزة، وليس حول شن الهجوم نفسه. وتم التوصل الى هذه الصيغة خصوصا بين ممثلين اسرائيليين واتراك لدى لجنة بالمر التابعة للامم المتحدة والتي كلفت النظر في القضية. وتابعت الصحيفة ان تركيا رضيت بالصيغة على ان يرافقها تعهد بالتعويض على اسر الاتراك التسعة الذين قتلوا في 31 ايار/مايو، وذلك مقابل عدولها عن اي ملاحقة قضائية ضد الجنود الاسرائيليين الذين شاركوا في العملية. ورغم هذا التصعيد افادت مصادر تركية متطابقة الجمعة ان اردوغان لا ينوي التوجه الى غزة، ضمن الجولة التي سيقوم بها الاسبوع المقبل الى دول عربية. وكان اردوغان كرر الثلاثاء نيته التوجه الى غزة الخاضعة لسيطرة حركة حماس الاسلامية، وذلك على هامش زيارة الى مصر. وصرح مصدر من مكتب رئيس الوزراء رفض الكشف عن هويته "حتى الان لا يتضمن برنامجنا زيارة مقررة الى غزة". ومن المتوقع وصول اردغان الاثنين او الثلاثاء الى مصر ومن ثم الى ليبيا وتونس، وهي ثلاث دول شهدت ثورات شعبية وتسعى تركيا الى تعزيز علاقاتها ونفوذها فيها. وفي انقرة، اكد محام الجمعة انه سلم القضاء التركي اسماء جنود اسرائيليين شاركوا في الهجوم على السفينة مافي مرمرة وقتل خلاله تسعة من المواطنين الاتراك، حتى يقوم بالاجراءات القانونية. وفي تصريح لوكالة فرانس برس قال رمضان اريتورك محامي منظمة الاغاثة الاسلامية غير الحكومية التي نظمت الاسطول الى غزة، "قدمنا الى مكتب المدعي في اسطنبول لائحة (بأسماء) الجنود الاسرائيليين الذين اصدروا الامر او شاركوا في الهجوم على الاسطول التركي". واضاف "ننتظر الان ان يصدر مكتب المدعي امرا بالتوقيف". وقد قتل تسعة اتراك منهم تركي-اميركي في الهجوم الاسرائيلي في المياه الدولية للمتوسط في 31 ايار/مايو 2010 على سفينة مافي مرمرة التركية التي كانت تتصدر اسطولا ينقل مساعدات انسانية ومتوجها الى غزة. يشار الى ان العلاقات التي كانت ممتازة بين تركيا واسرائيل، تدهورت خصوصا بعد نشر تقرير للامم المتحدة الخميس حول الهجوم على السفينة التركية. واعتبر التقرير ان الجيش الاسرائيلي لجأ الى "القوة المفرطة" خلال الهجوم الذي شنه في ايار/مايو 2010 وقتل خلاله تسعة اتراك ولكنه اعتبر الحصار الذي تفرضه اسرائيل على قطاع غزة مشروعا.